طرابلس | لم تكن السنة التي مرت بالنسبة للمؤتمر الوطني العام الليبي مفروشة بالورود، بل حالت عقبات كثيرة أمام أول سلطة تشريعية منتخبة منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي، من تحقيق اهداف الشعب الليبي في الاستقرار والتنمية وترميم الخراب الناتج من ازاحة العهد السابق. عام من الأداء السياسي المجبول بمشاكل نتجت من استقالات في صفوف النواب وتهديدات متكررة بتجميد عضوية كتل بأكملها، بينما كان المؤتمر يعمل على إنجاز ما أُنيط به من مهام تشريعية، علّ أهمها انتخاب هيئة تأسيسية لكتابة الدستور وطرحه للاستفتاء وتحديد شكل الدولة وتسليم مقاليد الحكم لسلطة غير انتقالية لتبدأ ليبيا بممارسة حياتها من جديد. لكن عقبات عديدة وقفت دون تحقيق ما يصبو اليه الشعب الليبي، إذ لم تمض أيام قليلة على بدء البرلمان مهامه حتى بدأ التيار الإسلامي داخل المؤتمر باثارة مشكلات «شرعية» مثل «الخوف من غضب الله لوجود النساء» بينهم، بينما كان الوضع الأمني يزداد خطورة مع سيطرة الميليشيات المسلحة التي شاركت في الثورة على نظام القذافي على مقاليد الأمور.ورغم كل العوائق، استطاع البرلمان انجاز العديد من المهام كان آخرها أول من أمس، حين أقر قانون انتخاب الهيئة التأسيسية لكتابة الدستور.
ولم يكن يوم الثلاثاء الماضي عادياً في حياة المؤتمر بعد قرار تحالف القوى الوطنية (التيار الليبرالي) الذي أعلن في بيان عن تجميد عضوية كتلته بأكملها داخل المؤتمر الوطني (39 عضواً من أصل 200)، مبرراً موقفه بأن المؤتمر انشغل عن الاستحقاق الأهم وهو الدستور، بإصدار تشريعات تزيد من حالة الاحتقان داخل ليبيا بين أبناء الوطن الواحد. قرار هددت بالسير على منواله كتلة الأمازيغ ايضاً التي طالبت بضمان تدريس اللغة الأمازيغية في المدارس ووضعها في الدستور كلغة رسمية.
لقد بدأ يوم الثلاثاء باستقالة النائب الأول لرئيس المؤتمر جمعة عتيقة، الذي أكد في بيان استقالته أن قراره لا رجعة فيها.
أما منتصف النهار فقد أقر المؤتمر قانون انتخاب الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور. القانون الذي حدد شكل الهيئة واختصاصاتها وعددها (60)، كما حدد أيضاً نسبة 10في المئة من المقاعد للمرأة ومثلها للأقليات معتمداً النظام الفردي في الانتخابات.
لكن تحديد نسبة 10 في المئة للنساء أثار حفيظة منظمات المجتمع المدني والنشطاء، إذ رأى العديد منهم خلال أحاديثهم لـ«الأخبار»، أن 6 مقاعد فقط للمرأة عدد مخز، وأن الأمر يعد انتكاسة خصوصاً إذ ما قُرن بانتخابات المؤتمر العام، التي أجريت منذ عام بالتحديد، وحصلت المرأة فيها على نسبة تمثيل عالية تتجاوز الـ20 في المئة. ومع ذلك لم ترض كل النساء حينها فهناك من طالب بأكثر.
من ناحيتها، قالت أستاذة العلوم السياسية في جامعة بنغازي، أم العز الفارسي، لـ«الأخبار» إن النتيجة لم تفاجئها وإن الأمر كان متوقعاً، «لأن الليبيات يتعاملن مع عقلية متحجرة».
واعتبرت «المقاعد الـ6 إنجازاً في هذا الوقت خصوصاً لو تم استثماره بالطريقة الصحيحة حين يقتنع النساء بالمترشحات»، مضيفة أن اعتبار الأمر مشكلة لن يفيد الآن.
وقالت الفارسي: «كان يُمكن ان نختصر الوقت لو رضينا بهذه النسبة منذ البداية وألا نعطيهم فرصة اتهام النساء بتعطيل مسيرة عمل المؤتمر كما يدعون». ودعت النساء إلى تكثيف حملات التوعية، بينما تقوم كتلة النساء في المؤتمر باصدار بيان قوي تقول فيه حقيقة التهديدات التي تتعرضن لها.
بدوره، الكاتب الصحافي سمير السعداوي، أفاد «الأخبار» بأنه ضد نظام الكوتا مبدئياً لأنه مهين وغير منصف، فالنساء نصف المجتمع، مضيفاً أنه «في ظل الهيمنة الذكورية وكافة أشكال الهيمنة الأخرى والرغبات في الإقصاء والتهميش، تبدو الكوتا للأسف وكأنها أهون الشرور».
وركّز السعداوي على استبعاد الحزبين عن المنافسة الانتخابية «لأن الأحزاب أثبتت إفلاسها».