دعا رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، أمس، إلى التصدي لمحاولة إعادة البلاد إلى مرحلة «الحرب الأهلية الطائفية»، معتبراً أن العراق يعيش حالياً فتنة بين أطيافه، فيما قدم رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي مبادرة لحل الأزمة الجديدة.
وأوضح المالكي في كلمة له أمس أن الأحداث التي جرت في البلاد في اليومين الماضيين فتنة عمياء لا تميز بين المجرم والبريء، مطالباً العراقيين باتقائها. ودعا المالكي العراقيين من رجال عشائر وإعلاميين ورجال دين وآخرين إلى «أن يبادروا وألا يسكتوا على الذين يريدون إعادة البلد إلى ما كان عليه في الحرب الأهلية والطائفية».
وشدد المالكي على أن ما حصل في الحويجة وما حصل في ناحية سليمان بك في صلاح الدين التي يسيطر عليها مسلحون «كلها تدعونا إلى التوقف وتحمل المسؤولية. وأقول بكل صراحة لو اشتعلت الفتنة، لن يكون هناك رابح أو خاسر». وأضاف «ليس لدينا عدو في الشعب العراقي. كلهم إخواننا. الكل إخوة متساوون بحكم الهوية الوطنية، ليس لدينا عدو. عدونا فقط القاعدة والإرهاب وفلول حزب البعث».
ودعا المالكي إلى «ضرورة الانفتاح والحوار، والتقدم إلى طاولة الحوار، والنقاش وجهاً لوجه، لمناقشة قضايانا». وتابع «كلنا ثقة ولدينا من سعة الصدر أن ننفتح على كل المشاكل وفق قاعدة الاحتكام إلى الدستور وضرورة تجنيبه الفتنة الطائفية»، مشدداً على أن «الحكومة ومجلس النواب وكل مؤسسات الدولة منكم وإليكم، وأنتم جميعاً شركاء فيها».
من جهته، قدم رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي، أمس، مبادرة إلى التحالف الوطني لإحلال التهدئة في المدن التي تشهد تأزماً في أوضاعها الأمنية. وأضاف بيان نقله المكتب الإعلامي للنجيفي إن الأخير حمّل وزير النقل والمواصلات، هادي العامري، بعيد لقائه، مبادرة إلى التحالف الوطني، تضمنت نقطتين أساسيتين يمكن من خلالهما إحلال التهدئة وتطويق الأزمة والحيلولة دون اتساع رقعة الخطر، وخلق الفرص لإيجاد الحلول المناسبة. وأضاف البيان إن«المبادرة تتلخص بالانسحاب الكلي والفوري لقوات الجيش والشرطة الاتحادية من داخل المدن التي تشهد أوضاعاً متأزمة والتمركز خارج حدودها الإدارية، وتسليم الملف الأمني لقوات الشرطة المحلية ولمحافظي تلك المدن». وتضمنت المبادرة أيضاً «ضمان تحقيق إجراءات قضائية عادلة ونزيهة للوصول إلى الجناة في قضية الحويجة، على أن تقدم القضية إلى محكمة استئناف كركوك حصراً».
كذلك، أوعز النجيفي إلى لجنة حقوق الإنسان النيابية بإرسال وفد فوري إلى محافظة كركوك للتحقق بشأن «قيام قوات الجيش بسلسلة إعدامات مباشرة وجماعية في مجزرة الحويجة»، فيما طالب مفوضية حقوق الإنسان بالتأكد من صحة هذه الأنباء «الخطيرة».
وعلى خط دعوات التهدئة، أطلق ديوانا الوقفين الشيعي والسني في العراق مبادرة لحل الأزمة التي تمر بها البلاد تتضمن عقد اجتماع برعايتهما للمسؤولين العراقيين اليوم الجمعة.
وناشد بيان صادر أمس عن الجانبين، تلاه رئيس الوقف السني عبد الغفور السامرائي، في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس ديوان الوقف الشيعي صالح الحيدري، السياسيين والجهات المتنازعة أن «لا يكونوا سبباً لسفك دماء العراقيين التي هي أغلى وأسمى من أي منصب ورتبة»، مخاطبهم بالقول «إنكم مسؤولون أمام الله والتأريخ والشعب، ومطلوب منكم اليوم وقد بلغ السيل الزبى أن تجلسوا على طاولة الوقفين وبرعايتنا».
ودعا البيان رئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس مجلس النواب أسامة النجيفي ونائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي ونائبي رئيس الوزراء صالح المطلك وحسين الشهرستاني ووزير المالية رافع العيساوي ووزير الدولة لشؤون المصالحة الوطنية عامر الخزاعي والشيخ أحمد أبو ريشة، إضافة إلى ممثل منطقة كردستان في بغداد، إلى اجتماع اليوم لبحث السبل الآيلة إلى تطويق الأحداث.
من جهة أخرى، طالبت القائمة العراقية برئاسة اياد علاوي، أمس، بسحب الجيش من جميع المدن ووقف تقدمه من بغداد ومحافظات أخرى. وحذر النائب عن القائمة العراقية أحمد المساري من «نشوب حرب في كل مناطق العراق في حال عدم توقف الجيش عن استهداف المتظاهرين».
في إطار آخر، رأى أمير عشائر الدليم في العراق، الشيخ علي حاتم السليمان، أمس، أن رئيس الوزراء نوري المالكي فتح على نفسه أبواب جهنم السبعة، وفيما أكد أن الحرب «معه لا مع أهلنا الشيعة»، دعا أهل الجنوب إلى أن «يختاروا بين شخص المالكي وبين العراق».
وشدد السليمان، في حديث إلى موقع «السومرية نيوز»، على أن «تهديد المالكي بالفتنة والحرب الأهلية لم يعد ينفع على الإطلاق»، مؤكداً أنه «ليس هناك حرب أهلية ولن تحدث، وسنرد النار عن صدور أهلنا الشيعة قبل صدورنا، وحربنا مع المالكي وليست مع أحد آخر».
وأضاف السليمان «لن تكون هناك حرب أهلية على الإطلاق، والمالكي يستغل التوتر الطائفي لتثبيت نفسه لا أكثر»، لافتاً إلى أن «وقت التفاوض انتهى ودفناه مع شهداء الحويجة»، مهدداً رئيس الحكومة نوري المالكي بالقول «إذا حاول بجيشه اقتحام سليمان بك فليعتبر أن الحرب بين العشائر وبينه قد اندلعت، ولن تستغرق بأيدينا سوى ساعات، ونحن نعلم ما نقول».
وفي سياق أحداث الحويجة، أكد وزير التربية العراقي المستقيل، محمد تميم، أن الأحداث التي حصلت كان يمكن تجاوزها، لكنْ كان هناك إصرار على ساعة التنفيذ. وأضاف تميم، الذي تولى مفاوضات الساعات الأخيرة بين المعتصمين والقوات المقتحمة، في حديث صحافي أمس، إنه لم يكن لدى المعتصمين أية أسلحة. ولو كان الأمر صحيحاً لكان عدد الضحايا من الجيش كبيراً، مشدداً على أن ما حدث في ساحة اعتصام الحويجة مجزرة بكل ما تعنيه الكلمة.
إلى ذلك، كشف مصدر مطلع في الحكومة العراقية أن رئيس حكومة إقليم كردستان، نيجرفان البرزاني، سيصل إلى بغداد، الاثنين المقبل، على رأس وفد كردي رفيع، بهدف بحث الملفات المختلف عليها بين الحكومة المركزية وحكومة الإقليم.
وأضاف المصدر، مفضلاً عدم الكشف عن نفسه، لموقع «السومرية نيوز» إن «جدول المباحثات بين الوفد الكردي والمسؤولين في الحكومة المركزية يتضمن بحث عودة الوزراء الكرد إلى اجتماعات مجلس الوزراء والموازنة الاتحادية ومخصصات البشمركة، فضلاً عن قضايا أخرى»، مشيراً إلى أن «الأجواء بين بغداد وأربيل تبدو إيجابية قبيل هذه الزيارة».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)