بينما يستمر زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر في تصعيد لهجته الخطابية والتهديدية، كان آخرها إعلانه أن بيان اجتماع «التحالف الوطني» في كربلاء لا يمثله، وتهديده بالإيعاز إلى كتلته السياسية «الأحرار» بعدم حضور اجتماعات «التحالف الوطني»، وتحذيره الأخير للسفارتين الأميركية والبريطانية بالسكوت أو مغادرة «المنطقة الخضراء» المحصنة، علمت «الأخبار» من مصدر مطلع قريب من «التيار الصدري» أن الصدر قد يصدر، خلال الأيام القليلة المقبلة، أوامر جديدة لأتباعه تتضمن تنفيذ «عصيان مدني» واعتصامات في داخل «المنطقة الخضراء».المصدر قال إن الصدر سيلجأ إلى تلك الخيارات في حال عدم تنفيذ مطالبه و«المشروع الإصلاحي» الذي دعا إليه، في المهلة التي حددها خلال 45 يوماً بتشكيل حكومة تكنوقراط. كذلك، أشار المصدر إلى أن الدعوة إلى الاعتصامات، ستسبقها الدعوة للعصيان المدني.
وبيّن المصدر أن الصدر ماضٍ في تنفيذ تلك الخطوات في حال عدم وجود مفاوضات وحوارات جادة بين قادة «التحالف الوطني» وائتلاف «دولة القانون» مع كتلته، للوصول إلى صيغة حلّ ترضي جميع الأطراف وتنهي التظاهرات وحالة الغليان الشعبي، نافياً في الوقت ذاته علمه بتوقيت تلك الدعوات.
يبحث «دولة القانون»
عن «وسيط» للتفاوض
والحوار مع الصدر

ودعا الصدر، مساء أمس، طلبة الجامعات إلى الاستمرار في تظاهراتهم والثبات، وذلك في معرض رده على سؤال وجهه إليه أحد أتباعه. كما طالب الحكومة بـ«معاقبة ما يصدر من إرهاب ممنهج ضدهم».
وكان المئات من طلبة الجامعات في بغداد ومدن عراقية عدة قد نظموا تظاهرات حاشدة أمام جامعاتهم للمطالبة بإقالة وزير التعليم والقيادي البارز في حزب «الدعوة» حسين الشهرستاني.
في موازة ذلك، علّقت النائب عن «التيار الصدري» وفاء عراك على تلك المعلومات، مشيرة إلى أن التظاهرات الشعبية التي تشهدها مختلف المدن العراقية ستستمر لحين تحقيق «التغيير الجوهري» الذي دعا إليه رئيس الحكومة حيدر العبادي أخيراً. عراك أكدت لـ«الأخبار»، أن المعطيات الحالية تشير إلى عدم استجابة الكتل السياسية لمطالب إجراء تغيير وزاري شامل، فضلاً عن تمسكها بوزرائها على اعتبارها استحقاقات انتخابية وضمن آلية المحاصصة السياسية والطائفية.
في هذه الأثناء، كشف قيادي في ائتلاف «دولة القانون» أن ائتلافه يبحث عن «وسيط» يمكن من خلال التفاوض والحوار مع الصدر، بعد اخفاق اجتماع «التحالف الوطني» واختلاف وجهات نظر قادة «التحالف»، بحسب ما أقرّ به وزير الخارجية إبراهيم الجعفري في تصريحات نشرها مكتبه. القيادي قال لـ«الأخبار» «إننا نحاول اليوم منع وصول العلاقة بين التيار الصدري وحزب الدعوة ودولة القانون إلى حالة من القطيعة أو الانهيار»، مقراً بأن العلاقة مع «التيار الصدري» تتجه نحو الأسوأ.
من جهته، دعا عضو مجلس النواب عن ائتلاف «دولة القانون» النائب عبد السلام المالكي رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي إلى عدم الرضوخ «للضغوط والمساومات» من بعض الأطراف السياسية الساعية لتحقيق مكاسب لها على حساب المصالح العليا، مضيفاً أن «على العبادي أن يكون أكثر قوة وصلابة في فرض إرادة الشعب، وألا يرضخ لإملاءات الآخرين لكونه يمثل الكتلة النيابية الأكبر والأكثر عدداً، بحسب تفسيرات المحكمة الاتحادية وهي دولة القانون، التي لها الحق الوحيد بتشكيل الحكومة».
أما رئيس المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم، فقد رأى أن اختزال جميع المشاكل بتغيير عدد من الوزراء عملية هروب إلى الأمام وتدوير للأزمة، وليس إدارتها، مؤكداً أن تحرير حوض الثرثاء بداية لحسم معركة الفلوجة. وقال في كلمته في الملتقى الثقافي الأسبوعي «كنا ومازلنا وسنبقى نؤمن بمشروع بناء الدولة والمؤسسات، ونعتقد بأن أي عمل سياسي يجب أن ينطلق من رؤية بناء الدولة، وأن يكون هدفه تقوية ركائز الدولة، ونرى الضوء في نهاية هذا النفق المظلم». وأشار إلى أن «التغيير الذي نسعى للاتفاق عليه مع إخوتنا وشركائنا يعتمد على أن يكون تغييراً مدروساً وضمن معايير واضحة، وأن يتخذ رئيس الوزراء حيدر العبادي حزمة من التغييرات المهمة في عملية إصلاحية واحدة كبيرة ومحسوسة، تبدأ بتغيير مجموعة من المواقع الوزارية، ويطلب من القوى السياسية المشاركة في الحكومة، بتقديم خيارات جديدة ضمن مواصفات ومعايير علمية يضعها، وصولاً إلى فريق وزاري منسجم مع رؤيته وتطلعاته للمرحلة المقبلة في عملية بناء الدولة والمؤسسات كمرحلة أولى».
في مقابل كل ما تقدم، رفض العبادي في كلمة وجهها إلى العراقيين، مساء أمس، «سياسة الأمر الواقع، وزعزعة أمن العاصمة الحبيبة بغداد وأمن باقي المحافظات»، مؤكداً أنه لن يسمح أبداً بـ«المظاهر المسلحة خارج نطاق الدولة وتهديد أمن المواطنين والتجاوز على نقاط التفتيش ومرور المسلحين من خلالها».
وقال العبادي إن موقفه ثابت «في ضمان حق التظاهر السلمي، وفق السياقات القانونية وضمن الأماكن التي حددتها الأجهزة الأمنية»، مشيراً إلى أنه والمتظاهرين في خندق واحد لا في خندقين. كما اعتبر العبادي أن «الحكمة ليست ضعفاً كما يتوهم البعض ويخطئ في حساباته، إنما هي تقدير للأمور وإحساس عالٍ بالمسؤولية وحساب دقيق وقراءة متعلقة بالنتائج وتغليب للمصلحة العليا للبلد».