مع استمرار التدهور الأمني في العراق وتسجيل أكثر من 340 قتيلاً منذ بداية شهر أيار، حمّل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، السياسيين مسؤولية التصعيد الطائفي في البلاد، مبيناً أن «بعض المجاميع المسلحة تم تشكيلها من قبل نواب في البرلمان وستتم ملاحقتهم». وقال المالكي، في مؤتمر صحافي عقده في بغداد، إن «السياسيين يتحملون مسؤولية التصعيد الطائفي بسبب تصريحاتهم ودعوتهم إلى العنف وموقفهم الطائفي الذي يتلقفه الجهلة ويخرجون بسلاحهم ويدعون الى الاقتتال»، مبيناًَ أن «من يصعدون المنابر ويهددون بالطائفية والقتل، يمثلون نسبة ضئيلة من المحافظات الغربية، وهم لا يمثلون أبناء تلك المحافظات الذين وقفوا وطردوا الإرهاب، وعودتهم هي استثمار لعدم الاستقرار السياسي الذي أدى إلى عدم استقرار اجتماعي بسبب الفتنة الطائفية المرتبطة بجهات خارج الحدود».
وأضاف المالكي إن «الحكومة لن تسامح الذين خرجوا على القانون والدولة، وإن هناك تشكيلات مسلحة شكلها بعض المنتسبين لمجلس النواب، لكننا نعلن أن كل من يخرج على القانون ستتم ملاحقته»، لافتاً إلى أن «المسؤولين على تلك المجاميع تم كشفهم من خلال ما صدر عنهم من تصريحات طائفية ودعوات إلى القتل».
وأعلن المالكي أن الحكومة بصدد إجراء تغييرات في مواقع المسؤولين عن الأمن في البلاد وفي الخطط الأمنية بعد تزايد وتيرة العنف في الأسابيع الاخيرة، موضحاً أن التغييرات ستشمل «المواقع العليا والمتوسطة والخطط الأمنية».
كذلك رحب المالكي بإقامة إقليم في المحافظات الغربية في حال أراد أهل تلك المحافظات ذلك، على أن يكون حسب السياقات القانونية والإجراءات الدستورية، واصفاً ذلك بـ«الطبيعي»، على أن لا يكون «مختطفاً بالقوة».
وقال المالكي إن «دعاة الحرب وصلوا إلى طريق مسدود معنا ومع علماء الدين وأبناء العشائر، وإذا أرادوا إقامة الإقليم فنحن نرحب بذلك»، مبيناً أن «إقامة إقليم في تلك المحافظات طبيعي، حسب السياقات القانونية المعتمدة والإجراءات الدستورية، ويكون إقليماً بشكل رسمي وليس بالقوة أو مختطفاً. فليس من حقنا أن نمنع تشكيل إقليم ينشأ وفق الأصول».
وفيما استمرت هيئة رئاسة البرلمان العراقي في إجراء اتصالاتها مع الكتل السياسية لعقد الجلسة الطارئة التي دعا إليها رئيس البرلمان أسامة النجيفي اليوم الثلاثاء، دعا المالكي، النواب إلى عدم حضور جلسة البرلمان الطارئة واعتبرها «تصعيدية»، موضحاً أن مجلس النواب شريك أساسي في الاضطراب الأمني.
وكان العراق قد شهد سلسلة تفجيرات استهدفت العاصمة العراقية بغداد، ومدينة البصرة، ومدينة تكريت، حصدت ما لا يقل عن 40 قتيلاً وإصابة نحو 135 آخرين. وانفجرت 10 سيارات مفخخة، 8 منها في أحياء متفرقة من بغداد، و2 في البصرة، حسب ما أوضح مصدر أمني. واستهدفت السيارات المفخخة مناطق متفرقة من العاصمة، منها مناطق الشعلة والإعلام والكمالية والزعفرانية وسبع البور ومدينة الصدر. كما قتل 8 أشخاص وأصيب 15 على الأقل بجروح في انفجار سيارة مفخخة استهدفت باصاً يقل زواراً إيرانيين في بلد شمال بغداد.
وجاءت هذه الهجمات بعد ساعات قليلة على مقتل 24 من عناصر الشرطة في هجمات وعملية تحرير مختطفين في مناطق مختلفة من محافظة «الأنبار» مساء الأحد. من جهة أخرى، دعا رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي، أمس، إلى أهمية وجود موقف واضح من المجتمع الدولي تجاه ما يجري في البلاد.
وقال النجيفي، في بيان صدر عقب استقباله القائم بالأعمال البريطاني روبرت دين، إن«الطرفين بحثا خلال اللقاء الوضع السياسي والملف الأمني المتدهور في العراق». وأكد على ضرورة «إيجاد مشتركات بين الفعاليات السياسية للوصول الى حلول للأزمة الحالية كونها أثرت بشكل كبير على أمن المواطنين واستقرارهم». بدوره، كشف نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي، عن مساع جدية لإطلاق مبادرة سياسية لحل الأزمة الناشبة في البلاد. وقال الخزاعي، في بيان عقب لقائه رئيس مجلس النواب الأسبق محمود المشهداني، إن «هناك تفكيراً جدياً بمبادرة يجري العمل على إنضاجها، من شأنها أن تسهم في حل الخلافات (السياسية) القائمة».
وعلى صعيد آخر، أعلنت لجان تنسيق اعتصام الرمادي قبولها مبادرة شيوخ العشائر التي تتلخص بهدنة لمدة 72 ساعة بين المعتصمين وأبناء العشائر وبين عمليات الأنبار.
وتدعو الهدنة الطرفين إلى الالتزام بحضور اجتماع بعد انتهاء المهلة المحددة، بحضور شيوخ العشائر ورجال الدين وأعضاء مجلس محافظة الأنبار، للتوصل إلى اتفاق لحل أزمة المواجهات العسكرية التي تشهدها مدينة الرمادي.
في إطار آخر، أكد عضو لجنة الأقاليم والمحافظات النيابية منصور التميمي، أن إقامة الأقاليم حق دستوري، نص عليه الدستور، لكن يجب أن تكون على أساس مصلحة البلد وليس على أساس طائفي أو قومي.
ولفت التميمي في بيان إلى أن «الدستور نص على أن العراق بلد اتحادي فيدرالي، والكلام عن تشكيل الأقاليم هو كلام دستوري ولا ضير من تشكيلها»، مشيراً إلى أن «الشعب هو من يقرر تشكيل الأقاليم».
إلى ذلك، طرح رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني، خلال اجتماع خاص مع الأحزاب الكردستانية، إجراء التعديلات على بعض المواد المثيرة للجدل في مشروع دستور الإقليم وترحيل البعض الآخر إلى مراحل لاحقة، فيما عدّت أطراف المعارضة هذه الخطوة تطوراً نوعياً في الموقف.
وذكرت تقارير صحافية أن «البرزاني عقد اجتماعاً خاصاً مع الأحزاب الكردستانية للتباحث بشأنه (مشروع الدستور الكردستاني) والبحث عن مخارج لا تؤثر على الوضع الداخلي، ولا تثير الانقسامات في صفوف الشعب الكردي في هذا الظرف الحساس».
(الأخبار، أ ف ب)