فوجئنا بجريدة «الأخبار» التي نحمل لها التقدير والاحترام، تنشر في عددها الصادر صباح الاربعاء 26/6/2013، مقالاً «دون توقيع»، وبعنوان «قطر تشتري المؤتمر القومي العربي» يتضمن جملة مغالطات لا تليق بمكانة «الأخبار» وسمعتها، ولا سيما أن عدم توقيع المقال يوحي كأنه يحمل رأي صحيفتكم الغرّاء. 1. لا حاجة إلى نفي الخبر الذي تضمنه عنوان المقال «قطر تشتري المؤتمر القومي العربي»، فالمؤتمر ليس سلعة، كما هو حال بعض الغارقين في «السوق»، ولقد ألصقت به تهم متناقضة، بما فيها مثلاً اتهامه من عدة اصوات، وقبل أيام، بأنه باع نفسه لإيران وحزب الله، كأن المقصود تشويه متواصل لفكرة هذه المؤسسة القومية العربية الجامعة المستقلّة، وقد مضى على تأسيسها 24 عاماً.

2. إن المؤتمر القومي العربي، والكلام موجّه إلى صاحب المقال، وإلى من يهمه الأمر، ليس حزباً سياسياً، أو تنظيماً جماهيرياً، بقدر ما هو منبر للحوار والتشاور بين أعضائه، ولتحديد مواقف من التطورات الجارية في الأمّة، في ضوء الالتزام بالمشروع النهضوي العربي وعناصره الستة المعروفة، وهو ما يعبّر عنه «ببيان إلى الأزمة»، الذي لا نعتقد أن أي فقرة من فقراته تشير إلى رائحة بيعه لقطر أو غير قطر، فيما الكثير من فقراته لا تتلاقى أبداً مع السياسة القطرية الحالية، بدءاً من رفض المؤتمر القاطع للتطبيع مع العدو الصهيوني، ودعمه الصريح للمقاومة، ومطالبته بالغاء القواعد العسكرية الاميركية في الخليج (ومنها قاعدة عيديد الاميركية في قطر)، وصولاً إلى نقده لتجارب الحكم في أكثر من قطر عربي تحكمه جهات متحالفة مع قطر، ورفضه الشديد للتدخل الخارجي في سوريا، وما يرافقه من تسليح وتمويل وتحريض، مع التأكيد على الحوار والتسوية التاريخية لحلّ الازمة في سوريا، ولا أظن أن أي عنوان من هذه العناوين ينسجم مع السياسة القطرية المعتمدة حالياً.
3. أشار المقال إلى «عدم دعوة حزب البعث اليمني» إلى المؤتمر في إطار «السعي إلى تعزيز الحصار على سوريا»، فبدا بوضوح كأن كاتب المقال لا علم له بأن المؤتمر لم يدع أحزاباً، بل شخصيات عامة بصفتها الشخصية، سواء كانت حزبية أو غير حزبية، والدعوة إليه تجري وفق آلية محددة بحيث لا تكون عشوائية أو معدومة المقاييس وضمن مواعيد محددة.
وصاحب المقال، الذي يبدو أن له مشكلة شخصية مع الأمين العام للمؤتمر القومي العربي الأستاذ عبد الملك المخلافي، تجاهل أن بين أعضاء المؤتمر شخصيتين يمنيتين بعثيتين من التنظيم المذكور، أولاهما عضو القيادة القومية لحزب البعث في سوريا الوزير اليمني الحالي الدكتور عبد الحافظ نعمان (الذي جمدت عضويته منذ أن تولى المنصب الوزاري عملاً بأنظمة المؤتمر)، والآخر هو عضو مجلس النواب الأستاذ عبد الوهاب محمود، الذي اعتذر عن عدم الحضور لاسباب صحية.
أما القول «بالسعي إلى تعزيز الحصار على سوريا»، فيكشف بطلانه ما صدر في بيان المؤتمر من مواقف تجاه الأزمة في سوريا، ومن رفض واضح لقرارات جامعة الدول العربية الخاصة بالحصار على سوريا وتعليق عضويتها فيها.
4. يضيف صاحب المقال، ولأسباب داخلية يمينة، على ما يبدو، ما يرى فيه من علاقة تربط بين المؤتمر والشيخ حميد الأحمر «وتقديمه كوجه عربي تقدمي من خلال واجهة المؤتمر القومي العربي»، متجاهلاً أكثر من حقيقة:
أولاها: أن الشيخ حميد الأحمر ليس عضواً في المؤتمر حتى الآن، لأن عضوية المؤتمر لا تكتسب إلّا إذا حضر العضو دورة المؤتمر التي يدعى إليها، وهو أمر لم يفعله الشيخ الأحمر، الذي جرى ترشيحه لعضوية المؤتمر منذ انتخابه رئيساً لمجلس ادارة مؤسسة القدس الدولية، هذه المؤسسة التي خرجت فكرة تأسيسها من رحم المؤتمر قبل حوالى العشرين عاماً.
الثانية: أن من يقرر الترشيح للمؤتمر ليس الأمانة العامة، التي اجتمعت في صنعاء حسب المقال، بل اللجنة التنفيذية للمؤتمر ، بعد استشارة اعضاء الامانة العامة في كل قطر حول الأسماء المقترحة إليها، وبالتالي فمعلومات صاحب المقال، حتى في هذا التفصيل، ليست دقيقة.
5. حاول كاتب المقال أو صاحبه أن يثير، متذاكياً، علامة استفهام كبيرة حول اجتماع الأمانة العامة في صنعاء وموعده، متجاهلاً أن الاجتماع عُقد في صنعاء، كما عُقد مؤتمران قوميان عامي 2003 و2008، وأن هذا الاجتماع للأمانة العامة جرى بضيافة الرئاسة اليمنية كحال المؤتمرين السابقين، وهذا واضح في وثائق المؤتمر وبياناته البالغة الشفافية، علماً أن ضيافة المؤتمر في اليمن وغير اليمن لا تؤثر أبداً في ما يصدر عنه من مواقف.
6. أما الحديث عن فقدان المصادر التقليدية لتمويل المؤتمر، المتمثلة «في العراق وليبيا وسوريا»، فهو أيضاً حديث ملفق تماماً، إذ لم يتلق المؤتمر من هذه الدول ولا من غيرها فلساً واحداً، ولم يساوم مرّة في استقلاليته عن النظام الرسمي العربي، كما لم يساوم في مبادئه، ولا سيما حين كان يتعرض أي بلد عربي لعدوان خارجي أو تدخل استعماري.
وبالنسبة إلى قضية التمويل التي يبدو أنها شغل شاغل الكثيرين هذه الأيام، فليطمئن كاتب المقال أو صاحبه إلىا أن مصاريف المؤتمر محدودة جداً، وهي تقل عن مصاريف جمعيات صغيرة، وتستمر تغطيتها من اشتراكات الأعضاء وتبرعات بعضهم، وهي خاضعة لرقابة مدقق حسابات قانوني ويجري عرضها بالتفصيل في كل دورة من دورات المؤتمر. وليطمئن أيضاً كاتب المقال أو صاحبه إلى أن المشاركين في الدورة الاخيرة في مصر كأعضاء أو مراقبين أو إعلاميين (وقد بلغ عددهم حوالى ثلاثمئة) إنما تحملوا كامل نفقات سفرهم وإقاماتهم، وهو ما لا يحصل عادة في العديد من المؤتمرات أو المنتديات أو الجمعيات الممولة حكومياً أو دولياً، الأمر الذي سمح للمؤتمر بأن يستمر حوالى ربع قرن تأكيداً على أن «استقلاليته تساوي وجوده». إننا إذ نضع هذه التوضيحات برسم قراء «الأخبار»، آملين نشرها، فإن رئيس مجلس إدارة «الأخبار» الصديق الأستاذ إبراهيم الأمين هو أكثر العارفين بحال المؤتمر وماله واستقلاليته، وخصوصاً أنه أحيط عشية تأسيس «الأخبار» بأعلى درجات الترحيب من أعضاء المؤتمر ومؤسسيه، لا بل أن الأخ الحبيب الراحل الأستاذ جوزف سماحة كان عضواً في المؤتمر عشية رحيله المؤلم والصاعق.