دمشق | يأتي رمضان على سكان دمشق خلال صيف حامٍ، حاملاً معه الكثير من الهواجس والأحداث الجدلية، إذ إن الكسل في يوم الصيام الأول جعل من شوارع دمشق فارغة من المارين. أهل المدينة الذين عانوا، خلال الأيام الماضية، من التعثر بالعبوات الناسفة، انشغلوا بأخبار الاشتباكات الآتية من مناطق الريف. طريق حرستا الذي نال حصّة الأسد من الاشتباكات على اعتباره المدخل الشمالي للعاصمة للاتجاه نحو المدن الشمالية والواصل دمشق بحمص. استراتيجية حاول مسلحو المعارضة اتباعها بهدف تخفيف الضغط عن حيّ الخالدية المشتعل في حمص. استراتيجية باءت بالفشل، إذ سرعان ما سيطر الجيش على «الأوتوستراد»، وعاد المسافرون للعبور من الطريق مجدداً بعد مضيّ أيام على تحويله إلى طريق التل _ معربا. شائعات كثيرة لاحقت هرب المسلحين من بلدة حرستا نحو القلمون، حيث حصلت حوادث عدة تعرض فيها المسافرون لخطر القتل أو الخطف على طريق مدينة النبك، إلا أن الجيش السوري استطاع السيطرة على الطريق مجدداً خلال أقل من 24 ساعة. الآثار في المكان تشرح طبيعة المعارك العنيفة التي جرت على الطريق الدولي. مطعم مهدّم عن بكرة أبيه وحفرة كبيرة في الطريق، توحي بانفجار ضخم في المكان لا يعرف عنه السكان شيئاً، في وقت عملت فيه البلدية على إصلاح الطريق، بعد انكشاف شبكة الصرف الصحي، ليعاد استخدامه سريعاً، في الوقت الذي اشتبك فيه عناصر «الجيش الحر» في بلدة قارة بالقلمون مع عناصر مسلحين فارّين من القصير بسبب اعتقال محكمة قارة الشرعية بعض العناصر المسلحين بتهمة ضلوعهم في سرقة المازوت من البلدة، ما أدى إلى تدخل مشايخ البلدة لحل الخلاف، بحسب أحد سكان البلدة. اشتباكات مشابهة وقعت في حيّي الحجارية وعبد الرؤوف ضمن بلدة دوما، إثر نشوب اقتتال بين مجموعتين مسلحتين، إحداهما تتبع لجبهة النصرة، ما أدى إلى وقوع قتلى من الطرفين، وذلك بسبب الخلاف على بعض «الغنائم» التي سرقت من المؤسسات الحكومية في البلدة.في وقت يبدو فيه تقدم الجيش السوري بطيئاً في مناطق برزة والقابون وجوبر وحرستا، بحسب أحد العسكريين في الغوطة، إثر الخشية من تكرار استعمال عناصر المعارضة الأسلحة الكيميائية، إلا أن الجنود السوريين استطاعوا اكتشاف أكثر من ثلاثة أنفاق مجهزة بأفضل التجهيزات ومفخخة بالكامل، تحت منطقة القابون نفسها، حيث تشتد عمليات القنص قرب منطقة رحبة الرانج القريبة من الكراجات، بسبب استفادة مسلحي المعارضة من طول أمد غياب الدولة عن الحي خلال الأشهر الماضية لزيادة عدد السواتر والأنفاق والخبرة في إعداد الكمائن في أطراف الحي، حيث عملت «اللجان الشعبية» بالاشتراك مع قوات النخبة من الجيش السوري على حصار الحيّ لفترات طويلة والعمل على تقسيمها إلى قطاعات. وتبقى أولوية الجيش السوري، حسب قول أحد العسكريين لـ«الأخبار»، لإبعاد المسلحين عن الأوتوستراد الدولي الذين يتمترسون داخل أنفاق وينتشر قناصوهم داخل المناطق المدمرة. ويعتبر العسكري ذاته أن المشكلة الرئيسية التي تواجه الجيش خلال عملياته على الأوتوستراد هي طول المسافة الممتدة على طول الطريق الدولي لتصل إلى 7 كيلومترات، والتي ينتشر ضمنها مسلحو المعارضة في محاولة دائمة لتخفيف الضغط الذي يفرضه الجيش على الغوطة الشرقية. ولا تتوقف عمليات الجيش السوري في الغوطة الشرقية، حيث تم حصار أعداد من المسلحين في المزارع المحيطة ببلدتي البحارية ودير سلمان، كذلك دمر الجيش تجمعات للمسلحين في بلدة عربين ومزارع العب وحجيرة في ريف دمشق الجنوبي، والتي كانت تستخدم أرضاً للهجوم على منطقة السيدة زينب.
كذلك تمّ العثور على ورشة لتصنيع قذائف الهاون بين بلدتي زبدين ومليحة، وبداخلها العشرات من قذائف الهاون والمواد شديدة الانفجار.
وفي ريف دمشق الشمالي، نفذ عملية نوعية في الجبال المتاخمة لجبال حلبون، أسفرت عن ايقاع العديد من المسلحين قتلى.
إلى ذلك، عثر الجيش على مستشفى ميداني في خان الشيح، وبداخله مواد طبية مسروقة من العيادات والمراكز الطبية الخاصة والعامة في المنطقة.
ويذكر أحد العسكريين لـ«الأخبار» أنّ ما يشاع عن معركة «عاصفة القلمون» لا يعدو كونه قرع طبول إعلامية لبث الحماسة في نفوس مسلحي المعارضة، الذين لا يزالون يعانون آثار معركة القصير السلبية عليهم.
على صعيد آخر، تستمر عملية الجيش السوري العسكرية على أحياء حمص في يومها الثاني عشر، إذ تحاول قوات من الجيش السوري اقتحام جامع خالد بن الوليد، حيث تتركز غرفة عمليات المعارضة، وذلك عبر محاور عدة، وسط مقاومة عنيفة. كما سيطر الجيش السوري على كتل جديدة في حيّ باب هود، فيما هاجم عناصر مسلحون حواجز الجيش السوري قرب قرية الزارة بريف تلكلخ، ما أدى إلى مقتل عدد من الجنود.
من جهته، دعا رئيس «الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية» أحمد الجربا، في كلام نشر أمس على صفحة «الائتلاف» على «فايسبوك»، المجتمع الدولي الى «الضغط على النظام السوري وحلفائه» لقبول هدنة في مدينة حمص خلال شهر رمضان. وأوضح المكتب الاعلامي للائتلاف أن هذه التصريحات «ليست جديدة»، بل إن الجربا أدلى بها يوم الاثنين الماضي في إسطنبول.
من جهة ثانية، أكد الجربا أمام صحافيين أن أولوية «الائتلاف» حالياً هي «الحصول على الإغاثة والسلاح»، متوقعاً أن تشهد الأشهر المقبلة «تغييراً في ميزان القوى على الأرض».