القاهرة | يبدو أن العدّ التنازلي ليوم 30 حزيران، لن ينتظر كثيراً؛ فالإرهاصات التي تلوح في الأفق، وتنذر بها الأحداث والمواجهات اليومية، بين بلطجية ومناهضين لجماعة الإخوان، وأنصار الجماعة من جانب آخر، امتدت في بعضها لتنال من ملتحين ليس لهم علاقة بالجماعة، كما حصل مع عضو من الجبهة السلفية بالمنصورة. هذا فضلاً عن العنف اللفظي والاحتكاكات اليومية مع منقبات وملتحين في الشارع، يحسبهم المعتدون منتمين للإخوان في بعض الحالات، وفي حالات أخرى محاولات استفزازية لجرّ الإسلاميين إلى أعمال عنف مبكرة، بحسب الكثير من المراقبين في التيارات الإسلامية. فمساء أول من أمس اندلعت أعمال عنف ضدّ جماعة الإخوان المسلمين على نحو أكثر حدّة من أحداث سابقة في الفيوم والإسكندرية، تحولت إلى مواجهات وقعت فيها إصابات كبيرة وجسيمة، أغلبها من جماعة الإخوان، حتى شملت قادة منهم؛ فقد أُصيب أربعة من هؤلاء في مدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية، على خلفية احتجاجات على تعيين محافظ جديد منتمٍ إلى الجماعة، من بينهم الدكتور زكريا زيادة، نقيب المهندسين في المحافظة، فيما جرت محاصرة المحافظ طوال الليل داخل مبنى المحافظة. بعدها هاجم مناصرون للإخوان معارضين قالوا إنهم شاركوا في الاعتداءات على القادة الإخوان.
أما في مدينة دسوق بكفر الشيخ، وأثناء وجود القيادي جمال حشمت ورجب البنا في مؤتمر حمل اسم «لا للعنف»، فقد هاجم مسلحون المؤتمر الأمر الذي أجبر الإخوان على إنهائه. وذلك قبل أن تندلع صدامات بين المهاجمين والإخوان استخدم فيها المواجهون رصاصاً حياً، ما أدى إلى سقوط مئات المصابين، بينهم 300 تابعين للجماعة، بحسب بيانها، كما تعرّض المستشفى العام في المدينة للهجوم، هذا فضلاً عن الصدامات الشديدة، التي أدت إلى وقوع عشرات الضحايا في المحلة وطنطا واحتراق مقر الإخوان في الرحمانية وطنطا.
وفي ظل هذا التصعيد والمواجهات، تستعدّ جماعة الإخوان المسلمين ومعها الحركات والأحزاب الإسلامية، ما عدا أحزاب «الإصلاح» و«النهضة» و«النور»، الذراع السياسية للدعوة السلفية، إلى حشد أعداد غفيرة من أنصارها أمام مسجد رابعة العدوية في القاهرة بعد عصر اليوم، في مليونية دعوا إليها منذ أكثر من أسبوع، تحت عنوان «لا للعنف .. نعم للشرعية»، وسط مخاوف من أن تكون بروفة مبكرة من المواجهات إذا قرر أي طرف مهاجمة أو التعدي على المشاركين فيها.
وبسبب هذه المواجهات المباشرة أو غير المباشرة، المتمثلة في حروب التصريحات والتباري في الحشد للمواقف المختلفة، سواء المتعلقة منها باليوم أو بيوم 30 حزيران، سادت حمى من البيانات في مصر من كافة الأطراف والمؤسسات، وفي مقدّمتها المؤسسات الدينية الرسمية وغير الرسمية، فضلاً عن المؤسسات الخدمية.
وأصدرت الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، التي ينضوي تحتها عدد من الرموز والحركات الإسلامية، بياناً فُهم من أجزائه أنه رد على بيان شيخ الأزهر الذي خرج أول من أمس، وأكد في مضمونه حق معارضة ولي الأمر والتظاهر ضدّه سلمياً، وعدم تكفير الخارجين عليه بالسلاح، مع اعتبار ذلك معصية فقط. وقالت الهيئة في بيانها إنّها «تقف مع غيرها من المؤسسات الدعوية والعلمية الرسمية والأهلية موقفاً واحداً رافضاً للتظاهرات التي أعلن عنها في 30/6، وذلك لما يرافقها من عنف وقتل وحرق وتدمير كما ظهرت بوادر ذلك أمس في عدة محافظات، بما ينافي السلمية المُدعاة». مع تأكيد الهيئة على «طاعة الأئمة وعدم الخروج عليهم بالعنف أو باستخدام السلاح، وأن ذلك من كبائر الذنوب، وتحذر المصريين جميعاً من هذا المسلك الذي عنون له أصحابه بالتمرد وغيرها من الأسماء». هذا مع «اتفاق العلماء على النهي عن كل تظاهرة تحمل معنى من معاني العنف أو الإسفاف أو الفحش، ومن أجل هذا تؤيد الهيئة الشرعية المليونية التي دعا إليها عدد من القوى السياسية والوطنية» عصر اليوم. أما الجبهة السلفية، فأعلنت في فتوى لها عن دفع «الصائل» بعد ما سمته الجبهة «الاعتداءات المتكررة على أصحاب السمت الإسلامي بالسلاح». ومضمون الفتوى يتحدث عن «الذين يعتدون على الحرمات ويروعون الآمنين بحجة الاعتراض على مرسي ووجوب دفعهم، حتى لو أدى الأمر إلى قتالهم في حالة التعدي على النفس أو المال أو العرض»، فيما اتهم المتحدث الرسمي للجبهة في حديثه لـ«الأخبار» «الأمن بانه اللاعب الأساسي في إدارة البلطجة»، مستشهداً بالصور التي التُقطت للضابط هيثم الشامي أثناء اعتداءات طنطا، وهو الضابط المشهور بالتعذيب، والمتهم بالقتل في ثورة 25 كانون الثاني.
وفيما أعلنت حملة «تمرد» اقترابها من رقم 15 مليون استمارة، قال منسق حملة «تجرد» أحمد حسني، في حديثه مع «الأخبار»، إنه رغم عدم تسليط الضوء على الحملة على نحو كافٍ، غير أنها «حققت قرابة 11 مليون توقيع، ونستهدف اليوم توزيع مليون استمارة، كل استمارة تتيح 20 توقيعاً، بحيث يجري جمعها بعد ذلك من المشاركين على مدى أسبوع حتى 28 حزيران، في الجمعة القادمة». واوضح أن الهدف الأساسي من الحملة هو «الإعلان عن رسالة مفادها أن هناك آراءً في مصر مخالفة للآراء المؤيدة لحملة تمرد، ومن ثم هناك اتجاهان في الشارع، وهو ليس المكان المناسب لأن الجميع قادر على الحشد»، منوهاً بأن الغالبية من الشعب لم توقع أياً من الاستمارتين، وهو «أمر طبيعي، لأنها ترى أن وضع إسقاط الرئيس بالقوة غير مناسب».
ونبه حسني الى أن «الحملة ليست تأييداً للرئيس، فنحن نخالف الرئيس في أمور كثيرة، ولدينا مطالب»، لكنها تسعى الى المحافظة على «رابط الديموقراطية والصبر وعدم هدم التجربة، حتى لو كان هناك عيوب أو بطء»، مؤكداً أن «إسقاط مرسي بالقوة غير مقبول» ، وأن قرار الحملة هو المشاركة على نحو سلمي وحضاري في التظاهرات المزمع انطلاقها يوم 30 يونيو، «فالشارع ليس ملكاً لأحد»، قبل أن يشير الى أن «هذا القرار لم يحسم على نحو نهائي حتى الآن، وسيحسم قبلها بفترة وجيزة طبقاً للظروف».