رام الله | أعلنت اسرائيل، أمس، ترحيبها بالموقف الجديد للدول العربية المؤيد لتبادل اراض بين الاسرائيليين والفلسطينيين، عقب محادثات أجراها وزير الخارجية الاميركي جون كيري في واشنطن مع وفد من ممثلي الجامعة العربية، فيما تصاعدت اعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية بعد تنفيذ كتائب شهداء الأقصى عملية هي الأولى لها منذ الانتفاضة الثانية.
وقالت وزيرة العدل الاسرائيلية، تسيبي ليفني، وهي المسؤولة عن ملف المفاوضات مع الفلسطينيين، «هذه خطوة مهمة بالتأكيد وأرحّب بها». وأضافت «نحن مستعدّون للتغييرات، وهو امر سيسمح للفلسطينيين كما آمل، بدخول غرفة (المفاوضات) وتقديم التنازلات اللازمة». واعتبرت أن إعلان ممثلين عن الجامعة العربية للمرة الاولى أنهم قد يؤيدون مبدأ تبادل اراض بين الاسرائيليين والفلسطينيين «يعطي ايضاً رسالة الى المواطنين الاسرائيليين: لم نعد وحدنا. نتحدث مع الفلسطينيين وهناك مجموعة من الدول العربية تقول: توصلوا الى اتفاق مع الفلسطينيين وسنصنع السلام معكم وسنطبّع معكم».
وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري قد أكد في اجتماعه أول من أمس مع وفد اللجنة الوزارية لمبادرة السلام العربية والذي حضر نائب الرئيس جون بايدن جزءاً منه، «على الدور البالغ الاهمية للجامعة العربية في تحقيق السلام في الشرق الاوسط، ولا سيما عبر التأكيد مجددا على مبادرة السلام العربية» التي اطلقتها الرياض خلال قمة بيروت العربية في العام 2002.
كما رحب بالتغيير الذي ادخلته الجامعة العربية على مبادرتها للسلام في الشرق الاوسط التي اعلنتها عام 2002 وقبولها مبدأ تبادل اراض بين اسرائيل والفلسطينيين. واعتبره «خطوة كبيرة جدا الى الامام».
من جهته، أعلن رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم أن «السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين هو خيار استراتيجي للدول العربية»، مؤكداً دعمه لاقتراحات الرئيس باراك اوباما حول «تبادل متماثل ومحدود للاراضي يتفق عليه» بين الاسرائيليين والفلسطينيين ويعكس الواقع على الارض.
وكانت لجنة متابعة مبادرة السلام العربية، قد عقدت أول من أمس اجتماعاً تنسيقياً في مقر السفارة المصرية في واشنطن، برئاسة رئيس الوزراء القطري رئيس اللجنة والعربي. وشارك في الاجتماع وزير الخارجية المصري محمد كامل عمر، ووزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، والأردني ناصر جودة، والبحريني الشيخ خالد الخليفة، ووزير الدولة للشؤون الخارجية القطري الدكتور خالد العطية، وسفيرا كل من السعودية ولبنان لدى الولايات المتحدة ممثلين لبلديهما.
وفي الضفة الغربية، وتحديداً على حاجز زعترة الفاصل بين رام الله ونابلس، أخرج مواطن فلسطيني، صباح أمس، سكيناً وطعن مستوطناً من مغتصبة يتسهار المجاورة وأرداه قتيلاً، قبل أن يطلق جنود الاحتلال المتمركزون على الحاجز النار عليه، ويصيبوه بجروح متوسطة.
عملية هي الأولى من نوعها منذ فترة طويلة، والقتيل هو أول إسرائيلي يُقتل في الضفة منذ عام 2011، كما ذكرت صحيفة «هآرتس». أما منفذ العملية فهو الشاب العشريني سلام الزغل من ضاحية شويكة قضاء طولكرم. كان أسيراً لدى الاحتلال لمدة أربع سنوات، ولم يكمل الشهرين بعد خارج السجن. ولم يمض وقت طويل على العملية، حتى قامت قوّات الاحتلال بمداهمة منزله في القرية، وصادرت أغراضه، وحتى الدواء الدي كان يتلقاه بعد السجن.
أما العملية التي كانت تبدو للوهلة الأولى عملية فردية، فعادت وتبنّتها كتائب شهداء الأقصى، الذراع العسكرية لحركة «فتح». وقالت في بيان إنها تأتي في سياق الرد على «جريمة اغتيال الأسيرين عرفات جردات وميسرة أبو حمدية». وأكدت أنها حصلت على «الضوء الأخضر للبدء بعمليات نوعية ضد الاحتلال». المميز في هذه العملية أنها جاءت موجهة وذات أهداف معلنه، ونفّذها فصيل غاب عن الساحة، أو غُيّب عنها، منذ الانتفاضة الثانية.
وما هي إلا دقائق، حتى أقدم مستوطنو «يتسهار» على قطع الطريق الواصل بين رام الله ونابلس. وشنّوا اعتداءات واسعة على القرى المحيطة. وقال أحد سائقي السيارات العمومية الذين تواجدوا بالمكان إن «المستوطنين يقيمون حواجز خاصة بهم على الطرقات، ولا تسلم سيارة مارة من طريق مستوطنة يتسهار من اعتداءاتهم».
قرى جنوب نابلس القريبة من مكان الحادث كان لها النصيب الأكبر من اعتداءات المستوطنين؛ ففي قرية بورين، أضرم مئات المستوطنين النار في أراضي القرية الزراعية، فيما منعت قوات الاحتلال المتواجدة في المكان طواقمَ الدفاع المدني من الوصول إلى مكان الحريق.
وفي قرية عوريف القريبة، وقعت اشتباكات بين أهالي القرية وقطعان المستوطنين، بعدما أقدموا على تحطيم مسجد الرباط في القرية، وحرق عشرات الدونمات من أراضيها. كما علقت المدارس في قرية حوارة دوامها بعدما أقدم عشرات المستوطنين على محاصرتها، واحتجاز من فيها، في الوقت الذي أصيبت فيه خمسون طالبة بجراح مختلفة، بعدما هاجم المستوطنون الحافلات التي كانت تقلهن في رحلة مدرسية. ولم تتوقف اعتداءات المستوطنين على محيط محافظة نابلس، بل تعدتها إلى المحافظات الأخرى.
وفي أول رد فعل رسمي، قال عضو المكتب السياسي لحركة حماس، عزت الرشق: «إن الشعب الفلسطيني لن يقف مكتوب الأيدي أمام جرائم المستوطنين».
وتتوزع اعتداءات المستوطنين ما بين الاعتداءات المباشرة وغير المباشرة، كقطع طرق السيارات، وحرق الأشجار، والتهجم على البيوت الآمنة. وفي شهر نيسان وحده أحرق المستوطنون 507 شجرات. وفي العام الماضي، سجلت اعتداءات المستوطنين ارتفاعاً بنسبة 20 في المئة عن العام السابق، بحسب اعتراف جيش الاحتلال نفسه.