بدأت تل أبيب تسليط الضوء على «ظاهرة عرب إسرائيل في سوريا»، وانضمامهم للقتال إلى جانب تنظيم «القاعدة» والمعارضة المسلحة. تحذيرات جهاز «الشاباك» قبل أيام أتت في سياق محاكمة أحد الاسلاميين العائدين من سوريا. وحذر «الشاباك» من الظاهرة ومن تحولها لاحقاً إلى ما من شأنه أن يضرّ بالدولة العبرية، وخاصة أن الاسلاميين من حاملي الجنسية الإسرائيلية، سيعمدون إلى نشر أيديولوجيتهم المتطرفة بين «عرب إسرائيل»، إلى جانب الخبرات القتالية التي حملوها معهم من سوريا.
صحيفة «هآرتس» تحدثت، في تقرير لها أمس، عن هذه الظاهرة وعن عينات مختارة جمعتها من القرى والبلدات الفلسطينية، الواقعة ضمن أراضي عام 1984، أي من الفلسطينيين حاملي الجنسية الإسرائيلية، الذين يقاتلون إلى جانب تنظيم القاعدة وفروعه في سوريا.
وقالت الصحيفة إنّ ما لا يقل عن 15 شاباً فلسطينياً من «عرب إسرائيل»، يقاتلون إلى جانب المعارضة المسلحة السورية، فيما تتنصل «الحركة الاسلامية» في الداخل، من المسؤولية، رغم اعلانها تأييد «الثورة السورية»، أما عائلات المقاتلين، فتعبر عن خشيتها من عودة أبنائها قتلى إلى إسرائيل.
«مؤيد اغبارية»، وهو احد سكان قرية «المشيرفة» الواقعة في منطقة وادي عارة (ضمن أراضي عام 1948)، قتل الأسبوع الماضي في سوريا، بعدما انضم إلى المعارضة. ولم يكن إغبارية الوحيد من حاملي الجنسية الإسرائيلية، الذي انضم إلى فصائل المعارضة المسلحة في سوريا. و«بحسب التقديرات المختلفة، يراوح العدد بين 15 و20 شاباً من عرب إسرائيل، خرجوا للقتال في سوريا، بعدما انضموا إلى تنظيمات مسلحة محسوبة على جبهة النصرة وتنظيم القاعدة».
وذكرت الصحيفة أن ذوي المقاتلين الذين أحصتهم، رفضوا التعاون مع تحقيق «هآرتس» «خشية أن يؤدي كلامهم إلى الاضرار بأبنائهم الموجودين في سوريا»، إلا أنّ الصحيفة أكدت في المقابل، أنّ التحقيقات أظهرت أن غالبية الشبان هم في العشرينيات من العمر، ومعروفون بتدينهم وبنهجهم السلفي وبلباسهم ونمط حياتهم الخاص. وكانوا قد خرجوا من إسرائيل متوجهين إلى تركيا على نحو قانوني، ومن هناك فقدت آثارهم.
وقالت الصحيفة إنّ «مؤيد اغبارية»، الذي قتل في صفوف «جبهة النصرة»، حاول عام 2006 الذهاب إلى العراق للانضمام إلى تنظيم القاعدة، لكن والده لحق به وأعاده إلى إسرائيل «الا أن اغبارية غافل والده هذه المرة، وتوجه مع اثنين من رفاقه من مدينة أم الفحم إلى سوريا، واختفت آثارهم».
عائلة «محمد ياسين»، 25 عاماً من بلدة طمرة الواقعة في الجليل الغربي في شمال فلسطين المحتلة، توجه هو الآخر إلى سوريا للقتال إلى جانب المعارضة المسلحة، لكنه «يتصل بعائلته مرة كل أسبوع أو اسبوعين، ويطمئنها إلى حالته». أما «حكمت مصاروة»، ابن الـ29 عاماً من مدينة الطيبة في وسط إسرائيل، فتسلل إلى سوريا عبر تركيا «انطلاقاً من دوافع عقائدية، وانضم إلى صفوف المسلحين»، فيما كان «عبد القادر التلة»، 29 عاماً، من مدينة الطيبة أيضاً، يدرس الصيدلة في الجامعات الأردنية، وقرر التوجه إلى سوريا عبر تركيا، إلا أنّه لدى عودته إلى إسرائيل، جرى اعتقاله في مطار بن غوريون، مثله مثل عدد كبير من المقاتلين الذين قرروا
العودة. وفي اتصال لـ«هآرتس» مع «الحركة الاسلامية» في الداخل، أكد مسؤولوها عدم مسؤوليتهم عن «التحاق الشبان بسوريا». وقال نائب رئيس الحركة، الشيخ كمال الخطيب، إنّه «ما من إمام من أئمة المساجد التي تنشط فيها الحركة، يدعو للانضمام إلى المعارضة المسلحة في سوريا». وأكد أنّ «الحركة تؤيد الثورة في سوريا، لكنها تعتقد بأن الشعب السوري قادر على تحمل المسؤولية وحده»، مضيفاً «نحن كفلسطينيين نتحمل مسؤولية ما يحدث هنا، والقضايا الملحة المطروحة هنا، هي على رأس سلم أولوياتنا، ولا ينبغي أن نبحث عن صراعات خلف الحدود، أما من يربط بين هذه الظاهرة والحركة الاسلامية، فيهدف فقط إلى التحريض علينا».