غزّة | اغتالت اسرائيل، أمس، القيادي السلفي في جماعة «مجلس شورى المجاهدين في أكناف بيت المقدس»، هيثم المسحال، في غارة جوية استهدفته بينما كان يقود دراجته النارية في قطاع غزّة، ما يشكل خرقاً فاضحاً لاتفاق التهدئة الذي رعته مصر، ويهدّد بنسفه، وخصوصاً مع توعد المجموعات السلفية بالانتقام عبر مواصلة إطلاق الصواريخ. وطالبت حركة «حماس» مصر بإلزام اسرائيل ببنود تفاهمات التهدئة بعد اغتيال الناشط السلفي.

وقال المتحدث فوزي برهوم، إن «مصر كراعية لتفاهمات التهدئة مطالبة بالقيام بمزيد من الضغط على الاحتلال الاسرائيلي لالزامه ببنود التهدئة»، مشيراً الى اتصالات مكثفة مع مصر في هذا الاطار.
وقد تكون هذه العملية نقطة البداية لنهاية التهدئة؛ فرغم أن هذا الاغتيال لا يعد الخرق الأول للتهدئة، لكنه يعتبر الأفظع اذ خلف شهيداً للمرة الأولى منذ انتهاء الحرب الأخيرة. وتصاعدت أعمال العنف خلال الشهر الجاري بعد إطلاق صواريخ من قطاع غزة عقب استشهاد أسير فلسطيني في سجون الاحتلال، وتطورت الى وقوع اشتباكات بالأسلحة الخفيفة على طول الشريط الحدودي، اضافة الى شن غارات جوية اسرائيلية على أهداف عسكرية في القطاع. كما عمدت اسرائيل الى إغلاق المعبر التجاري الوحيد مع قطاع غزة لعدة أيام قبل أن تعيد فتحه. الا أن الصواريخ السلفية استمرت في التساقط على اسرائيل، وكان آخرها أمس مع سقوط خمسة صواريخ.
ولا بد من الإشارة الى أنّ حركة «حماس» تعمل للحفاظ على التهدئة، ولذلك أقدمت أجهزتها الأمنية على اعتقال العشرات من عناصر الحركات السلفية في القطاع لمنعهم من الاستمرار في اطلاق الصواريخ. لكن حملة الاعتقالات هذه لم تجدِ نفعا. وما قد يزيد الأمور سوءاً هو تهديد ووعيد الجماعات السفلية بالردّ على اغتيال المسحال بأسرع وقت، بالاضافة الى التهديدات الاسرائيلية التي سبقت اغتيال المسحال بعدة ايام، والتي توعد فيها قادة جيش الاحتلال بشنّ عملية عسكرية واسعة في غزة، وأن «مسألة البدء في تلك العملية ما هي الا مسألة وقت».
وقال أبو ثائر، أحد الناشطين في جماعة «مجلس شورى المجاهدين في أكناف بيت المقدس»، لـ«الأخبار»، إن «اقدام اسرائيل على اغتيال المسحال امر لا يغتفر، متوعدا برد قاس وسريع على هذا الاغتيال».
وبالنسبة لـ«حماس»، فهي تراقب كل تلك الأحداث عن بعد وقرب أيضاً. لكن من الواضح أن أياً من التنظيمات الفلسطينية ليس راغباً الآن في اشتعال حرب جديدة قد تكون نتائجها غير معلومة. وترى «حماس»، حاكمة القطاع، خصوصاً أن مسألة خوض حرب جديدة غير مطروحة في المرحلة الحالية لعدّة أسباب. ويقول الكاتب والمحلل السياسي مصطفى ابراهيم لـ«الأخبار» إن «الحركة وجناحها العسكري غير راغبين في حرب جديدة مع اسرائيل في الوقت الراهن، ولعل أهم تلك الاسباب هي عملية الاعمار الكبيرة التي تنفذها حركة حماس في القطاع بدعم مالي من قطر و تركيا ودول أخرى».
سبب آخر يجعل من خوض غمار حرب جديدة أمراً مستبعداً بالنسبة إلى ابراهيم، وهو «عدم وجود اجماع فصائلي على انهاء التهدئة والعمل على ازعاج اسرائيل وجرها لحرب جديدة لا أهداف لها». لكن على المستوى العقائدي، فإن الأمر مختلف بالنسبة للسلفيين الذين يعتقدون أن قتال اسرائيل جهاد وليس مقاومة أو دفاعاً عن الشعب الفلسطيني.
ويؤكد ابراهيم أن «اسرائيل معجبة وراضية عن سيطرة «حماس» على الوضع الامني في غزة»، موضحا أن «اغتيال مسحال قد يكون رسالة لحماس وليس للسلفيين، بأن عليها أن تتدبر أمر هؤلاء المتشددين قبل فوات الاوان». ولذلك، لا يستبعد ان تبدأ «حماس» خلال الأيام المقبلة حملة تصعيدية ضد السلفيين اذا ما أقدم الجهاديون على اطلاق مزيد من الصواريخ على اهداف اسرائيلية.