لم يكد يصل «الخبر العاجل» عن تصريح المسؤول الروسي سيرغي ريابكوف حول خيار الفدرالية كحل لإنهاء الحرب في سوريا، حتى انهالت التعليقات والتحليلات عن «كشف» موسكو لهدفها النهائي من دخولها المباشر للحرب السورية. بين بعض المواطنين السوريين كان التصريح يشبه زلزالاً بعيداً جلسوا ينتظرون ارتداداته على أرضهم.
لكن بعد أيام، لم تُسمع «الهزّات» سوى شمالاً، حيث أوحت تصريحات بعض القيادات الكردية بـ«تلقّف» سريع لما أرسل من ترجمة «فورية» من موسكو.
وهذا ما برز، مثلاً، مع زيارة الرئيس المشترك لـ«مجلس سورية الديمقراطية»، هيثم منّاع، لمحافظة الحسكة، وتجوّله و«تعرّفه» على مناطق «الإدارة الذاتية»، وتصريحه «أن مجلس سورية الديمقراطية يتبنّى اللامركزية في الحكم، ولا نعتقد أي مشروع مركزي للحكم قادر على إعادة البناء والتنمية لسورية». وذلك مع تأكيده «أن الشعب السوري سيحدد مصيره بنفسه، ولن ينتظر شفقة أحد في حل الأزمة السورية».
دمشق: لا حلّ خارج الحفاظ على كامل الأراضي السورية

إلا أن القيادي الكردي البارز في «حركة المجتمع الديمقراطي»، ألدار خليل، ذهب في تحديد الرؤية الكردية في «الفدرالية» بشكل واضح، من خلال تأكيده خلال محاضرة ألقاها في مدينة القامشلي، «أنّهم ككرد يتحضرون لمشروع الفدرالية من أجل سوريا، وأنهم يسعون لتطوير سوريا نحو سوريا اتحادية ديمقراطية، وأن نموذجهم هذا سيكون النموذج الذي يحتذى به في جميع دول المنطقة». تصريح خليل بات يردّده عدد من القادة الاكراد في تصريحاتهم، مع التأكيد أن المرحلة تاريخية للأكراد، وعليهم أن يوحدوا رؤيتهم. ويبدو لافتاً انسجام تصريح خليل مع تصريحات لـ«المجلس الوطني» الكردي (المحسوب على رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني)، الذي رأى، على لسان القيادي في المجلس، فرهاد شاهين، أنّ «تقسيم سوريا غير مطروح لدينا، ولكن نعمل لتحقيق هدفنا في إقامة نظام ديمقراطي، برلماني، اتحادي بموجب دستور علماني يضمن حقوق كافة أطياف المجتمع السوري، مع الإقرار بالفدرالية لكردستان سوريا».
هذا التقارب في التصريحات ربّما يبدو لافتاً، في ظل الخلافات الكردية ــ الكردية. رغم ذلك، لا تبدو «المكوّنات» الكردية موحّدة تجاه هذا المطلب؛ فعدد من القيادات الكردية أكد في تصريحات إلى «الأخبار» أنّ «الكرد هم جزء من الشعب السوري الذي يؤمن بوحدة سوريا ومركزيتها، وأن أي طرح للفدرالية سيعني تقسيماً عرقياً وطائفياً، لا يتناسب مع حالة التعايش التي يتميز بها المجتمع السوري». أمّا على الصعيد الرسمي السوري، فمرت أربعة أيام على التصريح الروسي، من دون أي تعليق. العودة إلى المؤتمر الصحافي لنائب وزير الخارجية الروسي تُظهر أنّ كلامه جاء رداً على سؤال، متبوعاً بتأكيد أن أيّ خيار هو «نتيجة للمحادثات والنقاشات المتعلقة بشكل نظام الدولة المستقبلية... وأن يحفظ وحدة سوريا وعلمانيتها واستقلالها». ورأى أنّ بلاده «لن تعترض أيضاً على أي نموذج آخر لسوريا، شريطة ألا يكون من إملاء شخص على بعد آلاف الكيلومترات من سوريا». مصدر سوري رفيع قال لـ«الأخبار» إنّ «التصريح محرّف ولا يستأهل التعليق». الروس، برأيه، كانوا واضحين، إن كان على صعيد ما قاله ريابكوف أو التأكيد أول من أمس على لسان المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماريا زاخاروفا بأنّ «بناء الدولة السورية يحدده السوريون أنفسهم من خلال الحوار».
المصدر السوري يضع «تحليلات» ما بعد تصريح ريابكوف، في إطار «محاولات تخريب العلاقات السورية ــ الروسية». ويلفت إلى أنّه «لا يوجد لدينا أي قلق من روسيا أو من أي طرف آخر بشأن هذه المسألة غير الخاضعة للنقاش سورياً». فالمسؤول السوري «لا يرى أي حلّ خارج الحفاظ على كامل الأراضي السورية».