الجولان وحزب الله، كلمتان كثيرتا التردد في الأدبيات السياسية والعسكرية الإسرائيلية، إلا أنه نادراً ما جمعتهما في الماضي عبارة واحدة. ندرة بدأت تخلي مكانها لتكرارية لافتة بدأت تشهدها تصريحات المسؤولين الإسرائيليين ومواقفهم في الآونة الأخيرة. آخر هذه التصريحات ما قاله أمس مصدر عسكري رفيع لوكالة «رويترز» وربط فيه بين رصد نشاط استخباري لحزب الله في الهضبة المحتلة وتعزيز جيش الاحتلال حضوره هناك تحسباً لتطور هذا النشاط في الاتجاه العملاني.
ونقلت الوكالة عن المصدر قوله إن الحزب بدأ في الأشهر الأخيرة بجمع المعلومات الاستخبارية حول انتشار القوات الإسرائيلية في الجولان، مشيراً إلى أن الأمر لم يصل بعد إلى حد يثير القلق، «لكننا نفهم نياتهم. لدى حزب الله وجود استخباري في الساحة. نحن نعلم ذلك». وأضاف أن الجيش الإسرائيلي عزز خلال الفترة الأخيرة قواته في الهضبة المحتلة على طول الحدود مع سوريا ونقل دبابات وآليات لهذا الغرض.
وربط الضابط الإسرائيلي بين التصريحات التي أطلقها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في أيار الماضي وبين قرار الجيش بتعزيز انتشاره في الجولان. وكان نصرالله أعرب في خطابه آنذاك عن استعداد الحزب لمساندة المقاومة السورية في الجولان وتقديم الدعم لها. وقال المصدر الإسرائيلي «منذ أن هدد نصرالله بتحويل الجولان الى نقطة احتكاك ساخنة، وضعنا وسائل فنية ودبابات أكثر في المنطقة».
وحول أسلوب تعامل جيش الإحتلال مع الظاهرة الجديدة في الجولان، قال المصدر الإسرائيلي «لقد تعلمنا الدرس في سيناء. نحن لن ننتظر الهجوم القادم، ونحن نعزز (بناء) السياج الحدودي ونعزز قواتنا ومراصدنا».
يشار إلى أن الحدود الإسرائيلية السورية في الجولان المحتل تشهد خلال الأشهر الأخيرة ارتفاعاً في مستوى التوتر على خلفية انسحاب قسم كبير من قوات «أندوف» المنتشرة في المكان والمسؤولة عن مراقبة الهدنة بين دمشق وتل أبيب. وأعربت إسرائيل في أكثر من مناسبة عن خشيتها من تدهور الأوضاع في الهضبة التي بقيت حدوداً هادئة منذ أربعة عقود. وكانت قذائف مصدرها الجانب السوري سقطت في حوادث متفرقة على الجانب المحتل، وردت إسرائيل على بعضها بشكل موضعي مستهدفة مصدر النيران.
ورأى المصدر العسكري الإسرائيلي أن «شرعية حزب الله في العالم العربي تتدهور على خلفية تورطه في سوريا»، مشيراً إلى أنه «إذا زاد الضغط عليهم، فإن بإمكانهم إشعال الحدود».
إلى ذلك، ذكرت صحيفة «هآرتس» أمس أن رئيس الأركان الإسرائيلي، بيني غانتس، حسم أمره باتجاه إنشاء فرقة إقليمية جديدة ونشرها في هضبة الجولان. وقالت الصحيفة إن غانتس اتخذ قراره بشأن إنشاء الفرقة الجديدة الأسبوع الماضي، بعد أن كانت تقارير إعلامية تحدثت قبل ذلك عن وجود توجهٍ لديه في هذا الصدد. والفرقة الجديدة ستكون مسؤولة عن صد ومواجهة العمليات التي تشنها جهات عبر الحدود انطلاقاً من الجانب السوري. وبحسب الصحيفة، فإن قرار غانتس يستند إلى تقدير مستجد بأن هضبة الجولان تحولت إلى جبهة نشطة في أعقاب المواجهة الداخلية التي تشهدها سوريا والنشاط المتزايد للجيش السوري والجماعات المسلحة في المناطق الحدودية المحاذية للجانب المحرر من الجولان. ويعتقد غانتس أنه ينبغي تخصيص وحدة عسكرية كاملة ومستقلة للتعامل مع الاستحقاقات التي تفرضها التطورات الميدانية في سوريا بما في ذلك التصدي لمهمة الأمن الجاري على الخط الحدود. وتنتشر في الجولان حالياً فرقة نظامية إسرائيلية، هي الفرقة 36، وهي أكبر فرق الجيش الإسرائيلي على الإطلاق. ويرى غانتس أنه ينبغي لهذه الفرقة أن تتفرغ لمهمات أخرى لا تتصل بالأمن الجاري والأمور اللوجستية التي هي من اختصاص الوحدات الإقليمية. ويوجد في الجيش الإسرائيلي اليوم أربع وحدات إقليمية، أبرزها الفرقة 91، أو فرقة الجليل، المنتشرة على الحدود مع لبنان. وأشارت «هآرتس» إلى أن غانتس أصدر أوامره بإطلاق العمل على إنشاء الفرقة الجديدة، لكي «يستعد الجيش بشكل مناسب على مشارف الاتجاهات المعادية وعدم انتظار تحققها».
وستتشكل الفرقة الجديدة على أساس فرقة الاحتياط «عصبة خط النار» التي يرأسها الجنرال أوفيك بوخاريس، وسترث منها تشكيلاتها وهيكليتها القيادية.