تفيد معلومات أمنية مصدرها جهاز استخباري لدولة إقليمية معنية بالنزاع المسلح في سوريا بأنها تمتلك أدلة على أن ضابطين قطريين كانا من تولى نقل المواد الكيميائية السامة التي استخدمت في خان العسل إلى المجموعات المسلحة المعنية التي تولت تنفيذ العملية وذلك عبر الأراضي التركية وبعلم من سلطات أنقرة.
وتضيف معلومات الجهاز بأنه نقل هذا الملف بتفاصيله كلها إلى الاستخبارات الروسية التي تولت متابعته مع السلطات التركية، مشيرة إلى أن الضابطين القطريين يدعيان الرائد فهد سعيد الهاجري والنقيب فالح بن خالد التميمي.
وتتابع المعلومات نفسها بأن السلطات التركية، وفي محاولة للتمويه على تلك العملية بعد استفسارات الأجهزة الأمنية الروسية، عمدت إلى الإعلان عن اعتقال 12 شخصاً من جبهة النصرة كان في حوزتهم أسلحة كيميائية، في إشارة إلى تقارير تركية تحدثت الخميس 30 أيار عن أن الشرطة التركية نفذت عمليات دهم في إسطنبول، وأقاليم مرسين وأضنة وهاتاي قرب الحدود مع سوريا اعتقلت في خلالها 12 شخصاً عثر معهم على مواد كيميائية، بينها كيلوغرامان من غاز السارين. علماً بأن كل محاولات الاستفسار الروسية والأسئلة التي ارسلت إلى الأجهزة المعنية في أنقرة لم تلق أي جواب، على ما تفيد المصادر نفسها.
وتختم معلومات الجهاز المذكور بأن ما لديه من معطيات تتقاطع مع ما لدى الروس من تقديرات بأن الضابطين القطريين السالفي الذكر قد قتلا في تفجير مشبوه في الصومال، في إشارة إلى التفجير الانتحاري الذي تعرض له موكب قطري في مقديشو في الخامس من أيار الماضي.
وقتها تحدثت وكالات الأنباء العالمية عن مقتل ثمانية أشخاص على الأقل عندما صدم مهاجم انتحاري بسيارة مفخخة موكباً حكومياً يقلّ مسؤولين قطريين عند تقاطع مزدحم في العاصمة الصومالية. ونقلت «رويترز» في ذلك الحين عن «مسؤول أمني» قوله إن الوفد القطري الزائر لمقديشو، الذي كان يستقل سيارات مصفحة تابعة لوزارة الداخلية الصومالية، «لم يصب بأذى»، من دون أي تفاصيل إضافية، فيما تحدثت تقارير إعلامية أخرى عن تكتم قطري شديد عما جرى وعن مقتل ضابطين قطريين رفيعي المستوى، بينهم منسق التجنيد لسوريا، في العملية.
ونقلت «رويترز» عن شاهد عيان يدعى علي يوسف قوله «رأيت ثماني جثث بما في ذلك جثة امرأة، بعضها احترقت بشدة جراء النيران الناجمة عن الانفجار. لقد كان منظراً بشعاً». وذكر مراسل «بي بي سي» في الصومال، محمد إبراهيم، أنّ الانفجار أدى إلى جرح 10 أشخاص.
وأفادت تقارير بأن السيارة المصفحة التي استهدفها الهجوم تضررت بحيث تهشمت نوافذها الخلفية. وانفجرت السيارة المفخخة قرب مركز شرطة في حي «الكيلومتر 4»، وهو حي مزدحم من مقديشو حيث يقصده سكان العاصمة لاحتساء الشاي في الأكشاك المنتشرة فيه. وأعلنت «حركة الشباب المجاهدين» مسؤوليتها عن الهجوم، قائلة إنها استهدفت وزير الداخلية الصومالي عبد الكريم حسين جوليد، ومن وصفتهم بـ«مرتزقة أجانب».
في المقابل، تؤكد صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، نقلاً عن دبلوماسيين وخبراء، أن أشهراً من الفحوصات المخبرية من قبل علماء أميركيين لم تقدم أي دليل على ادعاءات المعارضة السورية باستخدام أسلحة كيميائية. وتضيف الصحيفة أن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا قدمت للأمم المتحدة كميات كبيرة مما تقول إنه دليل، ويتضمن عينات دم وأنسجة وعينات تربة من الميدان، مشيرة إلى أنّ الطبيعة الفيزيائية للأدلة، إضافة إلى الطريقة التي تم جمعها بها وتحليلها، وفرت الكثير من الأرضية لانتقادات الخبراء المستقلين الذين يصفون تلك الأدلة بأن «قيمتها محدودة».
وكان أول تقرير عن استخدام غاز السارين في سوريا قد نشر في كانون الثاني الماضي وقللت الإدارة الأميركية من أهميته. وفي آذار، أعلنت فرنسا وبريطانيا أنهما تمتلكان أدلة على حصول هجمات كهذه وطلبت من الأمم المتحدة التحقيق في ادعاءات المجموعات المسلحة بأن النظام استخدم أسلحة كيميائية. وتشير التقديرات الغربية إلى أنّ بين 100 و150 شخصاً قتلوا في سوريا بفعل استنشاق غاز السارين. وتكمن أهمية اثبات حصول هجوم كهذا في الالتزام الذي أخذته إدارة باراك أوباما على عاتقها بالتدخل عسكرياً في النزاع في حال تجاوز «الخط الأحمر» المتمثل في الكيميائي.
ويقول العالم السويدي رولف إيكوس، الذي رأس فريق الأمم المتحدة للتفتيش عن أسلحة دمار شامل في العراق في تسعينيات القرن الماضي، «لو كنت المعارضة وسمعت أن البيت الأبيض رسم خطاً أحمر حول استخدام غاز الأعصاب، فسيكون من مصلحتك أن تعطي الانطباع بأن بعض الأسلحة الكيميائية قد استخدمت».
وتنقل «واشنطن بوست» عن مسؤول أميركي سابق رفيع المستوى قوله «هناك الكثير من الأشخاص الذين يريدوننا أن نعتقد بأن النظام استخدم أسلحة كيميائية. عليك أن تطرح السؤال حول ما إذا كان بعض هؤلاء شاركوا في جمع الأدلة» على ادعاء كهذا.