رمى «الائتلاف» الكرة في ملعب النظام. الهيئة المعارضة لا تستطيع اليوم أن تعلن رفضها الصريح لـ«جنيف 2». «أصدقاؤها» يضغطون باتجاه المشاركة، رغم شروطهم المسبقة. إذن انتظر «الائتلاف»، الذي وضع على جدول أعماله في اجتماعه في إسطنبول حسم مسألة المشاركة في جنيف، تصريح من موسكو يفيد بقبول دمشق المشاركة في المؤتمر الدولي ليصفه بأنه غامض. موسكو غير مرتاحة «لأجواء» إسطنبول وشروط المعارضة رغم استمرار التنسيق مع واشنطن لإنجاح المؤتمر الدولي. وهي أعلنت أنّ دمشق وافقت «مبدئياً» على المشاركة في مؤتمر «جنيف 2»، فيما انتقدت الشروط «الصعبة» لمختلف مجموعات المعارضة. وكشف المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية، ألكسندر لوكاشيفيتش، أن روسيا تسلمت موافقة دمشق المبدئية على المشاركة في المؤتمر خلال مباحثات أجراها نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف مع نظيره فيصل المقداد.
وعمّا أذيع عن تحديد 10 حزيران موعداًَ لانعقاد المؤتمر، أكد المسؤول الروسي أنّ مثل هذه التقارير «لا يمكن أخذها على محمل الجد»؛ لأن المعارضة ما زالت منقسمة جداً. وندّد بمواقف بعض قادة المعارضة الذين أكدوا أن لا محادثات واردة مع بقاء الرئيس بشار الأسد في السلطة. وعن محاولات المعارضة السورية للتوصل إلى موقف موحد، لفت لوكاشيفيتش إلى أنّ التقارير الواردة حتى الآن من إسطنبول «لم تكن مشجعة». وأضاف أنّ المعارضة وحلفاءها الإقليميين «يقومون بكل شيء» للحرص على أنّ مؤتمر جنيف لا ينعقد أو حتى لكي يفشل. لكنه شدد على أن الولايات المتحدة وروسيا تبذلان حالياً جهوداً مشتركة للتأكد من توصل الأطراف إلى اتفاق على إجراء محادثات في وقت قريب. في السياق، أكد «الائتلاف» المعارض أنّ إعلان موسكو موافقة دمشق المبدئية «غامض»، داعياً النظام السوري إلى توضيح هذا الموقف بنفسه. وأشار المتحدث باسم الائتلاف، لؤي صافي، إلى أنّنا نريد أن نسمع هذا التصريح «مباشرة من حكومة الأسد. نريد معرفة إن كان لديهم فعلاً النية للتفاوض على انتقال نحو حكومة ديموقراطية تشمل رحيل بشار الأسد».
وعن مشاركة «الائتلاف» في المؤتمر، رأى صافي أنّ المعارضة بحاجة «لمزيد من الوضوح» لتتخذ قراراً في هذا الصدد. وأضاف: «سبق أن قال الروس إنّ الحكومة السورية لديها فريق للتفاوض، لكننا لا نعلم بأي شروط. هل لديهم تفويض للبحث بحسن نية بالانتقال أم لا؟». من جهته، دعا صافي موسكو إلى تقديم «ضمانات» لرحيل الرئيس السوري.
في سياق متصل، أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن وزير الخارجية سيرغي لافروف ناقش مع نظيره الأميركي جون كيري الجهود الرامية إلى حمل الأطراف السورية على حضور مؤتمر «جنيف 2» خلال محادثة هاتفية أمس.
وأعلن مسؤول في الخارجية الأميركية أن كيري سيلتقي لافروف يوم الاثنين المقبل في باريس «لاستكمال المحادثات التي أطلقاها في لقائهما قبل أسابيع قليلة في روسيا، وعرض المستجدات على صعيد الاستعدادات لعقد مؤتمر دولي حول سوريا».
في إطار متصل، أكد مساعد الرئيس الروسي، يوري أوشاكوف، أن موقف بلاده من الأزمة السورية ثابت، لكنه لم يستبعد وجود إمكانية للمرونة تبعاً لتطورات الوضع، وذلك رداً على أنباء تحدثت عن احتمال موافقة روسيا على تشكيل حكومة انتقالية لا يؤدي الرئيس بشار الأسد أي دور فيها. من جهة أخرى، طالبت دمشق الجامعة العربية أمس بـ«الاعتذار» وإلغاء كل قراراتها المتعلقة بسوريا قبل النظر في أي دور يمكن أن تؤديه لحلّ النزاع في البلاد. موقف دمشق أعلنه وزير الإعلام عمران الزعبي، الذي شدد على أن «محاولة بعض الأنظمة العربية للبحث عن دور لها في سوريا عبثي وغير ممكن». وأعرب الزعبي عن عدم ثقة بلاده «نهائياً» ببعض أعضاء الجامعة، مشيراً إلى أنه «لا دور لهم الآن أو مستقبلاً» للمشاركة في إيجاد حل للنزاع السوري.
من جهة ثانية، أشار رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني، علاء الدين بروجردي إلى أن «ما يحققه الجيش السوري على الأرض سيحدد نتائج مؤتمر جنيف 2». فيما أعربت فرنسا وألمانيا عن أملهما في التوصل إلى «توافق أوروبي» بشأن رفع الحظر عن الاسلحة المرسلة إلى المعارضة السورية، الاثنين المقبل في بروكسل. وأوضح وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، اثر لقاء مع نظيره غيدو فيسترفيلي في باريس، أن «موقف فرنسا هو أننا نرغب في التمكن من تحقيق أكبر توافق ممكن على تسوية تسمح بأن نقدم للمعارضة السورية وسائل الدفاع عن نفسها من الهجمات التي لا تتوقف للنظام» السوري.
من ناحيته، قال فيسترفيلي: «احترم كثيراً موقف أصدقائنا الفرنسيين. سنحاول بناء جسر لإيجاد تسوية مشتركة». وأكد أنّ «الموقف الالماني بشأن تقديم الأسلحة جرى عرضه وتبريره، إلا أننا نحترم دفاع شركائنا وأصدقائنا عن مواقف أخرى».
إلى ذلك، يعقد مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة خلال دورته المقبلة، الأسبوع المقبل، اجتماعاً طارئاً لمناقشة الوضع في سوريا، وخاصة الأحداث الأخيرة في القصير، بناءً على طلب الولايات المتحدة وتركيا وقطر.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، سانا)