جنيف | في ندائها الخامس إلى المجتمع الدولي، وجهت وكالات الأمم المتحدة نداءً لجمع نحو 5,2 مليارات دولار حتى نهاية عام ٢٠١٣ لمساعدة السوريين المتضررين من النزاع. وبعد انتهاء اجتماع خصص لإطلاق النداء الجديد في مبنى منظمة التجارة العالمية، عقدت مؤتمراً صحافياً مشتركاً في مبنى الأمم المتحدة في جنيف، للوكالات العاملة داخل سوريا وفي دول الجوار، لإعلان النداء الذي وصفته الأمم المتحدة بأنه «الأكبر على الإطلاق». وبالمقارنة مع الأزمات الأخرى التي عولجت خلال العقدين الماضيين، وتحديداً في العراق والسودان وأفغانستان وباكستان، والزلزال المدمر في هايتي في 2010 والتسونامي الذي ضرب المحيط الهندي في 2004، تكون الأزمة السورية قد سجلت بالفعل الرقم القياسي في الحاجة إلى مساعدة المتضررين من النزاع.
ورأى المفوض السامي لشؤون اللاجئين، أنطونيو غوتيريس، الذي تتولى وكالته مساعدة ما يقارب ١,٦ مليون سوري لجأوا إلى لبنان والأردن وتركيا والعراق ومصر، أنّ «المبلغ المطلوب هو قياسي بالفعل، لكن غير مبالغ فيه على الإطلاق، بل إنه قد يكون غير كاف في حال تطور الأوضاع بطريقة أكثر دراماتيكية مما نتوقع».
وأضاف غوتيريس: «نطلب من الجهات المانحة التي تجاوبت مع نداءاتنا السابقة المزيد من الدعم، خمسة مليارات دولار هو حجم ما ينفقه الأميركيون على «الأيس كريم» خلال ٣٢ يوماً، وما ينفقه الأوستراليون في رحلاتهم خارج البلاد لعشرة أسابيع، وما ينفقه الألمان على وقود سياراتهم خلال ٦ أسابيع». ولفت غوتيريس، في حديث خاص لـ«الأخبار»، إلى أنّ وكالة اللاجئين قد عملت بالفعل على خفض نفقات دعم المشاريع من ٢٤ إلى ١٢ في المئة، والنفقات الإدارية من ٧ إلى ٥ في المائة، وذلك لضمان وصول أكبر قدر من المساعدات إلى الفئات المستهدفة.
ومن أصل ألـ5,2 مليارات دولار المطلوبة لتغطية المجمل العام، سيذهب نحو 3,81 ملياراتا دولار لمساعدة نحو 3,45 ملايين لاجئ، وسيسمح 1,4 مليار دولار للأمم المتحدة بمساعدة حتى 6,8 ملايين سوري بقوا في بلادهم (بينهم 4,25 ملايين نازح)، فيما تطالب الحكومة الأردنية بمنحة قدرها ٤٤٩ مليون دولار، والحكومة اللبنانية بمنحة قدرها ٣٨٠ مليون دولار.
وعلمت «الأخبار» من مصادر دبلوماسية أنّ المساعدة التي طلبها لبنان خلال مؤتمر الكويت للمانحين، نوقشت بنحو مستفيض خلال الاجتماع الذي ضمّ وكالات الأمم المتحدة والدول المانحة والدول المجاورة لسوريا. وسعت وكالة الأمم المتحدة للاجئين إلى التأكيد أن الاموال التي ستتلقاها الحكومة اللبنانية، ستنفق ضمن إدارة مشتركة مع الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية، لكن الولايات المتحدة الأميركية ودول مجلس التعاون الخليجي، تعرقل وصول هذه المساعدة إلى لبنان، إلى حين وضوح صورة الحكومة التي سيشكلها الرئيس المكلف تمام سلام.
وتقول الأمم المتحدة إنّ أعداد اللاجئين السوريين إلى لبنان في ٢٠١٣ وصل إلى ثلاثة أضعاف الرقم المسجل عام ٢٠١٢، وهم موزعون في ١٢٠٠ موقع في مختلف المناطق اللبنانية. وفي حال استمرار تدفق اللاجئين، فإنّ عددهم سيكون قد أسهم في زيادة عدد السكان المقيمن بنسبة ٢٥ في المئة.
ويقدَّر أن تصرف المبالغ المطلوبة في مساعدة أكثر من عشرة ملايين سوري، أي قرابة نصف عدد سكان سوريا، الذين تضرروا جراء النزاع في بلادهم. والأموال المطلوبة تعادل احتياجات نحو 100 منظمة إنسانية. والأمم المتحدة التي طلبت في كانون الأول 1,5 مليار دولار لسوريا، لا تملك في الوقت الحاضر سوى مليار واحد. ما يعني أن المبالغ التي يجب دفعها تقارب ٤ مليارات دولار، بحسب مفوضة الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة فاليري آموس، التي شددت على أن النزاع السوري المستمر منذ عامين أعاد سوريا عقدين إلى الوراء بالقياس إلى مؤشرات التنمية.
وفي الوقت الحالي، إنّ نحو أربعة ملايين شخص بحاجة إلى مساعدة انسانية في سوريا، وتعتبر المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أن نحو 1,6 مليون سوري فروا من بلادهم إلى الدول الخمس المجاورة في المنطقة. وتتوقع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين أن يرتفع عدد اللاجئين إلى 3,45 ملايين (بينهم مليون في لبنان، ومليون في الأردن، ومليون في تركيا، و350 ألفاً في العراق، و100 ألف في مصر) في نهاية 2013. والملاحظة أنّ الخطة التي تقدمت بها الأمم المتحدة لم تشمل التوقعات بشأن أعداد السوريين في الداخل الذين يحتاجون إلى مساعدات من الآن وحتى آخر العام، ويقدر عددهم بما يصل إلى 6.8 ملايين.
وتوقع برنامج الأغذية العالمي، التابع للأمم المتحدة، الذي وزع 500 مليون وجبة غذاء في سوريا هذا العام حتى الآن أن ترتفع التكاليف الأسبوعية من 20 مليون دولار الآن إلى 36 مليوناً بعد شهر أيلول. وأعلن أنّ لديه نقصاً في الأموال يصل إلى نحو 725 مليون دولار. وقال نائب المدير التنفيذي للبرنامج، أمير عبد الله: «هذه أرقام هائلة. لا يمكن أن تتوافر لفترة طويلة من الوقت». وقال منسق الطوارئ الإقليمي للبرنامج في سوريا، مهند هادي: «وصلنا مرحلة في سوريا حيث يوجد أناس إذا لم يحصلوا على الطعام من برنامج الأغذية العالمي ببساطة لن يأكلوا».