في ضوء ما يخرج إلى العلن، تفيد المعطيات بأن الأنشطة الاقتصادية بين تركيا واسرائيل لم تتضرر، رغم التوتر الذي كان مخيماً على العلاقات بين الطرفين، بل إن بعض أنواعها شهد نمواً لافتاً، كتجارة الترانزيت حيث تحولت إسرائيل إلى جسر للنقل البري بين تركيا من جهة والأردن من جهة أخرى.وقبل أسابيع، سعت المعارضة التركية إلى إحراج رئيس الوزراء، رجب طيب أردوغان، عبر كشفها النقاب عن شركة السفن التي يمتلكها ابنه والتي بقيت تستخدم الموانئ الإسرائيلية في حركتها التجارية برغم التوتر القائم بين بلاده والدولة المسؤولة عن مقتل مواطنيه في حادثة «مافي مرمرة».

وأمس أظهرت الصحف الإسرائيلية أن ابن أردوغان ليس وحيداً في هذا الميدان، عبر كشفها النقاب عن نوع آخر من النشاط التجاري القائم بين أنقرة وتل أبيب تحولت بموجبه إسرائيل إلى محطة لنقل البضائع التركية باتجاه الأردن والبضائع الأردنية باتجاه تركيا.
وبحسب التقارير الصحافية العبرية، احتلت إسرائيل مكان سوريا كمعبر بري للتجارة الإقليمية بين تركيا والأردن بعد تدهور الوضع الأمني في سوريا وعدم القدرة على ضمان أمن الشاحنات العابرة بين الاتجاهين التركي والأردني. وبعدما درست عمان وأنقرة البدائل المتاحة، ومن ضمنها استبدال خط العبور السوري بخط آخر عراقي وكذلك إمكان استخدام ميناء بورسعيد المصري، استقر الرأي على الطلب من إسرائيل السماح باستخدام مجالها البري كـ«رواق تجاري». وفي بادئ الأمر تحفظ الشاباك بسبب عدم امتلاكه معلومات كافية حول سائقي الشاحنات، لكن ضغوطاً مارسها وزير التعاون الإقليمي، سيلفان شالوم، أفضت إلى الاستجابة للطلب التركي الأردني.
وبحسب التدبير الذي تم الاتفاق عليه، ترسو أسبوعياً عبّارة مبحرة من تركيا في ميناء حيفا تحمل ما بين 50 و150 شاحنة محملة بالبضائع. وتسلك الشاحنات طريقها على شكل قافلة بمواكبة شرطية ومن دون توقف من حيفا باتجاه معبر الشيخ حسين على الحدود مع الأردن، حيث تدخل وتفرغ حمولتها ثم تعود محملة ببضائع أردنية لتسلك المسار نفسه باتجاه تركيا.
ومن الناحية الإسرائيلية، تتولى شركة خاصة هي «تيران شيبينغ» التي تعمل وكيلة لشركة «سيسا» التركية مسؤولية تنسيق النقليات. ووفقاً لصحيفة «يديعوت» فإن النية تتجه حالياً إلى زيادة عدد السفن التركية المحملة بالشاحنات إلى مرتين أسبوعياً.
وبنبرة لا تخلو من الانتهازية الفاقعة، نقلت الصحيفة عن خبراء مواصلات قولهم إن الموقع الاستراتيجي لإسرائيل يخولها أن تتحول إلى جسر بري بين البحر المتوسط والدول العربية، إلا أن هذا الأمر كان يتطلب إغلاق الطرق إلى المتوسط عبر سوريا كي تتاح الاستفادة من مفاعيل هذا الموقع. ومن الواضح أن اشتعال سوريا أعطى إسرائيل الفرصة التي انتظرتها على هذا الصعيد.
ووفقاً لمصادر في سلطة الضرائب الإسرائيلية، فإن «المسار التجاري مع الأردن قائم دائماً، ولكن على نار هادئة». وأوضحت المصادر أنه في عام 2011 سلكت على هذا المسار 3500 شاحنة في الاتجاهين، في عام 2012 تضاعف العدد إلى 6400 شاحنة، أما في الربع الأول من العام الجاري، فقد سجلت عبور 2600 شاحنة في الاتجاهين.
وتتنوع حمولة الشاحنات بين المنتجات الزراعية والصناعية الخفيفة والمنسوجات في الاتجاه الأردني والتركي، والمواد الأولية والغذائية ومواد التوضيب والتغليف في الاتجاه المعاكس. وتسعى وزارة التعاون الإقليمي الإسرائيلية حاليا إلى توسيع الحركة لتشمل الحاويات التي يمكن تحميلها على ظهر الشاحنات، وهو مسعى يواجه تحفظا أردنياً منشؤه الخشية من تأثير هذا الأمر سلباً على ميناء العقبة.
وتأمل المصادر الإسرائيلية أن يصل الدخل السنوي المتحصل للخزينة الإسرائيلية من عمليات العبور هذه إلى نحو 200 مليون شيكل (60 مليون دولار). ويتضمن هذا الدخل رسوم استخدام المرفأ وتعبئة الوقود والرسوم التي تتقاضاها وزارة المواصلات وكذلك شركات التأمين.