القاهرة - في الوقت الذي ربط فيه قضاة مصريون بين إصرار النظام على الترصد للقضاة وافتعال أزمات معهم تلزمهم بمقاطعة الإشراف على الانتخابات البرلمانية المقبلة لفتح الباب أمام تزوير الجماعة لنتائجها، استعدت القوى المدنية لمليونية جديدة تحمل شعار «استقلال القضاء»، في الوقت الذي تركت فيه القوى الإسلامية الساحة وعولت آمالها في تطهير القضاء على مجلس الشورى.
تحت عنوان: «مليونية واحدة تكفي»، أنهت الأحزاب والقوى المدنية في مصر استعداداتها لمليونية اليوم الجمعة للمطالبة باستقلال القضاء ورفض التعديلات المقترحة من قبل الأحزاب الإسلامية الموالية لقانون السلطة القضائية التي من شأنها عزل ثلث قضاة مصر وإفراغ جميع المحاكم العليا «الدستورية العليا، والإدارية العليا، والنقض، والاستئناف» من قضاتها.
وفي المقابل، قررت الأحزاب الإسلامية الداعية الى تظاهرات مضادة تحمل عنوان «مليونية تطهير القضاء الثانية»، وعلى رأسها حزب الحرية والعدالة الحاكم، تأجيل مليونيتهم الى أجل غير مسمى، مبررين بأنهم لمسوا من مجلس الشورى جديّة في مناقشة مشاريع القوانين الخاصة بالسلطة القضائية المقدمة من عدة فصائل سياسية بإقراره لمناقشتها.
وقالت الأحزاب الإسلامية إنه في حال وجود أي عرقلة لعدم إقرار مشاريع القوانين المقدمة من أحزاب الوسط والجماعة الإسلامية «الموالين للرئيس وجماعته» ستعاود الأحزاب دعوتها الى التظاهر من جديد من أجل تطهير القضاء، حسبما أعلن رئيس حزب الأصالة إيهاب فهمي لـ«الأخبار».
في هذه الأثناء، قلل أعضاء جبهة الإنقاذ الوطني، المشاركون في تظاهرات استقلال القضاء، من جدوى تأجيل مليونية الإسلاميين، وأوضح القيادي في الجبهة محمود العلايلي، لـ«الأخبار» أن دعوة الإسلاميين للتظاهر وكذلك تأجيلها هو هراء، مضيفاً إن «الشائع هو أن التظاهر يكون لرفع ظلم معين أو التضرر من سياسة ما، ولكن كيف نقبل من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين وأنصارهم والموالين لهم أن يتظاهروا من أجل تأييد الرئيس». وعزا العلايلي امتناعهم عن التظاهر اليوم «الى أنهم يخشون مواجهة التيارات المدنية، وخاصة أنهم عادة ما يجنحون الى العنف».
الى ذلك، واصل القضاة في مصر غضبهم تجاه مقترح تعديل السلطة القضائية، وفسر نائب رئيس مجلس الدولة المستشار محمود ذكي لـ«الأخبار» إصرار مؤسسة الرئاسة على تجاهل احتواء أزمة غضب القضاة وإصرار مجلس الشورى على تصعيد الأزمة واستمرارها، بأن الأمر يحمل أهدافاً سياسية خفية وغير معلنة. وأضاف ذكي إن «الإخوان في حاجة الى استمالة القضاة أو على الأقل تجنب افتعال أزمات معهم لكونهم سيشرفون على الانتخابات البرلمانية المقرر عقدها بعد فترة وجيزة». ورأى أن «النظام الحاكم يقوم رغم ذلك بتمثيلية هزلية يلعب خلالها الكومبارس (حزب الوسط) دور تقديم مقترح تعديل القانون لضمان عزل ثلث أعضاء السلطة القضائية في حال سريانه، ثم تدعو جماعة الإخوان أنصارها الى مليونية للإساءة الى القضاء وشيوخه».