القاهرة | «بياكلوا كنتاكي، وبيقبضوا بالدولار، عشان كده قاعدين قايمين نايمين في الميدان»، شائعات نشرها جهاز أمن الدولة المصري أثناء اعتصام ثوار «25 يناير» في ميدان التحرير، ولاقت قبولاً لدى قطاع ليس بقليل من الشعب المصري. ويبدو، من خلال تجربة اعتصامات أنصار الرئيس المعزول في «رابعة العدوية» و«النهضة»، أن الأمن لم يتخل عن سلاحه القديم، حيث ضربت في حينها الشائعات مجدداً. «الشائعة»، أو الأكذوبة كما يصفها مناصرو «الإخوان»، كانت هذه المرة «جهاد النكاح» في اعتصام «رابعة»، وتصريحات من أشخاص غير معلومي الهوية مفادها أنه ضُبطت عشرات الحالات تمارس هذا النوع من الجهاد. لكن لم تلبث هذه الشائعة أن اضمحلت، بعدما أدت الغرض المراد منها في تشويه صورة الحراك «الإخواني».
في جولة لـ«الأخبار»، في اعتصام «رابعة العدوية»، قبل فضه، لوحظ وجود أُسَر من مختلف المحافظات داخل خيم مغطاة تسدل ستائرها عليهم في أواخر الليل، ليبيتوا في أمان بين إخوانهم المعتصمين، الذين يشاركونهم الإيمان بالقضية نفسها، «لم نخف يوماً من أن يقتحم جيراننا في أي خيمة، خيمتنا، فكيف لكي أن تسألينا عن خرافة جهاد النكاح»، قالت في حينها أم رشا، التي أتت من دلتا مصر مع زوجها وابنتيها للاعتصام.
الأم البالغة من العمر 38 عاماً، غير منضوية في صفوف الجماعة، بل زوجها هو عضو في إحدى شعبها، ولبّت دعوته للمبيت في الميدان إيماناً بالقضية، وتضيف: «بناتي هنا اليوم ليدافعن عن مستقبل حريتهن التي يسعى العسكر إلى القضاء عليها، نحن لسنا في سوق لنبيع بناتنا هنا، أو نعذب بنات غيرنا من أجل خرافة جهاد النكاح».
رِهام فتاة عشرينية، حرصت على الحضور في ميدان الاعتصام بنحو شبه يومي قبل فضّه بالقوة، تقول لـ«الأخبار»: «كنت أحضر إلى هنا باستمرار ولا يوجد صحة لمثل هذه الشائعات؛ الكثير من أصدقائي ومعارفي كانوا يحضرون ويبيتون في الخيام، وكانوا يأمنون على أبنائهم وبناتهن، لم نلحظ يوماً وجود مثل هذه الترهات إلا من الإعلام»، مؤكدةً أنهم حين كانوا ينزلون الى الاعتصام، كانوا يفعلون ذلك لإيمانهم بقضية عادلة، ومن المؤكد أنهم لم يتركوا منازلهم وأشغالهم ليمارسوا النكاح في خيم الاعتصام.
رِهام تقيم على بعد أمتار من إشارة «رابعة»، حيث كان الاعتصام، غير أن زوجها الطبيب الإخواني، فضل أن يبيت في الميدان «دفاعاً عن شرعية الرئيس محمد مرسي، وضد الانقلاب العسكري الذي يرى أنه يعيد إنتاج دولة مبارك من جديد».
شاب إخواني عشريني يدعى محمد عبد المنعم، شارك في اعتصام «رابعة» منذ بدايته، ويفترض أن يكون هدفاً جيداً لجهاد النكاح. يستهزئ في حديث لـ«الأخبار»، بشائعة انتشرت ثم اضمحلت لأنها سراب، ويؤكد أنه لم ير أي مشاهد أو عروض عن مظاهرة «جهاد النكاح»، موضحاً أنه والكثير من رفاقه الشباب كانوا يحضرون بنحو شبه يومي، ولم يحصل أن تلقى هو أو أي من رفاقه، الذين يبيتون بالميدان مثل هذه العروض.
«شائعة» جهاد النكاح، بدأت بنشرها حركة «إخوان بلا عنف»، التي أكد مؤسسوها أنهم رصدوا ممارسات «غير أخلاقية» من جانب قيادات جماعة «الإخوان المسلمين»، تجاه النساء المعتصمات في «رابعة العدوية»، وتعذيبهن بسبب رفضهن لما يطلق عليه بنكاح الجهاد ورفضهن الزجّ بالأطفال في الاعتصام. وقالت إن قرار «جهاد النكاح» جاء بأمر قيادي من المرشد العام، محمد بديع، الذي اعتُقل بعد فضّ الاعتصام ببضعة أيام.