نشر مكتب مدير الأمن الوطني الأميركي دفعة جديدة من الوثائق التي صودرت من منزل زعيم تنظيم «القاعدة»، أسامة بن لادن، الذي اغتيل على أيدي قوات خاصة أميركية في ابوت اباد في باكستان، منذ خمس سنوات. وأظهرت الوثائق الجديدة اهتمام بن لادن بالوضع اليمني بعد خروج مظاهرات مطلبية بتنحّي الرئيس السابق علي عبدالله صالح. وقد أظهرت إحدى الوثائق رفض بن لادن التدخل في الشأن اليمني، داعياً الى التهدئة مع نظام صالح، لأن الأرضية لم تكن مهيّأة لمناصريه لتولّي القيادة.
وقال بن لادن في إحدى رسائله الموجهة الى أول أمير قاعدي على جزيرة العرب، أبو بصير، إن «استنفار الخصوم في اليمن لا يقارن البتة باستنفارهم في أفغانستان، فاليمن بالنسبة للأعداء كالذي هدّده الخطر داخل بيته. فهي في قلب الخليج أكبر مخزون نفطي في العالم. ولا نرى أن نزجّ أنفسنا وأهلنا في اليمن في هذا الأمر في هذا الوقت، قبل أن تتهيّأ الأوضاع، فنكون كالذي يبني في مجرى سيل، فإذا سال اجتاح ذلك البناء وأسقطه، ثم إذا ما أردنا بناء البيت مرة ثانية نفر الناس وانفضوا عن مساعدتنا في البناء. فإني أرى أن تبقى اليمن هادئة، وإنا ندّخرها كجيش احتياطي للأمة».
كان بن لادن يرى أن نظام صالح أفضل من النظام الذي سيرثه

واقترح بن لادن التوسّط عند «كبار العلماء وشيوخ القبائل في السعي للاتفاق على هدنة منصفة تساعد على استقرار اليمن، رغم علمنا بأن علي عبدالله صالح قد لا يستطيع الموافقة على الهدنة. فإن رفضت الحكومة الهدنة، فسيظهر أنها هي المصرّة على تصعيد الأمور المؤدية للقتال، وأن أمرها ليس بيدها. وبذلك يكون تعاطف الشعب مع المجاهدين مستمراً وبشكل أكبر، ويتحمل الخصم مسؤولية تبعات الحريق وليس نحن، ويظهر للناس أننا حريصون على وحدة الأمة الإسلامية وسلامة المسلمين بأسس سليمة».
ورأى بن لادن أن نظام صالح سيكون أفضل من النظام الذي سيرثه. وقال «لا نرى التصعيد، لأننا ما زلنا في مرحلة إعداد. فليس من المصلحة التسرع في العمل على إسقاط النظام، فهو رغم ردّته وسوء إدارته إلا أنه أخف ضرراً ممن تريد أميركا استبداله بهم. فعلي عبدالله صالح عاجز عن قمع النشاط الإسلامي. وكونه رجلاً غير إسلامي وموالياً للغرب، كان بمثابة مظلة للنشاطات الإسلامية طيلة السنين الماضية، فاستفاد من ذلك الإخوان والسلفيون والسلفية الجهادية».
ورأى بن لادن أن استنزاف أميركا من خارج اليمن أفضل من الدخول في اشتباك معها على الاراضي اليمنية، التي اعتبرها أرض نصرة لعناصره للتوجه منها الى الصومال أو العكس، لتنفيذ عمليات خارجية. وقد حذر «أبو عبدالله» من استهداف «الجيش والشرطة في مراكزهم، مع الإشارة في إصداراتنا وبياناتنا إلى أن مرادنا هو الأميركيون الذين يقتلون أهلنا في غزة وفي غيرها من بلاد الإسلام، والتأكيد على العسكر أن يحذروا ولا يكونوا دروعاً تحمي الصليبيين، فنحن لا بد سندافع عن أنفسنا إن تعرضوا لنا أثناء قتالنا للصليبيين».
كذلك كشفت الوثائق بعض التفاصيل الجديدة في شخصيته، وفي طليعتها الهوس من التجسّس والخيانة على يد أحد أعضاء التنظيم. وعبّر في إحدى الرسائل التي كتبها عن خوفه من زيارة زوجته لطبيب أسنان في إيران، معبّرا عن حذره من إمكانية دسّ أجهزة تجسّس وتنصّت أميركية في فمها، خاصة أن الأجهزة أصغر من حبة القمح، ما يسهل استهدافه.