بينما كان وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف، يبحث المسألة السورية مع المسؤولين العراقيين في بغداد، أكد مساعد قائد هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقري، أن لا جرأة لأحد على شنّ عدوان ضد البلاد. وفي الوقت الذي رأت فيه طهران أن الضربة العسكرية الأميركية المحتملة ضد سوريا «غير قانونية» وفقاً لميثاق الأمم المتحدة، رأت بغداد أنها «ستشعل ناراً في العراق والمنطقة».
وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره العراقي هوشيار زيباري في بغداد أمس، إن «البلدان المتحضرة رفعت خيارات القوة عن الطاولة قبل 65 عاماً عندما رفضت في ميثاق الأمم المتحدة اللجوء اليها باعتبارها ممارسة غير قانونية». وتساءل: «لماذا (هذه البلدان التي تدعم الضربة) تسمي نفسها أمماً متحضرة وتواصل القول بإلحاح إن كل الخيارات على الطاولة؟»، مضيفاً أن «كل الخيارات قد سُحِبت عن الطاولة منذ زمن طويل جداً».
بدوره، أكد زيباري موقف بلاده الرافض للتدخل العسكري الغربي في سوريا ومعارضته أن تكون بلاده منطلقاً أو ممراً لأي عمل ضد هذا البلد. وقال: «نحن نعمل مع الاطراف لتأكيد الحل السلمي في سوريا، وطرحنا الموضوع في الجامعة العربية»، مؤكداً أنه «لن يستطيع احد حل مشاكل سوريا الا السوريين».
ورأى زيباري ان توجيه ضربة عسكرية إلى سوريا من شأنه «تعطيل العمل السياسي». والتقى ظريف خلال زيارته الاولى لبغداد منذ تسلمه منصبه، رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، وعدداً من كبار المسؤولين العراقيين، بينهم رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي.
ودعا المالكي خلال لقائه الوزير الإيراني الى «المزيد من التعاون لمواجهة التحديات التي تمر بها المنطقة، ولا سيما موجات التطرف والإرهاب والتحريض الطائفي»، حسبما افاد بيان اصدره مكتبه الاعلامي.
وقال رئيس الوزراء العراقي إن «الطائفية لا تقلّ خطورة عن السلاح الكيميائي»، مؤكداً «موقف العراق الداعي إلى إيجاد حل سياسي للازمة السورية التسي تزداد تعقيداً بسبب التدخلات الخارجية». واضاف ان «إيجاد حل سياسي للأزمة السورية سيكون في مصلحة جميع الأطراف الداخلية والإقليمية».
بدوره، أعلن النجيفي ان «الضربة لن تكون مفيدة وستشعل ناراً يمكن ان تمتد الى العراق والى دول الجوار». واكد النجيفي وجود تطابق كامل في وجهات النظر بينه وبين المالكي حول الموضوع السوري، قائلاً: «نعتقد انا ورئيس الوزراء أن الضربة ستكون عاملاً لمزيد من النار، وقد تكون هناك ردود أفعال». واضاف ان «العراق غير مستعد لأن يكون طرفاً ويدعو الجميع الى حل سلمي». وكان المالكي والنجيفي قد أكدا في بيان أول من أمس «الموقف الوطني الموحد الرافض للتدخل العسكري في سوريا». وتابع النجيفي أن «الضربة العسكرية ليست مؤكدة، ونحن نؤكد أنها لن تقدم خيراً للمنطقة، بل ستزيد صعوبة الأمور». في السياق، أكد رئيس مجمّع تشخيص مصلحة النظام، أكبر هاشمي رفسنجاني، خلال استقباله السبت أعضاء «لجنة أبناء الشهداء والمضحين»، أن «الاستكبار العالمي بصدد فرض همينته على المسلمين والدول الاسلامية في المنطقة، وفي ما يتعلق بسوريا أيضاً فإنهم يطلقون التهديدات بالتدخل والهجوم المباشر على هذا البلد». وأدان رفسنجاني بشدة التهديدات الأخيرة التي تطلقها أميركا وبعض الدول العربية ضد سوريا، قائلاً: «من المؤسف فإن الشعب السوري يعاني منذ نحو عامين من حرب أهلية وأنواع المحن والتشرد بشكل قل نظيره، وفي الوقت الحاضر ايضاً يتعرض لتهديد خارجي بذرائع لم يتم التأكد منها لحد الآن حول استخدام السلاح الكيميائي».
وفي اشارة الى ما نقلته عنه وكالة الأنباء العمالية انه حمّل النظام السوري مسؤولية استخدام الاسلحة الكيميائة ضد شعبه، قال رفسنجاني: «أخيراً نُسب الي حديث عن سوريا، وكان ذريعة لوسائل الإعلام هذه لسوء استغلال وممارسات تخريبية جديدة، وهذا ليس له صحة اطلاقاً».
واضاف عضو مجلس خبراء القيادة: «إن استخدام أسلحة الدمار الشامل ومن بينها السلاح الكيميائي، من قبل اي شخص او جماعة او حكومة امر مذموم ومدان في جميع العقائد والاديان، وخاصة في الدين الاسلامي المبين».
الى ذلك، قال اللواء باقري، في مراسم افتتاح مقر عمليات الدفاع المدني أمس: «اذا كنا قبل اعوام، بعد حدوث الهجوم الأميركي على العراق، قلقين من قيام العدو بهجوم بري او بأشكال اخرى ضد البلاد، فإنه اليوم لا جرأة لأحد للقيام بذلك». واكد مساعد قائد الأركان العامة للقوات المسلحة الايرانية أننا «سنأتي الى الساحة بكل قدراتنا في الدفاع عن البلاد، فدفاعنا اصبح اقوى وقدراتنا الرادعة امام الاعداء تتعزز يوماً بعد يوم». واليوم، يجري مساعد وزیر الخارجیة للشؤون العربیة والافریقیة حسین امیر عبداللهیان، في موسكو، مشاورات مع المسؤولین الروس حول آخر المستجدات في المنطقة، ولا سیما الازمة السوریة.
(رويترز، أ ف ب، فارس، مهر)