القاهرة - بعدما تمردت على حكم «الإخوان»، يبدو أن حملة «تمرد» بدأت في التمرد على مبادئها الثورية، التي انطلقت من خلالها، وهي الداعية إلى دولة مدنية تستكمل الثورة على فساد حكم العسكر، الذي عهدته مصر منذ عام 1956.
يظهر ذلك جلياً في تصريحات أعضائها، الذين يجاهرون بتأييد عسكرة الدولة والنظام الحالي، الذي يمهد الطريق لرئيس عسكري خلفاً للمعزول محمد مرسي، كما جاء على لسان مؤسسها أخيراً محمود بدر، بتشجيعه وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي على الترشح الى الرئاسة. تمرد التي انطلقت من الشارع وعدّته بيتها الحقيقي، تركته بعد بيان «3 يوليو»، الذي قضى بعزل مرسي ودخول البلاد في فترة انتقالية جديدة، وسارعت الى تأييد السلطة الانتقالية في مختلف القرارات، بدءا من فض اعتصام رابعة العدوية، الى لجنة الخمسين لتعديل الدستور، التي ضمن تشكيلها اثنان من أعضاء الحركة، هما محمود بدر ومحمد عبد العزيز.
اليوم، تترك الحركة الشبابية الأمر للعسكر ليقود البلاد، لم تنطق ببنت شفة عن تجاوزاته الأمنية التي نالت من الإسلاميين. شباب الحركة، وأغلبهم في العشرينات من العمر، انتفضوا ضدّ دعم قطر لمصر، ورأوا أنها تتعامل مع مصر بمبدأ «البيع والشراء»، منتقدين عدم تعامل مرسي بسياسة الندية معها. وعندما تكرر الدعم المالي نفسه من السعودية والإمارات، لم تنتقد، بل على العكس خرج أعضاؤها مؤيدين مهللين شاكرين دعمهما.
محمد هيكل، عضو المكتب السياسي للحركة، يقول لـ«الأخبار» «نحن نحيي وندعم موقف السعودية والامارت، الذي يؤيد الدولة المصرية ضد الارهاب، لذا فواجب جميع المصريين أن يكنوا لهما تقديرا واحتراما على هذا»، موضحا أن «قطر كانت تدعم الإرهاب، المتمثل في جماعة الإخوان المسلمين، لا الدولة المصرية».
وبالنسبة إلى الانتقادات التي نالت من الحركة عقب بيان «3 يوليو»، بأنها صنيعة الاستخبارات المصرية، أو أنها تحولت إلى أداة في يد العسكر، رفضها هيكل بشدة قائلاً إن «من يدعي ذلك يكذب دون أدلة»، مشيرا إلى أن الحركة تسعى إلى تحقيق أهداف الثورة عبر الدستور، بحيث تتضمن بنوده نصوصاً تعمل على تطبيق شعاري الثورة «الحرية والعدالة الاجتماعية»، إضافة إلى الحقوق المدنية.
وأكد أن الحملة حققت هدفها في سحب الثقة من مرسي، وستلتزم بخارطة الطريق التي وافقت عليها، والمعلنة منذ «3 يوليو»، موضحا أنها تحولت من حركة احتجاجية لحركة بناء الدولة.
مصير الحركة، وتحويلها إلى حزب من عدمه، سيحددان طبقا لقانون الانتخابات، ويقول هيكل «نحن نسعى إلى خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، وإذا لزم خوضها تأسيس حزب، فسنلجأ لذلك، فالأمر لم يتبلور بعد».
من جهته، يقول الباحث السياسي، صلاح لبيب، لـ«الأخبار» إن «حركة تمرد نشأت على مستويين؛ الأول شعبي اعتراضا على سياسات مرسي، لكنّ الداعمين لها إعلاميا وماليا كانوا من أجنحة السلطة المختلفة ورجال أعمال وشخصيات كان لها خصومة سياسية مع جماعة الإخوان»، موضحا أنه «يوما بعد يوم ستتكشف حقائق عن هذا الدعم، ولعل ليس آخرها ما نشرته صحف أجنبية عن اجتماعات لشباب «تمرد» مع جنرالات عسكريين قبل إطاحة مرسي، جرى الترتيب فيها لما بعد الانقلاب».
ويضيف «إذن حركة تمرد نشأت فى حضن السلطة، وليس من السهل إسباغ صفة الشعبية عليها؛ فهي حركة تأسست لإسقاط نظام فقط، وليس لها أفكار وأطروحات خاصة»، متسائلاً «كيف للحركة أن تروج لنفسها بأنها ثورية ومن ثم تتضامن مع السلطات العسكرية في كل مواقفها منذ 30 يونيو حتى الآن؟»، موضحاً أن «ما يؤكد تضامنهم مع السلطة هو إعلان عدد من قادتها دعمهم للفريق أول عبد الفتاح السيسي رئيسا لمصر، فضلا عن رفضهم المصالحة الوطنية مع الفصيل الاسلامي».
وبحسب لبيب، فان «من الواضح وجود توافق أيديولوجي ومصالح بين قادة «تمرد» والسلطات الحاكمة؛ فهؤلاء القادة أغلبهم ناصري التوجه، وهو ما يوضح سر انعكاس هذا التوافق الأيديولوجي على المواقف التي يتخذونها».