القاهرة | بالتزامن مع أنباء عن تعديل وزاري كفيل بتوطيد علاقات جماعة الإخوان المسلمين مع حلفائها للتمهيد للتحالفات الانتخابية، وفي أجواء استقالة وزير العدل أحمد مكي، أصدرت المحكمة الإدارية العليا في مصر حكماً نهائياً بإلغاء قراري رئيس الجمهورية رقم 134 و148 لسنة 2013 بدعوة الناخبين لانتخاب مجلس النواب ابتداءاً من اليوم (22 نيسان). وجاء هذا الحكم عشية الموعد الذي سبق أن حدده في شباط الماضي الرئيس المصري محمد مرسي، لانطلاق الانتخابات البرلمانية على مراحل، فيما بدا الإخوان وحلفاؤهم غير مكترثين بالقرار القضائي.
ونشر موقع حزب الحرية والعدالة على الإنترنت تعليقات لعدد من الشخصيات القانونية تؤكد أن «الآثار السياسية لقرار المحكمة الإدارية العليا غير قائمة لوجود قانون آخر بديل معروض على الدستورية».
فجأة تبدل إصرار ورغبة الجماعة الحاكمة والقوى الإسلامية بشكل عام في سرعة إقامة الانتخابات البرلمانية الى رغبة مماثلة في تأجيل تلك الانتخابات، بل واللجوء الى تعديل وزاري سبق أن أكد الرئيس وجماعته عدم جدواه قبل الانتخابات.
هذا ما ظهر أثناء عرض الطعن على المحكمة الإدارية العليا، حيث تجاهل الرئيس مرسي الرد على الطلب الذي وجهته له المحكمة لبيان موقفه، سواء المؤيد أو الرافض للطعن في حكم القضاء الإداري بوقف الانتخابات البرلمانية الذي صدر في 6 آذار الماضي خاصة، وذلك بعد أن تضاربت تصريحات مؤسسة الرئاسة في ما يتعلق برغبتها الطعن في الحكم.
ولم ترَ قيادات «جبهة الضمير» المعروفة بتأييدها وموالاتها للرئيس وسياساته غضاضة في أن يبشروا المصريين بتعديل وزاري في غضون ساعات، الأمر الذي يراه البعض محاولة من الرئاسة لتخفيف التوتر مع المعارضة، ممثلة في جبهة الإنقاذ، وإحراج الأخيرة أمام الرأي العام.
إلا أن الرسالة المقبلة من الإنقاذ تؤكد أنهم مصممون على مطالبهم جميعها، بتغيير حكومة هشام قنديل، وليس إجراء تعديل عليها، وتغيير النائب العام المعين من قبل رئيس الجمهورية، وترك أمر اختيار بديل منه لمجلس القضاء الأعلى، والسماح لوسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية بمراقبة العملية الانتخابية.
القيادي في جبهة الإنقاذ الوطني أحمد فوزي فسّر الأمر بأنه خطوة حثيثة من الجماعة للحصول على مكاسب تظن أنها قد تمكنها من أغلبية برلمانية لا ترى بديلاً منها، مضيفاً أن الاستسلام لتأجيل الانتخابات وعدم اللجوء الى تحديد موعد بديل من الذي سبق أن ألغته المحكمة، بل وإعلان تعديل وزاري محدود، ما هي إلا إصرار على سياسات أدخلت البلاد في نفق مظلم. وأضاف أن «تغيير عدد من الوزارء والمحافظين يؤكد أن نية الجماعة متجهة لتزوير الانتخابات المقبلة وتأكيد سيطرتها على كل شيء قبل الانتخابات».
ولفت القيادي المعارض الى أن جميع القوى السياسية طالبت مراراً وتكراراً بضرورة تشكيل حكومة إنقاذ وطني تعمل وفق خطة محددة لإنقاذ مصر من التدهور الذي تعيشه على كافة المستويات، ولكن فجأة يفاجئنا الرئيس وجماعته بتعديل وزاري محدود، وهو ما ينذر حسب فوزي بمزيد من التدهور.
وبعيداً عن الأثر السياسي للحكم القضائي، أكد مصدر قضائي رفيع المستوى لـ«الأخبار» أن الحكم أرسى مبدأً قضائياً يؤكد عدم تحصين أي قرار لرئيس الجمهورية من الطعن فيه أمام القضاء، حيث حدد حكم المحكمة القرارات السيادية التي لا تخضع لرقابة القضاء بالقرارات المتعلقة بإدارة الدولة للشؤون الخارجية وإعلان الحرب فقط، وفيما عدا ذلك من قرارات يخضع لرقابة القضاء. وأضاف المصدر أن الحكم أكد أيضاً قاعدة قانونية سيتضرر منها مرسي في الأيام المقبلة، مفادها أن رئيس الجمهورية لا يستطيع أن يمارس سلطاته منفرداً، وعليه أن يباشرها من خلال مجلس الوزراء، وفقاً للمادة 141 من الدستور، والتي نصت على أن «يتولى رئيس الجمهورية سلطاته بواسطة رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء عدا ما يتصل منها بالدفاع والأمن القومي والسياسة الخارجية والسلطات المنصوص عليها بالمواد 139 و45 و46 و 49» من الدستور المصري.
الى ذلك، قال مصدر لـ«الأخبار» إن التعديل سيكون محدوداً يشمل نحو 4 وزراء في مقدمتهم المقاعد الخالية بالفعل، مثل وزارة الشؤون النيابية، وإن رئيس الوزراء لم يعقد أي اجتماعات أو لقاءات مع المرشحين لشغل الحقائب الوزارية أمس، بل اكتفى حسب المصادر بإجراء المشاورات عبر الهاتف كعادته في المشاورات التي أجراها في كل تعديل وزاري يقوم بإجرائه.
المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه أعلن أن وزير العدل المستشار أحمد مكي تقدم باستقالته أول من أمس، وتمت الموافقة عليها هاتفياً، في الوقت الذي كشفت فيه مصادر أيضاً أن اسم النائب العام المستشار طلعت عبدالله مرشح لتولي وزارة العدل بدلاً من مكي، وأن ذلك يأتي في إطار بحث الرئاسة عن مخرج لأزمة النائب العام التي تواجهها. ونفت «الإخوان المسلمون» ترشيح مساعدة الرئيس باكينام الشرقاوي لمنصب نائب رئيس الوزراء ووزيرة التعاون الدولي.
أما الوزير المستقيل فذكر في رسالة الاستقالة، التي قدمها الى مرسي وقنديل، «منذ أن توليت وزارة العدل، فإن معارضين لك (مرسي) يلحّون عليّ في الاستقالة اتساقاً مع مواقفي السابقة»، مضيفاً أنه «تحت شعار تطهير القضاء وإصدار قانون جديد للسلطة القضائية، فقد أجمع مؤيدوك (مؤيدو الرئيس مرسي) على طلب إقالتي تحقيقاً لأهدافهم وتحقيقاً للتوافق».