غزة | محمد إبراهيم، شاب غزاوي يبلغ من العمر 25 عاماً. تخرج من جامعة الأزهر ــ غزة قبل ثلاثة أعوام، في اختصاص الخدمة الاجتماعية. علم أن إحدى الجمعيات الخيرية تحتاج إلى «باحث اجتماعي»، فظن أن الفرصة قد جاءته وأن القدر أخيراً قد ابتسم له، وسيحصل على وظيفة في مجال اختصاصه، وخصوصاً في ظل الظروف الاقتصادية التي يعانيها. ذهب محمد في الصباح الباكر إلى مركز الجمعية بكامل أناقته، وسأل عن مكتب التوظيف، وعبّأ ورقة طلب العمل قبل الدخول للمقابلة المباشرة. في بداية المقابلة طرح عليه عدة أسئلة، منها مؤهلاته العلمية وخبراته العملية والمعلومات الشخصية، قبل أن يفاجأ في سؤال جرى التشديد عليه: ما هو أقرب مسجد لبيتك؟ استفسر محمد عن هذا السؤال الغريب، فجاءه الردّ: كي نسأل عنك أسرة المسجد.
أخبرهم محمد عن أقرب مسجد وعاد إلى بيته وعلامة اليأس على وجهه. قال لـ«الأخبار» إنه لم يحصل على الوظيفة لأنه ليس على علاقة مع أحد في المساجد، وأنه يقبل عليها للصلاة فقط، موضحاً أن سؤال الجمعية كان ضرورياً لها، لأن من يريد الحصول على الوظيفة لديها، عليه أن يكون من الملتزمين الدائمين في ارتياد المساجد.
لا يختلف حال رشاد زينهم عن محمد كثيراً. رشاد تقدم لطلب وظيفة منتج إذاعي في قسم المونتاج في إذاعة الأقصى. وأيضاً فوجئ أثناء تعبئته طلب التوظيف أن يكتب اسم ومكان أقرب مسجد لبيته. ورغم أنهم في الإذاعة قدروا كفاءته في العمل، لكن سؤال المسجد كان شرطاً أساسياً للعمل في إذاعة الأقصى.
يقول رشاد لـ«الأخبار» إن «أسرة المساجد في غزة أصبحت مثل المخابرات في عملها قديماً، أي إنها تقدّم تقريراً كاملاً عن كل شخص في منطقتها»، مضيفاً أن «المساجد هي أماكن تجمع المسلمين لعبادة الله، لا لتقديم تقارير كاملة عن الناس».
ما حصل مع رضا أحمد يختلف قليلاً عن محمد ورشاد. رضا شاب في الـ٢٤ من عمره، تخرج من جامعة القدس المفتوحة في اختصاص الإدارة والاقتصاد قبل عامين. ومنذ ذلك الوقت وهو يبحث عن عمل، الأمر الذي دفعه للجوء لأحد جيرانه، الذي يعمل في مقر رئاسة الوزراء لمساعدته في التقدم لطلب وظيفة حكومية. غير أن الجار سأله إذا كان ملتزماً أداءَ صلواته في المسجد، فردّ عليه رضا بأنه يصلي في بيته، فأخبره أنه إذا أراد أن يحصل على الوظيفة، فعليه الالتزام في أقرب مسجد له، وأن يكون على علاقة دائماً مع أسرة المسجد؛ لأنها من سيعطي تقويماً كاملاً عنه وتساعده في الحصول على وظيفة.
النائب في المجلس التشريعي عن كتلة التغيير والإصلاح التابعة لحركة «حماس»، فرج الغول، أكد في حديث لـ«الأخبار»، أن السؤال الذي يطرح أثناء مقابلات التوظيف عن أقرب مسجد، هو مجرد سؤال شفوي لا غير، وليس له أي تأثير بالحصول على الوظيفة. وقال إنه لم تُقدَّم أي شكاوى بهذا الخصوص، وإنه في حال حصول ذلك، فإن المجلس التشريعي على استعداد لمناقشة الموضوع.
غير أن مدير مركز الديموقراطية وحقوق العاملين في غزة، نضال غبن، أكد أن المركز استقبل العديد من الشكاوى على سياسة التوظيف في حكومة غزة والجمعيات التابعة لحركة «حماس»، بخصوص الاستعلام عن أقرب مسجد. وقال لـ«الأخبار» إن ما يجري في مجتمعنا الفلسطيني هو تسييس للقمة العيش من خلال وضع معايير تتنافى مع كل المعايير الإنسانية المتعلقة بتوفير فرصة عمل. وشدد على أن هذا المعيار الذي يعتمد عليه كمعيار أساسي لسياسة التوظيف في الحكومة المقالة أو المؤسسات التابعة لها هو شكل من أشكال التسييس «فإذا كنت تصلي في المسجد تحصل على فرصة عمل، وإن لم تكن تبقى عاطلاً من العمل»، مشيراً إلى أن المجتمع الغزي «متنوع لأننا أساساً مسلمون بالفطرة، غير أن هناك الكثير من الناس الذين لا يرفضون الصلاة في المسجد؛ نظراً إلى التجاذبات السياسية والحزبية الموجودة فيها».
وأشار إلى أن تسييس التوظيف في غزة هو أعلى مستوى من مستويات الفساد، مستغرباً كيف يسمح لأمير مسجد أن يتحكم في لقمة العيش وأن يعطي صكوك الغفران والحق بالعمل.
مدير مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان، خليل أبو شمالة، يرى في حديث لـ«الأخبار» أن مثل هذه الأسئلة في طلبات التوظيف مخالف للقانون ولمبادئ حقوق الإنسان، ويقول: «ما نراه في غزة يؤكد أن هذه الجهات لا تريد أن تفتح باب التوظيف لمن هم غير أبناء حركة «حماس»، وهناك توصيات تكون من كبار الموظفين بهذه المسائل، والدليل على ذلك أن 95 في المئة من موظفين الحكومة هم من أبناء حماس»، مشيراً إلى المردود السلبي لهذا الأمر على أداء الإدارة العامة، بحيث يؤدي إلى تراجع في كفاءاتها.



صواريخ على أشكول

أعلنت مصادر إعلامية إسرائيلية سقوط صاروخين أُطلقا من قطاع غزة باتجاه النقب الغربي جنوب الدولة العبرية.
وقالت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية إن الصاروخين سقطا في المجلس الإقليمي في اشكول بالنقب الغربي دون أن يبلغ عن إصابات أو أضرار.
من جهة ثانية، فتحت السلطات المصرية معبر رفح البري أمس جزئياً ولفئات محدودة، محصورة بأصحاب الإقامات وحملة الجوازات الأجنبية والمرضى حاملي التحويلات الطبية فقط.
(الأخبار)