كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس عن أزمة في العلاقات بين اسرائيل والصين، انتهت برضوخ الدولة العبرية. خلفية الازمة هي دعوى قضائية ضد «بنك الصين»، على خلفية حسابات مصرفية لـ«جهات ارهابية»، تُنقَل بواسطتها اموال تصل الى قطاع غزة، من سوريا.
تشير الصحيفة الى ان اجهزة الاستخبارات الاسرائيلية كشفت في مطلع عام 2005، ما سمته محوراً لنقل اموال من قيادتي حماس والجهاد الاسلامي في سوريا، الى اقليم «كوان جو» في جنوب الصين، ومن هناك الى الاذرع العسكرية لحماس والجهاد الاسلامي في قطاع غزة. ونقلت الصحيفة عن جهات استخبارية اسرائيلية تأكيدها أن خط تبييض الاموال هذا، وايصالها الى قطاع غزة من سوريا عبر الصين، استمر لعامين او ثلاثة اعوام، وقد نقل خلاله الملايين من الدولارات، مشيرة الى افتتاح 17 حساباً مصرفياً في «بنك الصين» لتحويل اموال كهذه الى القطاع.
في العام نفسه، قررت اسرائيل ان تفاتح الصين وتطلب منها اغلاق «الحسابات الارهابية»، والتقى لهذه الغاية رئيس هيئة مكافحة الارهاب، داني ارديتي، نظراءه في الصين «الذين استقبلوه لعدة مرات ببشاشة لافتة»، فيما اعقبت زيارةَ ارديتي ثماني زيارات لوفود اسرائيلية لمناقشة «الحسابات». الا ان الجواب الصيني كان واضحاً وثابتاً، فحماس لا تُعَدّ من وجهة النظر الصينية تنظيماً إرهابياً، ولهذا السبب لا ينوون اغلاق الحسابات المصرفية.
ورداً على «التعنت» الصيني، قررت اسرائيل رفع دعوى قضائية في الولايات المتحدة ضد «بنك الصين»، واتهامه بأنه «قناة لتمويل الارهاب»، وكان الافتراض انه اذا رُفعت دعوى في نيويورك فسيرتدع الصينيون ويتوصلون سريعاً الى صفقة مع الادعاء العام الاميركي، وستكون النتيجة إغلاق الحسابات الفلسطينية في البنك. وعملت اسرائيل على رفع الدعوى عبر جمعية «شورات هدين»، التي وجدت مواطناً اميركياً مناسباً لرفع الدعاوى باسمه، هو «دانيال فولتس»، يهودي اميركي من فلوريدا، كان قد قتل في نيسان عام 2006، جراء عملية تفجيرية في تل ابيب، اما المال لتمويل العملية فجاء بحسب رافعي الدعوى، من احد الحسابات المصرفية الارهابية المسجلة في بنك الصين. جواب الصينيين كان قاطعاً، وأعلموا الجميع أنهم لن يتراجعوا، وغير معنيين بإجراء اي تسوية قضائية.
طلبت الجمعية من الاستخبارات الاسرائيلية المساعدة، وتأمين شاهد يمثل امام المحكمة الاميركية، وجرى التوافق على «عوزي شعياه» الذي عمل في السابق في المؤسسة الامنية الاسرائيلية، وقد توجه بدوره الى ديوان رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، وتلقى امراً بالتوجه الى نيويورك لحضور المحاكمة والشهادة فيها لمصلحة الادعاء.
في آذار الماضي، وقّع شعياه رسالة موجهة الى محامي الادعاء، التزم فيها أن يشهد في القضية، على ان لا تنشر صورته في العلن، ووافقت القاضية في نيويورك على الشرط. قرأ الصينيون رسالة شعياه وتوجهوا الى السفارة الاسرائيلية في بكين وهددوا بأنه اذا مثل الشاهد في نيويورك فستلغى زيارة نتنياهو للصين. بحسب الصينيين، «لن نُمكنكم من دفن الصين في محكمة في نيويورك، فالصين قوة من القوى العظمى اعتادت أن تُملي على سائر العالم شروطها ولا يحصل أحد منها على تسهيلات». وصل التهديد الى نتنياهو، الذي ادرك ان عليه التراجع.
قرر نتنياهو منع الشاهد من التوجه الى نيويورك، وهذا هو التعهد الذي نقله الى الصين قبل موافقتهم على زيارته الاخيرة، الا ان اسرائيل لم تُبلغ المحكمة والادعاء شيئاً، الامر الذي تكفل به المحامون الصينيون، الذين ابلغوا المحكمة ان اسرائيل التزمت امام الصين أن تمنع الشاهد من المثول امامها.