أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن إسرائيل تتابع تطورات الأحداث في سوريا عن كثب وتستعد للتعامل مع أي سيناريو محتمل، مضيفاً، في مستهل جلسة الحكومة الأسبوعية، أمس، إن منطقة الشرق الأوسط وخاصة سوريا، تمر بإحدى الفترات الأكثر حساسية منذ عشرات السنين.
وكرر نتنياهو التلميح إلى إمكانية تكرار إسرائيل اعتداءاتها في الأراضي السورية بالقول إن حكومة إسرائيل «تعمل بشكل مسؤول، حازم ومدروس من أجل ضمان أمن مواطني الدولة ومنع وصول أسلحة متقدمة، قدر الإمكان، إلى حزب الله و«تنظيمات إرهابية» أخرى»، مؤكداً أنها ستعرف القيام بضمان المصالح الأمنية لمواطنيها في المستقبل أيضاً.
موقف نتنياهو يأتي بموازاة التطورات الميدانية التي تشهدها الساحة السورية لصالح النظام، وبعد التهديدات التي وجهها مصدر سياسي رفيع المستوى عبر صحيفة «نيويورك تايمز» باستهداف النظام نفسه لإسقاطه في حال رده على أي اعتداء إسرائيلي في الأراضي السورية، وفي أعقاب زيارة مدير السي آي إيه، جون برينان، الخاطفة إلى تل أبيب، وأيضاً بعدما نشرت صحيفة «صاندي تايمز» أمس معلومات مفادها أن سوريا رفعت حالة تأهب منظومة صواريخها الأكثر تطوراً ووجهتها صوب تل أبيب.
كذلك انتقد الوزير عوزي لانداو التصريحات والمواقف التي توالت في الأيام الأخيرة إزاء الساحة السورية، بما فيها الصادرة عن المستوى العسكري. وشمل الانتقاد أيضاً رئيس وحدة الأبحاث في الاستخبارات العسكرية «أمان» العميد إيتي بارون، الذي تحدث في الشهر الماضي عن أن قوات الرئيس الأسد استخدمت الأسلحة الكيميائية.
ورأى لانداو «في الشرق دائماً، هناك أسباب للقلق، ويوجد قلق من أن موظفي الدولة على مختلف أنواعهم يقدمون تقارير غير ذي صلة بالواقع». ودعا القادة العسكريين، بمن فيهم الذين يسربون مواقفهم عبر الصحف الأجنبية، إلى الصمت.
وفي ما يتعلق بما نقلته صحيفة «التايمز» عن مصدر استخباراتي إسرائيلي، بأن إسرائيل تفضل بقاء الاسد وأن يبقى في حرب أهلية من أي سيناريو آخر، بما فيها سيطرة التنظيمات الإسلامية المتطرفة على الدولة، انطلاقاً من أن «الشيطان الذي تعرفه أفضل من الشياطين التي يمكن أن تأتي من مختلف العالم العربي في حال سيطرتها على سوريا». ونفى المتحدث الرسمي باسم الجيش العميد يوآف مردخاي، ما نقلته الصحيفة البريطانية، مشدداً على أن إسرائيل لا «تفضل بقاء الأسد في السلطة» وأنه يعرف موقف الاستخبارات في ما يتعلق بالأحداث في سوريا. ولذلك «أرى أن هذا الاقتباس عن المصدر غير صحيح، وأيضاً لا يتطابق مع الواقع». وأضاف مردخاي إنهم في الجيش «يواصلون المتابعة والاستعداد لكل سيناريو، في القطاع الشمالي مثلما يجري أيضاً في قطاع آخر».
في سياق متصل، اعتبر المعلق العسكري لصحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، أن الأيام الأخيرة تتميز بمؤشر صدامي مباشر بين الولايات المتحدة وروسيا، تؤدي فيه إسرائيل دوراً ثانوياً لغير مصلحتها. وأضاف هرئيل إنه «من المشكوك به أن تتمكن إسرائيل من العمل مباشرة على إحباط صفقة روسية سورية، وبناء على فرضية مواصلة إيران دفع الأسد إلى مساعدتها على نقل سلاح إلى حزب الله، قد تكون إسرائيل أطلقت أكثر الرصاصات التي كانت في مشط الرصاص». وحذر هرئيل من أن «الإغراء العملياتي سيدفع رجال الاستخبارات إلى أن يبينوا أنهم يملكون معلومات دقيقة ولا يستطيعون ضمان مستوى مشابه للمعلومات الاستخبارية بعد أن تصل منظومات السلاح المتطور إلى لبنان.
وبالتالي سيتشكل ضغط على القادة ليوافقوا على عملية إحباط أخرى. في المقابل، يصعب الاستناد إلى امتناع الأسد عن الرد في المرة السابقة».
ولفت هرئيل أيضاً إلى أن الصراع السياسي المركب حول سوريا يتصل اتصالاً وثيقاً بقضية البرنامج النووي الإيراني.
وأشار إلى أن جميع العقبات التي عرقلت هجوماً إسرائيلياً ضد إيران في السنة الماضية، لا تزال قائمة هذه السنة أيضاً، سواء لجهة أن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما لا تزال تعارض مثل هذا العمل، فضلاً عن أن المستوى المهني في إسرائيل (الجيش والاستخبارات) لا يزال يعارض ذلك، مع إضافة عائق سياسي جديد في الفترة الأخيرة يتمثل بشريك نتنياهو الأساسي في الحكومة وزير المالية يائير لابيد الذي لا يشمل برنامجه المدني الاقتصادي حرباً على إيران.
في الإطار نفسه، رأى المعلق العسكري في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أليكس فيشمان، أن إسرائيل وقعت في فخ سياسي أمني خطير، يتمحور حول «استغلال الفرص العملياتية» دون التفكير بسلّم أولوياتها في المنطقة. وانتقد فيشمان ضمناً المستوى السياسي الذي اتخذ القرارات الأخيرة بشن اعتداءات في سوريا بالقول إن «عظمة السياسي هي أن يعرف كيف يضبط نفسه حتى أمام الفرصة المغرية، التي ستجعله ينال التصفيق الداخلي، لكنها ستصرفه عن المصلحة المركزية المتمثلة بـ«الموضوع الإيراني»».
وأضاف إن إسرائيل تدفع الثمن على خطأ الهجوم الثاني في دمشق، إذ بعدما سمع نتنياهو «شروحات تربوية من بوتين وفهم حجم الغضب الروسي، ركض من ركض ليسرّب إلى «التايمز» اللندنية أن إسرائيل لا يهمها على الإطلاق أن يبقى الأسد واصفاً هذا الموقف بالسلوك السياسي
البائس.