في ظلّ التقدم الملموس للجيش السوري في مدينة القصير وريفها، تتواصل المبادرات لإجلاء المدنيين من المدينة المحاصرة. الجيش وصل إلى مشارف حيّ التركمان المتاخم للحي الشمالي في المدينة، إضافة إلى ملاحقته المسلحين في البساتين المحيطة بالجوادية. وذكر مصدر عسكري لوكالة «سانا» أنه تم إيقاع أعداد من قتلى في قرية البويضة الشرقية بريف القصير، كما تواصل القصف والاشتباكات في قرية الضبعة.
في موازاة ذلك، لا جديد على صعيد المبادرة التي يقودها باسم وجهاء منطقة الهرمل الدكتور علي زعيتر، مع مقاتلي المجلس العسكري للمعارضة السورية وكتائب الفاروق، فلا تزال المفاوضات جارية من دون التوصل إلى أي ترتيبات.
المعروف أن هذه المفاوضات، التي بدأت قبل بدء معركة القصير بعشرين يوماً، عادت إلى الواجهة يوم الأربعاء الماضي، حسبما أفاد زعيتر «الأخبار» أمس، مؤكداً استئناف الحوار مع لجنة تشكلت حديثاً ضمت قائد كتيبة الفاروق موفق أبو السوس وأحد قادة الكتيبة الرائد بشير المصري، ومن المجلس المدني لمدينة القصير أبو صخر محيي الدين، وقاسم الزين وهاني المصري، ورئيس المجلس العسكري أبو عرب الزين.
وتضمنت المفاوضات عرض مصالحة مع الدولة وتسليم السلاح لها تقدم به زعيتر لممثلي المسلحين، لكنه أكد أن «لا تجاوب حتى الآن»، مشيراً إلى اقتراح قدّمه يقضي بتسليم أسلحتهم من دون توقيفهم، وببقائهم في القصير، إضافة إلى نقل الجرحى بطرق آمنة إلى مستشفيات لبنان المتعاقدة مع الأمم المتحدة، وعلى ضرورة إخراج المدنيين.
ويضيف زعيتر إنّ اللجنة ردت بالقول «دعنا نُخرج الجرحى وبعد ذلك نرى»، مشيرين إلى وجود نحو 200 جريح.
ولفت المفاوض اللبناني إلى أن سقوط قرية الضبعة، المتوقّع قريباً، سيصعّب عملية إخراج الجرحى، متوقعاً وجود نحو 10 آلاف مدني في القصير الآن، بينما يقول المسلحون إن هناك ما بين 15 و20 ألف مدني.
ويوضح زعيتر أنّ الدولة السورية تغض النظر عمن يخرج من المنطقة، لكنها تشدد إجراءاتها إزاء من يدخلها.
ويضيف زعيتر إن هناك بين 400 وألف مقاتل أجنبي غير سوري «نحن غير مسؤولين عنهم في هذه المفاوضات، فليخرجوا مثلما دخلوا»، مؤكداً أن المفاوضات مستمرة مع لجنة المسلحين «لنحاول إقناعهم بالتوصل إلى حل».
في هذا الوقت، أعلن وزير الخارجية السوري وليد المعلم، أن السلطات السورية ستسمح للصليب الأحمر بالتعاون مع الهلال الأحمر السوري بالدخول إلى مدينة القصير فور انتهاء العمليات العسكرية فيها. وبحث المعلم في اتصال هاتفي مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، أمس، الوضع في مدينة القصير. ودعا بان، من ناحيته، المتقاتلين في القصير إلى بذل أقصى جهدهم لتفادي الخسائر في صفوف المدنيين والسماح لهم بمغادرة المدينة، في وقت أفادت فيه وكالة «إنترفاكس» بأنّ روسيا حالت دون إصدار بيان لمجلس الأمن الدولي يدين القوات الحكومية السورية وحزب الله، بسبب الحصار المفروض على بلدة القصير، وذلك في جلسة للمجلس عقدت أول من أمس.
من ناحيتها، دعت المفوضة العليا للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، في بيان، أطراف النزاع في سوريا إلى السماح للمنظمات المختصة بالدخول إلى القصير لتولي إجلاء المصابين والمدنيين. وشددت آشتون في بيان على ضرورة الحل السياسي للنزاع، مؤكدة أن الاتحاد الأوروبي سيبذل كل الجهود للمساعدة في خلق ظروف مناسبة لعقد مؤتمر السلام حول سوريا بنجاح.
(الأخبار)