غزّة | يؤرق تطبيق قراري الفصل والتأنيث في إطار قانون التعليم الجديد، الذي أقرّته الحكومة المقالة في غزة أخيراً، مضجع المسيحيين، ويشكل خطراً على طبيعة سير مؤسساتهم التعليمية وميزانيتها وثقافتها المحفّزة على الاختلاط في قاعات الدرس وأماكن العبادة، ما سيدفع بهم إلى إغلاق أبوابها بوجه طلبتها المسلمين والمسيحيين على حدٍ سواء.
ويقول المدير المالي لمدارس البطريركية في فلسطين سامر بدره لـ«الأخبار»: «سينعكس تطبيق قانون التعليم الجديد سلباً على حال المؤسسات المسيحية في القطاع، حيث سيُرغم المسيحيين على إقامة مبانٍ جديدة، وتعيين موظفين جدد من أجل الالتزام بقراري الفصل والتأنيث، وهو أمرٌ لا تتحمله ميزانيتنا المتواضعة نظراً لعدم ربحية المؤسسات المسيحية التعليمية التابعة للكنيسة»، مشدداً على عدم إمكانية تنفيذ الفصل بين الجنسين لاعتبارات كثيرة، أهمها رسالة البطريركية المتعلقة باحترام الاختلاط ودمج الجنسين في كافة النشاطات.
وذكّر بدره بأنّ مسألة تأنيث المدارس المتعلّقة بمنع المعلمات من تدريس طلابهن الذكور والمعلمين من تدريس طالباتهم الإناث من الصف الخامس فما فوق، ستعرقل تطوير المسيرة التعليمية، محذراً من نشوب صراع حقيقي في حال التعنت بتنفيذ القرارات الجديدة.
كما أشار الى أن تمرير القانون وإلزام المدارس المسيحية به سيفرز عواقب وخيمة على مسألة ضمان حرية المعتقدات، «وسيعمل على توتير العلاقة بين المسلمين والمسيحيين التي لم تعكّر صفوها أي شائبة بعد سيطرة حماس على قطاع غزة»، آملاً منها عدم الإساءة لهذه العلاقة والتراجع عن تطبيق القانون تجنباً للإشكاليات. وأكّد عقد جلسات قريبة بين كبار رجال الدين المسيحيين ورئيس وزراء الحكومة المقالة، إسماعيل هنية، للوصول إلى حلول ترضي الطرفين وتضمن عدم سريان قانون التعليم في المدارس المسيحية الخاصة.
من جهة ثانية، نفى بدره ما تداوله الموقع الإلكتروني لصحيفة «إسرائيل اليوم» العبرية، بخصوص صدور تعليمات جديدة عن وزارة التربية والتعليم في الحكومة المقالة، منعت بموجبها الطلاب المسلمين من الالتحاق بالمدارس المسيحية في غزّة.
كما أكدت وزارة التعليم عدم صحة هذا الخبر، ونفته نفياً قاطعاً على لسان مدير العلاقات العامة والإعلام فيها معتصم الميناوي، الذي قال لـ«الأخبار» إن: «ما أوردته الصحيفة الإسرائيلية عارٍ عن الصحة، وليس إلا محض افتراء ومحاولة لإشعال الفتنة بين المسلمين والمسيحيين»، مشدداً على أن هذا الهدف الذي يسعى العدو لتحقيقه لن يحصل بتاتاً.
وأكد أن الوزارة تقدّم كل الدعم للمدارس المسيحية، ولا تفرق في المعاملة بينها وبين المدارس الأخرى. وبخصوص مخاوف المسيحيين من تطبيق القانون الجديد، أوضح أن «الوزارة لم تتعمد الإضرار بهم، فهي ليست سوى جهة تنفيذية عليها أن تلتزم بهذا القانون الذي أقرّه المجلس التشريعي بالقراءة الثالثة واعتمده مجلس الوزراء»، موضحاً أن وزير التعليم أسامة المزيني «لن يطبّقه رزمةً واحدة، ولن يتم فرضه بالقوة».
وبيّن الميناوي أنّ «بيئة قطاع غزّة المحافظة لا تحبّذ الاختلاط، وتدعم الفصل بين الجنسين»، مؤكّداً أن «غالبية سكان غزّة أثنوا على القانون حيث لم ينتقده سوى الجهات اليسارية»، على حد قوله.
من جهته، عدّ الناشط الحقوقي في مركز «الميزان» سمير زقوت، القانون انتهاكاً لحرية أولياء الأمور في اختيار نوعية التعليم لأبنائهم، وتعارضاً مع القانون الأساسي الفلسطيني، فضلاً عن معاناته من عدّة ثغر ومشكلات تساهم في انتهاك حرية المسلمين والمسيحيين على حد سواء.
وقال زقوت لـ«الأخبار»: «مسألة الفصل بين الجنسين لن تتضح إلا مع بداية الفصل الدراسي الجديد، فإذا أصرت الحكومة على تنفيذها، ستُغلق جميع المدارس الخاصة مسيحية كانت أو غير ذلك»، موضحاً أن المراكز الحقوقية لم تتلقّ أي شكوى من المسيحيين حتى اللحظة، للجوئهم بالغالب إلى المساعي الودية في حل الإشكاليات. واستبعد زقوت تطبيق القانون العام القادم على أقل تقدير. وأضاف «أخدنا تعهدات من القيادي الحمساوي خليل الحية بوقف كل هذه الإجراءات والتراجع عن القانون الذي أثار جدلاً كبيراً في أوساط الفلسطينيين».