غزة | قبل عام من الآن، دقّت ساعة النصر للإخوان المسلمين، وأصبح محمد مرسي رئيساً لمصر، وتقاسموا فرحتهم بالصعود إلى سدة الحكم مع رفاقهم الحمساويين في قطاع غزة، فتوشّحت سماء القطاع بالألعاب النارية، ووزعت الحلوى، ظناً أن حصارها ستُطوى صفحته إلى غير رجعة على يد جماعة إسلامية، لكن حصل ما لم يكن بالحسبان.
ورغم استنساخ مرسي كثيراً من سياسات النظام السابق في تعامله مع الحصار الخانق المفروض على قطاع غزة، غير أن علاقات الودّ التي نسجتها «حماس» مع جماعةٍ إسلامية انبثقت عنها، دفعت المصريين الكافرين بالحكم الإسلامي إلى اعتبار «حماس» النسخة الكربونية المحدّثة عن مرسي وجماعته، ما دعاهم إلى زجّ اسمها في أي عمل تخريبي يستهدف أمن مصر واستقرارها.
ومع ولادة ثورة «30 يونيو»، عاد مسلسل تورّط «حماس» في الأحداث المصرية إلى الواجهة؛ فنادراً ما تتصفّح المواقع الإخبارية المصرية أو تتابع المحطات الفضائية المعارضة لحكم الإخوان، من دون أن تتصدّر «حماس» شريط أخبارها أو عناوين نشراتها. كذلك خصّصت ساعات طويلة من بثها المباشر لتحليل مسألة افتراضية متعلقة بدخول «حماس» على خط الثورة القائمة الآن، ودورها في الدفاع عن حصون الإخوان المسلمين ومقارهم.
آخر هذه الاتهامات تتعلق بكشف الجهات الأمنية المصرية عن أربعة «حمساويين» متورطين في قتل المتظاهرين المصريين أمام المقر الرئيسي لمكتب جماعة الإخوان المسلمين «الإرشاد» في المقطم، الأمر الذي نفاه أحد أقرباء المتهمين جملةً وتفصيلاً، مبيّناً أن أقرباءه الأربعة لا تربطهم أي علاقة بـ«حماس»، لا من قريب أو بعيد، فيما واصلت «حماس» إصدار التصريحات والبيانات الصحافية التي تدحض كل الروايات والوثائق التي تنشرها وسائل إعلام معارضة للإخوان، لإثبات تورط الحركة في الأحداث المصرية منذ ثورة يناير.
بعد سيطرة الإخوان على مصر، تحدثت وسائل الإعلام المصرية عن عشرات الوثائق التي تؤكد ابتعاث «حماس» آلاف العناصر من كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري للحركة، لمساندة الإخوان وضمان عدم إزاحتهم عن الحكم، رغم ضربهم لعصب الحياة في قطاع غزة «الأنفاق» وإغراقها بمياه الصرف الصحي، وإبقاء غرفة الترحيل في مطار القاهرة على حالها. هذه «الوثائق السرية» التي يدّعي الذين عثروا عليها كشفها لمخططات مدروسة من قبل «حماس»، وبتمويل قطري، انتشرت كالنار في الهشيم في وسائل الإعلام من دون التحقق من صدقها، الأمر الذي حدا بفئة ليست بقليلة من المصريين إلى التعامل مع الفلسطينيين المقيمين في مصر بطريقة دونية، وإدراج أسمائهم ضمن قائمة «الإرهاب الحمساوي»، وبات أي فلسطيني مهما كان عمره وانتماؤه السياسي متهماً بالانتماء إلى «حماس».
ويقول المحلل السياسي هاني حبيب لـ«الأخبار» إن «فرضية التورط في الشأن الداخلي المصري لم تعد تطال الحمساويين فقط، بل كل الفلسطينيين على اختلاف تلاوينهم وانتماءاتهم السياسية»، مؤكّداً أن حملات تشهير وسائل الإعلام المصرية بالفلسطينيين دلالة واضحة على الجهل بالوضع الفلسطيني من ناحية، وإلقاء كل ما يجري في مصر على شماعة غزّة من ناحية أخرى.
بدوره، نفى المتحدث باسم حركة «حماس»، سامي أبو زهري، ادّعاءات بعض المصريين في تورّط الحركة في الأحداث المصرية الحالية، مؤكداً أن الحديث عن ضبط مجموعة حمساوية في مقر الإخوان المركزي عارٍ من الصحة. وقال: «الفلسطينيون الذين تم اعتقالهم أخيراً في مصر غير مرتبطين بحماس لا من قريب أو بعيد»، موضحاً أن أحدهم مقيم في مصر منذ 30 عاماً، ولا يمكن تصديق مسلسل تورطه أو تورط غيره من الفلسطينيين في إراقة الدم المصري وأعمال التخريب الدائرة. وأكد أن الجهات المعادية للمقاومة الفلسطينية تحاول استغلال المشهد المصري الحالي لتشويه صورة المقاومة، وترك انطباع عند الجمهور المصري أن «حماس» هي العدو. وكثّف الجيش المصري من وجود دباباته على حدود قطاع غزة، في خطوة أكدت إسرائيل أنها جاءت بالتنسيق معها. وقال مصدر أمني في الحكومة المقالة إن «الجيش المصري كثّف انتشار دباباته على الحدود مع غزة في الأيام القليلة الماضية».
بدوره، قال الجيش الاسرائيلي، في بيان، إن «النشاط العسكري المصري في سيناء تم التنسيق له مع عناصر الامن الاسرائيلي، وأذن به على أعلى المستويات، من أجل التعامل مع التهديدات الامنية في سيناء، والتي تشكل خطراً على كل من مصر وإسرائيل».
وكانت وسائل الإعلام المصرية قد اتهمت عناصر من حركة «مصر» وحزب الله بالتورط إبان الثورة المصرية في اقتحام السجون المصرية، والمساهمة بشكل كبير في تهريب السجناء من سجن وادي النطرون، بينهم الرئيس الحالي محمد مرسي.