في وقت تشنّ فيه أطراف المعارضة السورية وإعلامها حملة «تخوين» غير مسبوقة ضد الرئيس السابق لـ«الائتلاف» المعارض، أحمد معاذ الخطيب، يبدو أن الأخير منهمك بالعمل على مبادرة، يقول إنّ هدفها «حقن دماء السوريين». ويكشف الخطيب، في صفحته على الموقع الأزرق، أنّه يتواصل «مع أجسام عسكرية ومدنية لاستمزاج آراء حول تلك المبادرة». الخطيب لفت أيضاً، إلى أنّه بحكم صفته «السياسية أو الشخصية»، يلتقي بكل سوري، دون أن يتفق مع أحد على شيء، ودون أن يعطي «وعداً لأحد ببقاء الرئيس الأسد في السلطة لأي وقت ما». ويضيف: «عندما أفعل فسأعلن ذلك».
جُهد الخطيب الحالي يعقب تأكيده على عدم وجود خلاف على رحيل الأسد، ولكن طريقة الرحيل بحاجة إلى ترتيب، ولا تتم في ليلة وضحاها. فالرجل قَبِل الجلوس مع «ممثلين عن النظام السوري حقناً لدماء السوريين»، لكنه حدد اللقاء خارج سوريا، واشترط حينها إطلاق سراح المعتقلين، وتمديد أو تجديد جوازات السفر للسوريين في الخارج، ثم دعا إلى التفاوض مع نائب الرئيس فاروق الشرع على مبدأ رحيل النظام، فيما أعلنت دمشق أنها مستعدة للحوار بدون أي شروط مسبقة ووفقاً للمبادرة التي أطلقها الأسد.
وللسبب السابق ذاته «حقناً للدماء»، عقد الخطيب لقاء مع وزير الخارجية الإيراني، علي أكبر صالحي، وهو ما وصفه «المجلس الوطني السوري» بأنه يمثّل «طعنة للثورة». ولم يكتف الخطيب بذلك، بل ذهب إلى توجيه رسالة أخيراً، إلى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله. وسبق أن اعترف بأن في سوريا «عشرات الأجهزة الغربية التي تأكل وتنام في بيوت بعض أبناء السوريين». وفي موقف آخر، يبدو أنه أثار فيه استياء المعارضة السورية في الخارج، انتقد القرار الأوروبي القاضي بالسماح لدوله الأعضاء بإجراء تعاملات في استيراد النفط ومشتقاته والاستثمار في صناعة النفط في سوريا، بهدف دعم المعارضة. وعلق على القرار، بالقول: «هل يتعامل الاتحاد الأوربي مع عصابات؟ كيف يمكن للثروات الوطنية أن تُباع من قِبل فريق معروف إلى فريق مجهول؟». وتساءل في تعليق على صفحته: «من هي الجهة السياسية أو التنفيذية التي ستوقع على صك بيع النفط السوري وتُشارك في نهب ثروات سوريا».
وليس خافياً أن أطياف من المعارضة ترفض إجراء حوار مع النظام السوري، مشترطة انتقال السلطة وتنحي الأسد كأساس لبدء أي حوار. وفي السياق، طالب العضو في «الائتلاف»، كمال اللبواني، باعتقال الخطيب ومحاكمته هو ومن سماهم «الطابور الخامس». ونقلت مواقع إلكترونية تصريحات اللبواني، التي قال فيها: «لو كنت قاضياً لأمرت باعتقال الخطيب ومحاكمته بحسب المادة 286 من (قانون العقوبات)»، التي تنص على «اعتقال كل من يوهن الشعور القومي أو يوقظ النعرات العنصرية أو المذهبية خلال الحرب». وينتقد اللبواني الخطيب بتقديم استقالته للدول الغربية، في حين أنه يجب تقديم استقالته للأمانة العامة للائتلاف. وبحسب اللبواني، فان «الخطيب لا يزال على اتصال مع شخصيات مقرّبة من النظام مثل أنس الكزبري ومحمد حمشو وراتب الشلاح». الشيخ الدمشقي، حاول أن يدافع عن مواقفه ضد حملة «التشهير» التي يقوم بها من «يصطادون في الماء العكر». وقال في رده: «أؤكد للجميع أن عندي من الشجاعة بأن أجهر للجميع بما أعتقده الصواب. وحتى الآن لم أتصل بأحد، وعندما أتصل فسوف أعلن ذلك على رؤوس الأشهاد». وعلى ما يقول، فإن كل قراراته «بلا استثناء، كانت بعد تشاور مع عديد من الأطراف، ولست ملزماً بذكر تلك الجهات لأي طرف، مع العلم بأن بعضهم من الائتلاف ولكن لا يرغب بأن يُعرَف اسمه».
ويتابع رده، بالقول: «لم أستقل ثم أرجع ثم أستقل، فقط استقلت مرة واحدة لم يتفضل الإخوة في الائتلاف حتى بمناقشتها». وفي اجتماع اسطنبول واحتجاجاً على تخاذل المجتمع الدولي «أعدت التذكير بها وأنها نهائية (فهي ليست استقالة جديدة)»، إضافة إلى أمرين أولهما زعم الخارجية الأميركية «أني سأبقى إلى نهاية فترتي الانتخابية»، وهذا قرار سوري محض «نحن من يقرره»، وثانيها أمور تتعلق بالائتلاف «لا أريد أن أذكرها الآن».