أعلن الرئيس السوري بشار الأسد أن الجيش السوري حقق إنجازات كبيرة على الأرض في مواجهة المسلحين. وأكد، في مقابلة تبثها قناة «المنار» اليوم، أن موازين القوى العسكرية انقلبت تماماً لمصلحة الجيش. وقال الأسد إنّ «سوريا وحزب الله في محور واحد»، مضيفاً أن هناك «مجموعات من مقاتلي الحزب في مناطق حدودية مع لبنان. لكن الجيش السوري هو من يقاتل ويدير المعارك في وجه المجموعات المسلحة، وسيستمر في هذه المعركة حتى القضاء على من سمّاهم الإرهابيين».
وأدان الأسد أدوار تركيا والسعودية وقطر في دعم المجموعات المسلحة وتمويلها، وتحدث عن وجود نحو مئة ألف مسلح من جنسيات عربية وأجنبية دخلوا إلى سوريا بدعم من هذه الدول.
وأكد الأسد القرار المبدئي بالمشاركة في لقاء جنيف – 2، منتقداً قيادات المعارضة في الخارج. لكنه لم يظهر قناعته بخروج الاجتماع بنتائج مهمة.
وفي الموضوع الإسرائيلي، أكد الأسد أن «الجيش السوري سيردّ فوراً على أي اعتداء إسرائيلي جديد على الأراضي السورية»، موضحاً أن «الحكومة السورية لن تقف في وجه أي مجموعات سورية تريد شنّ حرب مقاومة لتحرير الجولان». وكشف الأسد أن «سوريا حصلت على دفعة أولى من صواريخ أس 300 الروسية المضادة للطائرات»، مشيراً إلى أن «بقية الحمولة ستصل قريباً».
في هذا الوقت، قدّم وزير الخارجية السوري وليد المعلم أمس ثلاث إشارات واضحة: «الأسد باقٍ، وسنتجه إلى «جنيف 2»، والرد حتمي على أي اعتداء إسرائيلي جديد».
وضوح الرؤية عند القيادة السورية قابله استمرار تخبّط «الائتلاف» المعارض في أزمته الداخلية، وهو وضع شرطين للذهاب إلى جنيف، أولها وضع سقف زمني للتوصل إلى تسوية، ورحيل الرئيس الأسد.
وأكد المعلم، في مقابلة مع «الميادين»، أن القيادة السورية ستتوجه إلى مؤتمر «جنيف 2» بحسن نيات ومن دون شروط مسبقة، داعياً المعارضة إلى عدم وضع شروط مسبقة لحضور المؤتمر. وأكد أنّ الرئيس بشار الأسد سيكمل مدته الرئاسية حتى 2014، مشيراً إلى أنه قد يترشح مجدداً، معتبراً أنّ «لا شأن للأميركي بمن سيحكم سوريا».
وأضاف المعلم أن دمشق أبلغت المجتمع الدولي أنه إذا أقدمت إسرائيل على الاعتداء فإن سوريا ستردّ فوراً. ورأى المعلم أنه «كان الأولى بالمعارضة السورية عدم طرح شروط مسبقة قبل مؤتمر جنيف»، مشيراً إلى «أننا ذهبنا إلى جنيف نتيجة إيماننا بأن الحلّ هو سياسي»، موضحاً «أننا ننتظر تفاصيل لقاء وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الأميركي جون كيري في باريس، ثم سنحدد الموقف النهائي للوفد الذي سيشارك في المؤتمر».
بالمقابل، بعد اجتماعات متواصلة فشل «الائتلاف» خلالها في توسعة صفوفه، وأكد بعد سبعة أيام من الاجتماعات في اسطنبول أنّ تحديد سقف زمني للتوصل إلى تسوية هو الشرط الأساسي لمشاركته في مؤتمر «جنيف 2»، مشدداً على أن «رحيل الأسد هو شرط أساسي، أيضاً، لأي تسوية سياسية في البلاد».
وبرزت أمس مشاركة وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو، والسفير الأميركي في سوريا روبرت فورد، ودبلوماسي فرنسي، ومسؤول الاستخبارات السعودي سلمان بن سلطان، ودبلوماسي قطري، في اجتماع «الائتلاف» بهدف ردم الهوة بين أعضائه.
وأوضح دبلوماسي تركي، طلب عدم كشف هويته، لوكالة «فرانس برس»، أنّ «الهدف ليس الضغط على المعارضة أو فرض املاءات عليها للخروج من المأزق»، مضيفاً: «بالعكس نحن نريد توجيه رسالة دعم كامل للمعارضة السورية، ونحترم أي قرار تتخذه موحدة، ونريد رؤية نتائج ملموسة لاجتماعهم بأسرع ما يمكن».
وفي السياق، ندّدت أربع مجموعات معارضة بشلل «الائتلاف». وكتبت المجموعات، في بيان، أن «واقع الحال يشير بشكل لا يقبل الشك إلى أن هذه القيادة فشلت في التصدي لمسؤولية وشرف تمثيل الثورة وسقطت هذه القيادة في اختبارات الاستحقاقات التنظيمية والسياسية والانسانية».
وأضاف البيان الذي وقعته الهيئة العامة للثورة السورية، واتحاد تنسيقيات الثورة السورية، ولجان التنسيق المحلية، والمجلس الأعلى لقيادة الثورة السورية، أن «قوى الثورة السورية الموقعة على هذا البيان لن تمنح بعد اليوم أي شرعية ثورية لجسم سياسي قد يتحول إلى سرطان في جسم الثورة لو تمت توسعته بشكل خاطئ».
في إطار آخر، أكد وزير الخارجية الإيراني، علي أكبر صالحي، أنّه ليس من الممكن وقف العنف في سوريا دون إبداء جميع الأطراف المتنازعة إرادة لوضع حد للصراع. واقترح صالحي، في مؤتمر «مؤتمر أصدقاء سوريا» في طهران، «أن تتشكل مجموعة اتصال مؤتمر طهران الدولي بأسرع وقت، من أجل المضي قدماً بأهداف المؤتمر، على الأخص للتواصل مع الحكومة والمعارضة السورية».
من جهة أخرى، بحث وزيرا الخارجية الروسي والأميركي سيرغي لافروف وجون كيري مسائل التحضير لمؤتمر «جنيف 2» في اتصال هاتفي أمس. وأكدت وزارة الخارجية الروسية أن الوزيرين ناقشا أيضاً أحدث التطورات في سوريا.
وكان لافروف قد أكد في وقت سابق أمس أن لا سبيل إلا بعقد المؤتمر، داعياً الجميع إلى «العمل بنزاهة وعدم اعتماد معايير مزدوجة».
وحذر لافروف من أن هناك تدفقاً متزايداً للمقاتلين الأجانب القادمين إلى سوريا من شمال أفريقيا ودول أوروبا.
وبرز أمس موقف نُسب إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما، الذي طلب من «البنتاغون» إعداد خطة لفرض منطقة حظر جوي على سوريا، بحسب ما نقل موقع «ديلي بيست» الإخباري الأميركي. ونفى الناطق باسم «البنتاغون» دايف لابان ما ذكره الموقع، موضحاً أنه لا توجد أية جهود جديدة للتخطيط، لكن الأركان المشتركة تواصل التخطيط الحذر لمجموعة من الاحتمالات العسكرية.
إلى مسألة الأسلحة الكيميائية واتهام دمشق باستخدامها، كشف دبلوماسي غربي أنّ لندن وجهت رسالة إلى الأمم المتحدة تتضمن تفاصيل «عن حوادث جديدة وقعت منذ نيسان». وقال السفير البريطاني، مارك ليال غرانت: «نواصل ابلاغ الأمين العام للأمم المتحدة (بان كي مون) ما إن تتوافر لدينا معلومات عن الاشتباه باستخدام اسلحة كيميائية» في سوريا.
قي سياق آخر، اتخذ مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قراراً يدين «تدخل عناصر أجنبية إلى جانب النظام السوري في القتال بمدينة القصير» في إشارة إلى حزب الله. وصوتت 36 دولة لمصلحة هذا القرار، الذي أعدته الولايات المتحدة وتركيا وقطر، وعارضته دولة واحدة، وامتنعت 8 عن التصويت. وكلّف القرار لجنة مستقلة بمهمة تقصي الحقائق في القصير.
القرار الجديد لاقى انتقاداً لاذعاً من وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي رأى أنه «يبعث على الاشمئزاز» وسيضرّ بمحاولات إنهاء الحرب في سوريا.
وصرّح لافروف بأن تأييد الولايات المتحدة لمشروع القرار يسير في اتجاه معاكس للجهود الأميركية الروسية لعقد مؤتمر للسلام.
وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد طالبت، أمس، حزب الله «بسحب مقاتليه من سوريا على الفور».

الضبعة والحميدية في قبضة الجيش

ميدانياً، سيطر الجيش السوري أمس على قرية الضبعة وعلى مطار الضبعة العسكري بريف القصير وعلى قرية الحميدية بعد سلسلة عمليات نوعية ناجحة في المنطقة أدت إلى مقتل وجرح عشرات المسلحين. إلى ذلك، واصل الجيش عملياته في الحارة الشمالية والحارة الغربية في مدينة القصير، وسط تقدم ملحوظ للجيش في الحارة الغربية من المدينة. وانسحب عدد من المسلحين باتجاه عرجون وقرى البرّاك شمال القصير، حسبما علمت «الأخبار».
مواقع المعارضة السورية تحدثت عن قصف عنيف تعرَّض له الحي الشمالي، وأشارت إلى أنّ القصف أدى إلى سقوط ِعدد من القتلى والجرحى، مضيفةً أنّ مقاتلي المعارضة ما زالوا يتحصّنون في أجزاء من المدينة.
في موازاة ذلك، سيطر الجيش على قريتي المهاجرين والدوير في الريف الشمالي لحمص بعد اشتباكات عنيفة. وقال مصدر لوكالة «سانا» إنّ «قواتنا المسلحة أعادت الأمن والاستقرار إلى منطقة البساتين شرقي مدينة القصير والممتدة من قرية الديابية حتى مشارف قرية دحيرج بعد القضاء على عدد من الإرهابيين».
وفي دمشق وريفها، تركزت الاشتباكات في بلدات الغوطة الشرقية، حيث حقّق الجيش في سلسلة عمليات عسكرية نوعية نجاحات متتالية وتقدم ملحوظ في أجزاء واسعة من الغوطة الشرقية، ومنها حران العواميد، والعبادة، والحبارية، وجربا، والزمانية والقاسمية وصولاً إلى عدرا، وسيطر على مساحة تقدر بستة كيلومترات مربعة من منطقتي سيدي مقداد وبيت سحم.
وأكد مصدر لوكالة «سانا» أنّ أهم النتائج المترتبة على هذه العملية تتمثل في طرد المسلحين وإبعادهم لمسافات متفاوتة عن طريق مطار دمشق الدولي، إضافة إلى كونها حلقة في سلسلة عمليات يخطط لها الجيش في الغوطة الشرقية.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، سانا)