تبدّلت مواقف واشنطن ولندن بين ليلة وضحاها. منذ يومين وحتى ظهر أمس، كانت الدولتان تعتبران أنّ استخدام سوريا للسلاح الكيميائي لا يزال ضمن التقديرات غير المؤكدة، وذلك رداً على ما عمدت تل أبيب إلى ترويجه. لكن الدولتين ما لبثتا أن أذعنتا للرؤية الإسرائيلية، لتتسارع البيانات الأميركية البريطانية مساء أمس معلنة استخدام دمشق لغاز السارين «ضمن نطاق محدود».
وقال وزير الدفاع الأميركي، تشاك هاغل، أمس، إن الاستخبارات الأميركية تعتقد أنّ الحكومة السورية استخدمت غاز السارين على نطاق محدود ضد مقاتلي المعارضة. وأضاف هاغل أنّ «البيت الأبيض سلّم رسالة إلى عدد من أعضاء الكونغرس بشأن موضوع استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا، تقول «إن تقييم الاستخبارات الأميركية يشير بدرجة ما من الثقة إلى أن النظام السوري استخدم أسلحة كيميائية على نطاق محدود في سوريا». وأضاف أن هذه الأسلحة هي غاز السارين.
وكان هاغل قد أعلن، أول من أمس، أنّ الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة لتحديد ما إذا كانت سوريا استخدمت أسلحة كيميائية هي «أمر خطير» لا يمكن أن يتخذ بشأنه قرار متسرّع لمجرد أن عدة دول تعتقد أنّ هناك أدلة تدعم ذلك. وقال هاغل، في ختام زيارته لمصر، «الشكوك شيء والأدلة شيء آخر». بدوره، أعلن وزير الخارجية الاميركي جون كيري ان النظام السوري استخدم السلاح الكيميائي مرتين ضد المعارضة.
أما البيت الأبيض، فأعلن أن النظام السوري لا يزال يسيطر على مخزون الأسلحة الكيميائية، وبالتالي فإذا ثبت استخدامها، فيكون ذلك قد تم بقراره منه. وأشار إلى أنه إذا تم التأكد من تجاوز دمشق للخطوط الحمر وتم استخدام السلاح الكيميائي، فإن الولايات المتحدة ستتشاور مع حلفائها حول الخطوة التالية.
في السياق، قالت وزارة الخارجية البريطانية إنّ لديها معلومات تظهر أنّ أسلحة كيميائية استخدمت في سوريا، ودعت الرئيس بشار الأسد إلى التعاون مع الجهات الدولية لإثبات أنه لم يأمر باستخدامها. وقال متحدث باسم الوزارة، في بيان، «لدينا معلومات محدودة لكن مقنعة من مصادر متعددة تظهر استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا ومنها غاز السارين. هذا أمر مقلق للغاية. استخدام هذه الأسلحة جريمة حرب».
وكان الوزير البريطاني لشؤون الشرق الأوسط، اليستر بيرت، قد اعتبر، خلال مؤتمر صحافي في عمان، أن بريطانيا وحلفاءها «مستعدون تماماً» للتعامل مع «تحديات» الأسلحة الكيميائية السورية إن قرر النظام السوري استخدامها.
ميدانياً، تواصل تقدّم الجيش السوري في قرى ريف القصير، عبر سيطرته على لبدة كمام، متقدماً نحو مدينة القصير التي تعتبر معقلاً لمقاتلي المعارضة، فيما، أفادت «لجان التنسيق المحلية» عن اشتباكات عنيفة تفجّرت للمرة الأولى منذ شهور في مدينة حماه. وذكر أحد المعارضين لوكالة «رويترز» أنّ «العملية محاولة لتخفيف بعض الضغط عن المقاتلين في ريف حماه وكذلك في المحافظات المجاورة»، لكنه شكّك في جدوى المحاولة.
في موازاة ذلك، يعمل الجيش السوري على تغيير استراتيجيته العسكرية، عبر فتح «حرب الاوتوسترادات» بهدف السيطرة على محاور المرور الرئيسية في البلاد. ولفت مصدر أمني سوري لوكالة «فرانس برس» إلى أنّ «هناك تغييرا في الاستراتيجيا. لا حرب بعد الآن منتشرة على كل الأرض السورية، ومن شأنها انهاك الجيش من دون اعطاء نتائج مقنعة. اليوم، مسرح العمليات الأساسي هو الطرق السريعة، وذلك بهدف السماح للجيش بالتنقل بسهولة بين المدن التي يتواجد فيها».
في غضون ذلك، أكد وزير الداخلية الألماني، هانز بيتر فريدريش، أنّ متطرفين إسلاميين من ألمانيا يشاركون في العمليات القتالية في سوريا في صفوف المعارضة. وتعتبر هذه التصريحات أول تأكيد ألماني رسمي لمشاركة مواطنين ألمان في الصراع بسوريا.
في سياق آخر، دعت وزارة الخارجية الفرنسية إلى الافراج «الفوري» عن المطرانين الأرثوذكسيين المخطوفين في سوريا. وقال المتحدث باسم الخارجية، فيليب لاليو، إنّ «فرنسا تعرب عن تضامنها مع المجموعات المسيحية التي ينبغي أن تعيش بسلام في سوريا وتحترم كل مكوناتها».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)