للوهلة الاولى، قد يعتبر تحديد وزير الخارجية الاميركية، جون كيري، مدة سنتين حدّاً أقصى للتوصل الى اتفاق حلّ الدولتين، كأنه نوع من الضغط على اسرائيل، لكن الواقع ليس بهذه الصورة القطعية. فحقيقة تقدير القيادة الاسرائيلية وردة فعلها، مرتبطة بنظرتها الى المرحلة التي تلي العامين المقبلين، واذا كانت ستشهد تكيّفاً أميركياً ودولياً مع الوضع القائم أو وستتوجه نحو قضايا واهتمامات اخرى، وهذا ما يسعى معسكر اليمين الاسرائيلي اليه ويتمنّاه. أما في حال وُجدت مخاوف جدّية من أن يلي الفترة الزمنية المحددة، رفع الضغوط الى مستويات تجبر الدولة العبرية على الالتزام العملي بمبدأ الدولتين، فيصبح للقضية بُعد آخر.
في كل الاحوال، رأت مصادر سياسية إسرائيلية في الموقف الذي أعلنه كيري إشارة واضحة إلى كل من نتنياهو وأبو مازن بأن إدارة أوباما تضع جدولا زمنياً محدّداً جداً للطرفين، وأنه في حال استمرّ الجمود السياسي، فمن شأن واشنطن إيقاف الدعم المالي عن السلطة الفلسطينية. وبحسب صحيفة «معاريف»، فإن قرار ادارة أوباما التراجع عن التزامها بالتسوية السياسية، «سوف يحقق سيناريو الرعب، بما في ذلك بالنسبة لاسرائيل، لجهة سيطرة حماس على الضفة الغربية».
بعض التداعيات التي يمكن أن تترتب أيضا على فشل المحاولات الاميركية، عبّر عنها كيري نفسه بالقول إن «واشنطن ستتخلى عن التزامها بقضية التسوية، وتنتقل الى معالجة مسائل اخرى». وأشار الى أن «كل الجهات التي أتحدث معها في المنطقة، تريدنا أن نحقق تقدّماً في العملية السياسية، لأنهم قلقون من مسألة الوقت». وحدَّد كيري الصعوبة التي تقف أمام مساعيه وهي «الانعدام الهائل للثقة بين الطرفين، فمن جهة عباس لا يثق بأن نتنياهو يعتزم منحه دولة، ومن جهة اخرى، اسرائيل غير مقتنعة بأن الفلسطينيين سيمنحونها الأمن الذي تحتاج إليه».
في المقابل، وصفت صحيفة «معاريف» توقّع كيري إغلاق نافذة الفرص لاقامة دولة فلسطينية، خلال سنتين، بـ«المتفائل». ولفتت الى ان دوائر مختلفة في الاتحاد الاوروبي، وفي وزارة الخارجية السويدية مثلا، ترى أن «حلّ الدولتين لشعبين قد انتهى» والحديث عنه «لا يهدف الا للضغط على اسرائيل، وليس لأنهم يؤمنون بأن هذا الامر ما زال ممكناً». وأضافت «معاريف» أن الرأي المتداول في الاوساط الاوروبية والفلسطينية، في ضوء اعتراف الامم المتحدة بدولة فلسطينية هو انكفاء اسرائيل الى حدود تم الاعتراف بها ظاهريا في الامم المتحدة. ورأت الصحيفة، أنه بالامكان أن يكون هذا ما قصده كيري، وأن تحديد سنتين للحل، هو من أجل تقسيم متفق عليه. لكن «معاريف» أشارت الى خطر أن تسمح واشنطن للقوى الدولية بتحقيق قرار الامم المتحدة عبر خطوة ترمي الى دفع اسرائيل نحو اتخاذ قرار بفك ارتباط ثان. هذا ما لمّح اليه وزير الدفاع السابق ايهود باراك، بالحديث عن «الحاجة الى تنفيذ خطوات من طرف واحد»، وربما كان هذا قصد كيري أيضاً، بحسب «معاريف». لكن هذا المسار يبدو، بحسب الصحيفة نفسها، «غير واقعي» في الحكومة الحالية، أضف ان كلام كيري عن مدة زمنية محددة، قد يشجع ابو مازن على المماطلة. وبالتالي فإن الأصح، حسب الصحيفة الإسرائيلية، هو التوصل الى توافق بين تل ابيب وواشنطن حول مبادئ عامة تشكل البنية الجغرافية والديموغرافية للحل. ولفتت معاريف الى ان المشاكل مع ادارة اوباما، حول هذه القضية، ما زالت كما كانت قبل شهر.