أغلقت العشرات من محالّ الذهب في العاصمة صنعاء وفي عدد من المحافظات بسبب استمرار الحرب السعودية ومخاوف أمنية داخلية، فيما عمدت محالّ أخرى إلى تخفيف العرض من الذهب والاكتفاء بعرض رمزي. وبعد أشهر من تكيّف المجتمع مع العدوان، في ظل الغارات على العاصمة والمحافظات، بفضل منسوب الأمن المحافظ عليه في العاصمة وبعض المناطق الشمالية مثل محافظة الحديدة الساحلية، عاودت محالّ الذهب نشاطها، إلا أن تردي الأوضاع الأمنية وتصاعد مظاهر الانفلات الأمني في محافظتي تعز وعدن سبّب تراجع الحركة في أسواق الذهب بنسبة 80%.
سُحب 800 مليار ريـال يمني من البنوك خلال الخمسة أشهر الأولى من العام الماضي
ووفقاً لمصادر محلية، أفرغ معظم تجار الذهب في المحافظتين محتويات محالّهم التجارية، وأودعوها أماكن آمنة، خوفاً من تعرضها لأعمال سطو ونهب من قبل المجموعات المسلحة، كذلك أودع تجار آخرون، وهم القلة، الذهب في البنوك.
ونظراً إلى ارتباط الحركة التجارية لأسواق الذهب بمواسم محددة، كموسم الأعراس الذي يتزامن مع بدء العطلة الصيفية والأعياد الدينية، كعيدي الفطر والأضحى، ورغم استمرار موسم الأعراس في العاصمة صنعاء، لم ينعكس ذلك إيجاباً على أسواق الذهب بسبب انخفاض تكاليف الزواج بهدف «التسهيل» على المواطنين في ظلّ الظروف الصعبة، وبالتالي تراجع الطلب على الذهب، الأمر الذي أسهم في إبقاء الأسواق في حالة ركود.
ووفقاً للعادات والتقاليد اليمنية، كان «مهر» الزوجة المقدم يصل عادةً إلى 100 غرام من الذهب مثلاً، غير أنه انخفض أخيراً إلى النصف تقريباً، مقابل ارتفاع «المهر» المؤخر الذي يراوح بين 10 و20 جنيهاً من الذهب.
محمد المجيدي تاجر ذهب في شارع هائل، أحد أبرز الشوارع التجارية في صنعاء، أكد لـ«الأخبار» تراجع التفاعل بين العرض والطلب إلى مستويات غير مسبوقة نتيجة تأثر أسواق الذهب بفعل العدوان والحصار.
وأوضح المجيدي أن تدهور الأوضاع المعيشية للمواطن دفعت اليمنيين إلى بيع الذهب الموجود لديهم، في ظل شحّ السيولة المالية لدى أصحاب محالّ الذهب نتيجة تراجع حركة البيع إلى أدنى المستويات، مشيراً إلى أن متوسط البيع لدى معظم المحالّ يراوح بين 30 ـ 50 غراماً يومياً مقابل 100ـ 200 غرام في اليوم، خلال السنوات الماضية.
وعلى الرغم من ارتباط أسعار الذهب في الأسواق اليمنية بالأسعار العالمية، إلا أنها لا تتأثر بانحفاض أسعاره في البورصات العالمية لغياب الرقابة الحكومية على الأسواق. ويبرر تجار الذهب الاستمرار في البيع في حال انحفاض الأسعار السابقة لتكلفة الصياغة، أما في حالة ارتفاع أسعار الذهب في الأسواق العالمية، فيتسابق التجار على بيع الذهب بسعر أعلى من سعره في البورصات العالمية، زائداً عليه تكلفة الصياغة.
وكانت هيئة المواصفات والمقاييس اليمنية قد أكدت مطلع العام الماضي، أن كميات الذهب الداخلة عبر مطار صنعاء الدولي بلغت 2701 كيلوغرام، وفي السياق نفسه أفادت مصادر مطلعة بأن كميات الذهب المصدرة إلى الأسواق الخارجية تجاوزت الستة أطنان.
وفي الوقت الذي يُعَدّ فيه الذهب من الملاذات الأمنية للمستثمرين أو المدخرين في مختلف دول العالم، إلا أنه لم «يلفت نظر» اليمنيين، في ظل منع البنك المركزي اليمني من التعامل بالدولار والمضاربة بأسعاره في الأسواق.
مصادر اقتصادية أفادت بأن نحو 800 مليار ريـال يمني سحب من البنوك اليمنية خلال الخمسة أشهر الأولى من العام الماضي من قبل المودعين في البنوك بالعملة المحلية، مبررين ذلك بتصاعد المخاوف من انهيار أسعار صرف الريـال اليمني، إلا أن الكثير من أصحاب رؤوس الأموال لم يتجهوا باتجاه أسواق الذهب لاقتناء المعدن النفيس، باعتباره من أهم العملات في العالم التي تتميز بارتفاع نسبة الأمان، خصوصاً أن اقتناء الذهب في اليمن من قبل الأفراد يتخذ طابع الزينة والاكتناز المنزلي كموروث مجتمعي تقليدي بعيداً عن استغلاله من الناحية الاقتصادية، تزامناً مع اتهامات لتجار ومسؤولين بالقيام بعمليات تهريب منظمة للذهب من اليمن إلى الخارج.