تونس | لم تكن زيارة رئيس الورزاء التركي رجب طيب أردوغان الى تونس محل ترحيب جميع التونسيين، رغم اقراره بإعطائها قروضاً بقيمة إجمالية 400 مليون دولار بالإضافة إلى منحة بقيمة 100 مليون دولار واصطحابه نحو ٢١٥ رجل أعمال تركياً لتعزيز الاستثمارات في هذا البلد الذي يعيش تداعيات ثورة يناير 2011. أول من أمس، احتشد عدد كبير من التونسيين أمام مقر اتحاد الصناعة والتجارة للتنديد بـ«السلطان» أردوغان، ورفعوا شعارات مناهضة لحكومته ولحركة النهضة في تونس، حليفته التي تسيطر على الائتلاف الحاكم منذ انتخابات تشرين الأول ٢٠١١.
ففي الوقت الذي جندت فيه حركة النهضة قواعدها للاحتفاء برئيس الحكومة التركية يوم الأربعاء الماضي، دعت الصفحات القريبة والتابعة للجبهة الشعبية (ائتلاف اليسار والبعثيين) وكذلك صفحات أخرى للقوميين على شبكة «فايسبوك» إلى مقاطعة زيارة أردوغان باعتباره حليف الحكومة التي تسيطر عليها «النهضة» أولاً، وباعتباره «من بين المتورطين الأساسيين في الحرب على الدولة السورية اضافة الى الجرائم التي يرتكبها نظامه ضد المتظاهرين العزّل منذ أسبوع في تركيا».
زيارة أردوغان كانت اختباراً لمدى شعبية «النهضة» التي تستعمل التجربة التركية دائماً كمثال للنجاح في بناء نظام إسلامي متشبع بقيم الحداثة والديموقراطية. الأزمة التركية وزيارة أردوغان قسمتا الشارع التونسي والطبقة السياسية، فقد رفضت الجبهة الشعبية بزعامة الزعيم التاريخي لليسار التونسي حمة الهمامي، الاستجابة لدعوة رئيس الحكومة علي العريض، وكذلك دعوة رئيس الجمهورية محمد المنصف المرزوقي، لحضور العشاءين على شرف رئيس وزراء تركيا.
كذلك رفض حزب المسار الاجتماعي الديموقراطي (الشيوعي سابقاً) الدعوة إلى مأدبة العشاء، في الوقت الذي حضرت فيه أحزاب أخرى.
في هذه الأثناء، تجمّع عدد كبير من الغاضبين أمام مقر السفارة التركية وكذلك أمام مقر اتحاد الصناعة والتجارة للتنديد بزيارة أردوغان، مما دفع حراسه الشخصيين إلى التدخل لدى الأمن التونسي لإبعاد الغاضبين، الذين طالبوا بطرد اردوغان على خلفية تورطه في دعم حركة النهضة.
هذا الاحتقان الشعبي ضد السلطات التركية قابلته حفاوة في استقبال اردوغان من قبل رئيس الحكومة علي العريض، وعقيلته في أول ظهور لها.
من ناحية ثانية، أكد رئيس الوزراء التركي دعوة رجال الأعمال الأتراك إلى الاستثمار في تونس، قائلاً في افتتاح ملتقى رجال الأعمال الأتراك والتونسيين، إن وجود ٦٠ شركة تركية فقط في تونس رقم ضعيف ولا يعبّر عن حقيقة التعاون التونسي التركي الذي يجب ان يكون أكبر.
وعلى هامش الزيارة، تم توقيع ٢١ اتفاقية تعاون اقتصادي وبروتوكول تعاون، كما منحت تركيا قرضاً لتونس بقيمة ٤٠٠ مليون دولار ومنحة بقيمة مئة مليون دولار.
وشملت اتفاقيات الشراكة التونسية التركية مجموعة من القطاعات، من بينها تكوين الشرطة والبريد والصيد البحري وتكنولوجيات الاتصال والاقتصاد والتجارة والسياحة والتربية والمياه والغابات والثقافة والتعمير.
وكشفت زيارة أردوغان إلى تونس مدى تنامي المعارضة لحكم الترويكا بقيادة الإسلاميين، إذ تعتقد أحزاب المعارضة وحلفاؤها أن نظام أنقرة اصبح هو النموذج الذي يعمل الإسلاميون بقيادة حركة النهضة على ترويجه، وبالتالي فان أي نجاح لهذا النموذج هو نجاح لحركة النهضة.
وبدا لافتاً ان الشعارات المرفوعة تستهدف على حد السواء «النهضة» و«العدالة والتنمية» على حد سواء، بينما شارك عدد من الأتراك المقيمين في تونس في الوقفة الاحتجاجية أمام مقر اتحاد الأعراف.