«توتر وقلق»، هكذا كانت حال الرئيس محمد مرسي في أول ليلة له ولأسرته يقضيها في نادي الحرس الجمهوري، الذي يتمركز في منطقة كوبري القبة، تلك المنطقة المدججة بالثكن العسكرية بسبب وقوعها فى محيط وزارة الدفاع.
وبحسب مصادر مطلعة لـ«الأخبار»، فقد استعان الرئيس في ليلته الأولى، التي قضاها بعيداً عن بيته في التجمع الخامس وقصر الاتحادية، بالآيات القرآنية والتسبيح بمسبحته الخاصة بجوار «حمام السباحة»، الذي يتوسط النادي، بعدما انتشرت أعداد إضافية من قوات الحرس الجمهوري على مداخل ومخارج مقرّ الاستراحة التي يقطن فيها هو وأسرته.
سبب توتر مرسي كان امتعاضه الشديد من وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم، الذي فشل رجال وزارته في تأمين مقارّ جماعة الإخوان المسلمين في «بروفة التظاهرات المليونية التي طالبت الرئيس مرسي بالرحيل عن الحكم»، وفق المصادر نفسها.
النتيجة الكارثية التي أسفرت عن مقتل عدد من أعضاء حزب «الحرية والعدالة» وحرق مقاره، دفعت بالرئيس الى تعنيف وزير الداخلية. وتروي المصادر أن «اللواء محمد إبراهيم برر للرئيس عزوف رجال الشرطة عن حماية المقار بسبب ملاحقات القتل والاختطاف التي نفذتها قيادات إسلامية بارزة من أعضاء الجماعة الإخوانية وبعض التيارات الموالية لها، والتي أسفرت، في بعض الأحيان، عن استشهادهم واختطافهم وتعريض حياتهم للخطر». هذا بالإضافة الى «حزمة القرارات التي أصدرتها بعض القيادات الإخوانية، والتي تتمثل في تشكيل أجهزة أمنية موازية، وتدخل النائب الأول للمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين المهندس خيرت الشاطر في حركة الترقيات الأخيرة وإقصاء القيادات عن مواقعها في بعض المناصب الدقيقة من خلال محاولتهم أخونة الوزارة».
وتضيف المصادر إن «ردود وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم أربكت حسابات مرسي، الأمر الذي دفعه الى إحضار قائد الحرس الجمهوري اللواء محمد ذكي، لمطالبته بضرورة تحريك المدفعيات الخاصة بالحراسة الخاصة بالقصر الجمهوري من داخل أسوار الاتحادية إلى خارجها، لردع التظاهرات بشكل نهائي واستخدامها في حال تداعي الظروف للسيناريو الأسوأ».
لكن قائد الحرس الجمهوري رفض هذا الاقتراح، مؤكّداً للرئيس خطورة أن يبدأ عناصر الحرس الجمهوري بمواجهة المواطنين بسبب تفاقم حالة الاحتقان، مشيراً الى أن دورهم ينحصر في تأمين قصور الرئاسة وحياة الرئيس وحماية مبنى ماسبيرو فقط، وغير منوط بهم مواجهة الشعب المصري تحت أي ظرف.
«الليلة الحزينة والمربكة» للرئيس دفعته الى الاجتماع بأعضاء مجلس الأمن الوطني، بحضور القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول عبد الفتاح السيسي ووزير الدفاع والإنتاج الحربي ووزير الداخلية قبل 24 ساعة من «30 يونيو»، للوقوف على آخر المستجدات والاطلاع على المؤشرات التي صدرت عن أجهزة الاستطلاع التابعة لأجهزة المخابرات ومناقشة خطط التأمين الخاصة بالمؤسسات الحيوية ومداخل القاهرة ومخارجها. وفي سياق متصل، كشفت شخصية سياسية بارزة أنها عرضت على مرسي مبادرة بتولي السيسي رئاسة الحكومة فوراً، على أن تقوم هذه الحكومة بإجراء الانتخابات البرلمانية في أسرع وقت، وإطلاق برنامج دعم اقتصادي وتولي ملف المصالحة الوطنية.
ونقلت وكالة أنباء «الأناضول» عن هذه الشخصية أنها شاركت في اجتماع الرئيس مع 12 من القوى والأحزاب الإسلامية قبل ساعات من انطلاق تظاهرات «30 يونيو»، مضيفة إن «الرئاسة استمعت للمقترح، لكنها لم تبد رأياً واضحاً تجاهه».
وقالت المصادر نفسها إن هذا الحل يقضي بترؤس السيسي الحكومة لفترة مؤقتة حوالى 6 أشهر، وهذا يعتبر «الورقة المناسبة بل والأخيرة لحل الأزمة الراهنة»، وخاصة أن هذا المقترح قد نوقش مع عدد من القوى السياسية الموالية والمعارضة للرئيس ولم يلق رفضاً قاطعاً، وإن بقي الموقف المعلن لقوى المعارضة يتمثل في رفض أي حلول وسط لا تؤدي إلى رحيل مرسي وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
غير أن مصدراً عسكرياً أكد أن الرئاسة لم تناقش مع السيسي أمر توليه الحكومة، وأن الأمر لا يعدو كونه مقترحاً ضمن مجموعة من المقترحات.