حين أصدرت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، هيلاري كلينتون، شهادة وفاة للمجلس الوطني السوري، في الأول من تشرين الأول الماضي، لأنه «يجب أن تكون هذه المعارضة ممثلة بأشخاص يتمتعون بخصال جيدة»، لم تكن تعلم أنّ المولود الجديد سيواجه سريعاً المشكلة ذاتها. لم يكن «حلّاً لمرة واحدة» على الطريقة الأميركية المعتادة. «اتفقنا على أن نكون 40 في الائتلاف... وصلنا إلى الاجتماع، فرأينا 60»، يروي أحد أعضاء «الائتلاف» لـ«الأخبار».
سيطرة «الإخوان» على المجلس الوطني انسحبت نحو «الائتلاف» ليبقى الجسم المعارض يحمل بذور دائه القديم. لم يُجدِ «التلقيح». عند أول استحقاق، ظهرت الخلافات. كتل «المجلس الوطني» بقيت مسيطرة. «يرفع فاروق طيفور يده عند التصويت، فنرى عشرات الأيادي رفعت»، يقول محدثنا. منذ الاتفاق على تشكيل حكومة موقتة، والهيئة المعارضة لم تنعم بجلسة نقاش حقيقية. اكتفى «المعارضون» بتسجيل المواقف. أحمد معاذ الخطيب كان نجم المرحلة... مرحلة عدم الانسجام.
اليوم، يكمل «الائتلاف» يومه الخامس على التوالي من الاجتماعات. مدّد اللقاء ثلاثة أيام. لم يعد ترحيل جميع بنود جدول الأعمال ممكناً كالسابق. «التوسعة أولاً». بند لا فرار منه. التوسعة «ليصبح هناك قرارات متوازنة».
حتى يوم أمس، كان الاتفاق على إشراك 20 شخصاً في «الائتلاف»، على رأسهم المعارض ميشال كيلو و«قطبه الديموقراطي». «إضافة أعضاء جدد تعني المزيد من توسيع إطارنا المعارض»، بهدف تشكيل وفد أكثر تماسكاً في حال المشاركة في «جنيف 2»، أو على الأقل توسيع «الائتلاف» ليصبح أكثر تمثيلاً للمعارضين، يشير عضو «الائتلاف» لؤي صافي في حديثه مع «الأخبار».
صافي يردّ المشكلة في «جنيف 2» إلى النظام، لأنّ هذا الأخير لا يريد التفاوض، بل «الحوار»، كما قال وزير الخارجية السوري وليد المعلم في العراق أمس. والحوار، بحسب صافي، لا يرتبط بمقررات مؤتمر جنيف الأول، «الذي يحكي عن تحوّل ديموقراطي ومفاوضات انتقال السلطة».
مصدر من «الائتلاف» يروي أنّ أساس الموافقة على التوسعة أتى بعد فتح أبواب الخليج لـ«الإخوان» (السعودية أساساً). وبعد لقاءات بين «الإخوان» و«زملاء» لهم، كان السؤال الأساسي: ما هي المشكلة مع السعودية، لماذا فقط قطر؟ اذهبوا إلى السعودية وليس لديها أيّ مشكلة.
الزيارة تمّت، بحسب المصدر المعارض، الذي يروي أن موقف «الإخوان» أضحى أكثر ليونة باتجاه التوسعة، وهم «في صدد القيام بمراجعة لبعض مواقفهم». بقيَت المشكلة مع بعض الأنانيين الذين لا ينتمون إلى تنظيمات. والكلام هنا عن مصطفى الصباغ ومجموعته. الصباغ، بحسب المصدر، يرى في «الائتلاف» بقرة حلوباً ومكاناً لإبراز صورته. «رجل أعمال يدير ثورة؟»، يتساءل.
عضو «الائتلاف»، المجمّدة عضويته، كمال اللبواني، يرى في التوسعة الأمل الأخير لإبقاء «الائتلاف» على قيد الحياة. ويرى هذا الأمل عبر التوسعة وإعادة إنتاج نظام داخلي جديد، وإلا «الشرذمة والتفتيت». لسنا شركاء في أي قرار، ولم نكن كذلك، من مسألة الحكومة الموقتة حتى لجان الإغاثة، يضيف. التوسعة «تعطي المدنيين الثلث» داخل الائتلاف. لكن برأي اللبواني، النوايا الإيجابية تجعل المشاركة حاضرة.
ومن المنتظر، حسب صافي، أن يتمّ بحث مسألة الرئيس والهيئة الرئاسية اليوم، وهذا غير ممكن بحسب اللبواني في حال التوسعة، «لأنه يجب على الإطار الجديد بأعضائه الجدد انتخاب الرئيس، وإلا لا نكون قد فعلنا شيئاً».
وبالتالي، يجب تأجيل مسألة الرئيس الى اجتماع آخر كي يحضر الأعضاء الجدد والأعضاء المجمدة عضويتهم، وسوى ذلك نعود الى نقطة الصفر، يلفت اللبواني. وعن «جنيف 2»، يروي اللبواني أننا أمام ثلاثة احتمالات:
أولاً، أنّ واشنطن باعت الثورة السورية، ورضخت لروسيا ولحليفها (الرئيس بشار الأسد) وهذا ما سيرفضه الثوار ويتابعون الحرب. أو احتمال نجاح مؤتمر جنيف، مع رحيل الأسد وإيجاد صيغة للحفاظ على ماء وجهه. والاحتمال الأخير، «وهو المرجح»، الانتقال إلى العمل العسكري وتسليح المعارضة بشكل نوعي، بعد استنفاد جميع الوسائل السلمية والسياسية.