القاهرة - ساعات قليلة على انتهاء وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي من خطابه الصاعق، حتى انعقدت أولى جلسات المصالحة الوطنية. جلسة يمكن القول إنها لم تأت على قدر الآمال المعقودة عليها، ولا يمكن عدّها جلسة مصالحة وطنية، في ظل غياب الإسلاميين عنها وبينهم حزب «النور» السلفي، الذي سبق أن وافق على خريطة الطريق الانتقالية.
وعقب انتهاء اللقاء، ﺃﺻﺪﺭﺕ ﺭﺋﺎﺳﺔ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺑﻴﺎﻧﺎً ﺗﻔﺼﻴﻠﻴﺎً ﻋﻦ ﻭﺯﻳﺮ العدالة ﺍﻻ‌ﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺤﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﺎﺭ ﺃﻣﻴﻦ ﻣﻬﺪي ﺍﻟﻌﺒﺎسي، ﺃﻭﺿﺢ ﺧﻼ‌ﻟﻪ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﺍﻟﺠﻠﺴﺔ ﺍﻷ‌ﻭﻟﻰ ﻟﻠﻤﺼﺎﻟﺤﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ. ﻭﺃﺷﺎﺭ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ «ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻛﻴﻦ ﺃﻛﺪﻭﺍ ﻓﻰ ﺍﻻ‌ﺟﺘﻤﺎﻉ ﺍﻻ‌ﻓﺘﺘﺎحي ﻋﺰﻣﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤضيّ ﻗﺪﻣﺎً في ﺗﻄﻮﻳﺮ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﻭطني ﻟﻠﻌﺪﺍﻟﺔ ﺍﻻ‌ﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ ﻭفي ﺍﺗﺨﺎﺫ ﻗﺮﺍﺭﺍﺕ ﻭﺇﺭﺳﺎﺀ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﻓﻌﺎلة ﻟﺘﺤﻘﻴﻘﻬﺎ، ﻭﺻﻮﻻ‌ً ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺤﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﻟﺸﺎﻣﻠﺔ».
وأكد ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻛيﻥ ﺷﺪﺩﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ «ﺟﻬﻮﺩﻫﻢ ﻹ‌ﻧﺸﺎﺀ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺍﻻ‌ﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ في ﻣﺼﺮ ﻟﻦ ﺗﺜﻤﺮ، ﺇﻻ‌ في ﺑﻴﺌﺔ تعلي ﺳﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﻭﻣﺒﺪﺃ ﻋﺪﻡ ﺍلإﻓﻼ‌ﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﻭﺗﺤﻔﻆ ﺃﻣﻦ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺳﺎﺕ ﺍﻹ‌ﺭﻫﺎﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺨﺮﻳﺒﻴﺔ». ﻭﺃﺿﺎﻑ إﻥ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻛيﻥ «ﺩﻋﻮﺍ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﺗﺨﺎﺫ ﻛل ﺍﻟﺘﺪﺍﺑﻴﺮ ﻭﺍﻹ‌ﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﻼ‌ﺯﻣﺔ ﻟﻤﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﻌﻨﻒ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹ‌ﺭﻫﺎﺏ في إﻃﺎﺭ ﺳﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ، ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﻳﻤﺜﻞ ﺍﻟﺨﻄﻮﺓ ﺍﻷ‌ﻭﻟﻰ ﻧﺤﻮ ﺗﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﻤﻨﺎﺥ ﺍﻟﻼ‌ﺯﻡ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺍﻻ‌ﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ». وفي ذلك دعوة صريحة إلى إطلاق يد الجيش لملاحقة ما يصنف بالنسبة إليهم «إرهاباً». وعن غياب الشريك الإسلامي، أعرب المشاركون «ﻋﻦ ﺍﻷ‌ﺳﻒ ﻟﺘﺨﻠﻒ ﺑﻌﺾ ممثّلي ﺗﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻹ‌ﺳﻼ‌ﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎسي ﻋﻦ ﻣﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻷ‌ﺧﺮﻯ في ﺍﻻ‌ﺟﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﺬي ﺩﻋﺖ ﺇﻟﻴﻪ ﺭﺋﺎﺳﺔ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ»، ﻣﺴﺘﻨﻜﺮﻳﻦ ﺗﻌﻠﻴﻖ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺭﺩﻫﻢ ﺍﻟﻨﻬﺎئي ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﺤﻈﺎﺕ ﺍﻷ‌ﺧﻴﺮﺓ ﻗﺒﻞ ﺑﺪﺀ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ. ﻭﺗبنّى المشاركون ﻣﻘﺎﺭﺑﺔ (ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ _ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ _ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺤﺔ) ﻛﻤﺪﺧﻞ ﻹ‌ﺭﺳﺎﺀ ﺍﻟﺘﺪﺍﺑﻴﺮ ﺍﻟﻼ‌ﺯﻣﺔ ﻟﺘﻔﻌﻴﻞ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺍﻻ‌ﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺤﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ.
واتفقوا ﻋﻠﻰ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﻟﺠﻨﺔ ﺗﻮﺍﺻﻞ ﺃﻭﻟﻰ، ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻬﻤﺘﻬﺎ ﺑﻠﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﻘﺘﺮﺣﺎﺕ ﻭﺍﻷ‌ﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺈﻧﺠﺎﺯ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺍﻻ‌ﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺤﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼ‌ﻝ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﻭﺍﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﺍﻟﺪﺍﺋﻤﻴﻦ ﻣﻊ ﻭﺯﻳﺮ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺍﻻ‌ﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ ﻭﺭﺋﺎﺳﺔ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ.
بدوره، أكد نائب رئيس الجمهورية للعلاقات الخارجية، محمد البرادعي، أن المصالحة المنشودة لن تُقصي أياً من القوى المجتمعية على الساحة. وشدد على أن جهود المصالحة ستشمل الأطراف الملتزمة باحترام القانون وعدم تهديد أمن البلاد أو ترويع المواطنين، وعلى أساس المشاركة في مساعي تحقيق الاستقرار وإرساء الديموقراطية بأبعادها المختلفة.
جاء ذلك خلال محادثته كلاً من الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، ووزير الخارجية الأميركي جون كيري، والممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والأمنية، كاترين آشتون. المحادثات مع المسؤولين الأجانب الثلاثة بالرئاسة المصرية تعكس قلقاً دولياً مما يجري في مصر، لذلك جاءت خصوصاً من قبل الرجل الذي اختير من قبل السلطة الانتقالية ليكون وجهاً محبباً لدى القوى الغربية، بغرض طمأنتهم.
من جهته، انتقد أستاذ العلوم السياسية، عبد الفتاح ماضي، في حديث إلى «الأخبار» حوار المصالحة الوطنية واعتبره فاشلاً قبل أن يبدأ، في ظل غياب طرف رئيسي من المعادلة السياسية والمتمثل بالقوى السياسية الإسلامية، وخاصة حزب «النور» السلفي، وحزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين. وأوضح ماضي أن الحوار الحقيقي للخروج من هذه الأزمة هو القيام بتسوية تاريخية، بحيث يتم عقد حوار يضم جميع الأطراف المتصارعة والمتنازعة للوصول إلى حلول وسط يقدم فيها كل طرف تنازلات قليلة، ويكتب الاتفاق في وثيقة تاريخية يوقّع عليها كل طرف، وتخرج إلى الرأي العام بعدها، ليهدأ الشارع الذي اشتعل واحتقن أبناؤه في الفترة الأخيرة.