تونس | في الوقت الذي دعا فيه نائب رئيس كتلة حركة النهضة في المجلس الوطني التأسيسي، وليد البناني أمس إلى الاعتصام أمام مكتب رئيس المجلس لإجباره على استئناف عمل هذه المؤسسة، دعا الزعيم التاريخي لليسار الراديكالي المتحدث الرسمي باسم الجبهة الشعبية حمة الهمامي، إلى التعبئة العامة يوم ٧ أيلول لإسقاط الحكومة. وهو الموعد الثالث الذي تعلنه جبهة الإنقاذ الوطني لإسقاط الحكومة التي تهيمن عليها «النهضة».
دعوة الهمامي لم تكن هي الوحيدة للتعبئة الشعبية؛ إذ دعت «رابطات حماية الثورة» المحسوبة على حركة النهضة إلى تظاهرات حاشدة يوم الجمعة في ٦ أيلول المقبل لتثبيت الشرعية، بينما طالبت بإقالة مصطفى بن جعفر من رئاسة المجلس الوطني، إذ تصنفه الآن هذه الرابطات باعتباره من «الخونة» ومن زعماء «الثورة المضادة».
لقد أصبحت الأوضاع في ظل تعنت «النهضة» وحليفها «حزب المؤتمر من أجل الجمهورية» تهدد استمرار الدولة نفسها، في ظل انتشار تجارة السلاح واختراقات الجهاز الأمني، فيما حذر رئيس أركان الجيوش المستقيل رشيد عمار، من «صوملة» تونس وتحميله ضمنياً مسؤولية ذلك للحكومة ومن ورائها حركة النهضة المتهمة بالتواطؤ مع السلفيين والجهاديين في جبل الشعانبي.
وكان يفترض أن تنتهي المفاوضات بين الهمامي وزعيم حزب «نداء تونس» الباجي قائد السبسي ظهر أمس، لكن قيادة الاتحاد العام أكدت أنّ هذا اللقاء المزمع عقده اليوم صباحاً هو اللقاء الأخير، إذ ستتخذ المنظمات الراعية للحوار الوطني القرار النهائي وتحدد أشكال تحركاتها.
وينسجم قرار المنظمات الراعية تماماً مع ما أعلنه قائد السبسي والهمامي في اللقاء الصحافي الذي عقداه يوم أمس وحضرته «الأخبار»، إذ أكد كلاهما أن الحوار يوشك على النهاية وأنه لا يمكن أن يتواصل إلى ما لا نهاية. وأكدا أيضاً ضرورة التصعيد لإسقاط الحكومة من طريق الضغط الشعبي السلمي.
وبعد أكثر من شهر على اغتيال الزعيم الناصري القيادي في الجبهة الشعبية محمد البراهمي، أصبحت المواقف أكثر وضوحاً؛ فقد أصبحت الخلافات في حركة النهضة وبين قياداتها واضحة وبارزة للعيان ولم يعد ممكناً التكتم عليها؛ فهناك من قيادات «النهضة» من يدعو إلى التمسك بـ«الشرعية»، حتى لو أدى الأمر إلى التخلي عن بن جعفر والدفع في اتجاه إنجاز الانتخابات بالطريقة التي تريدها «النهضة».
لكن هذا السيناريو سيقود الحركة إلى العزلة السياسية الكاملة، ليس داخلياً فقط، بل حتى إقليمياً ودولياً. لذلك برز شق آخر في «النهضة» يعمل على ضمان وجودها في المشهد السياسي وإنقاذها من السيناريو المصري، وخصوصاً بعد تسريب معلومات عن علاقة بعض قيادات الحركة المهيمنة على الحكم بتنظيم أنصار الشريعة المتهم بالإرهاب.
مصدر قريب من السبسي قال لـ«الأخبار» إن السيناريو الأقرب سيكون استقالة الحكومة خلال هذا الأسبوع استجابة لضغوط المعارضة وإعلانها كحكومة تصريف أعمال، وفي نفس الوقت يستأنف المجلس التأسيسي أشغاله ويبدأ الحوار الوطني حول تشكيل حكومة كفاءات مستقلة تقود البلاد إلى الانتخابات المقبلة، وذلك بعد إتمام الدستور بالاستعانة بلجنة خبراء في القانون الدستوري، وإنهاء القانون الانتخابي، وتشكيل الهيئة المستقلة للانتخابات.
تنتهي كل هذه الخطوات يوم ٢٣ تشرين أول المقبل؛ إذ سيكون الرئيس المؤقت، المرزوقي، مُخيّراًَ بين الاستقالة أو سحب الثقة منه واختيار رئيس آخر بالتوافق.
هذا ما لمّح إليه زعيم «النهضة» راشد الغنوشي، منذ أيام في حواره على قناة «نسمة» عندما طالب المرزوقي بالاستقالة إذا كان يرغب في دورة رئاسية جديدة. الى ذلك، فرّ 49 سجيناً منتصف ليل الأحد من السجن المدني في مركز ولاية قابس (جنوب تونس) بعدما اعتدوا على الحراس، لكن الشرطة أعادت 32 منهم، حسبما اعلنت وزارة الداخلية أمس.
وقال المدير العام للسجون والإصلاح في وزارة العدل التونسية، الحبيب السبوعي، لوكالة «فرانس برس» إن «حراس سجن قابس الذي يؤوي 215 سجيناً، لبوا نداء استغاثة من إحدى الزنزانات وعندما فتحوا بابها اعتدى عليهم السجناء بالضرب ثم هربوا».