القاهرة | مع مرور عام على تأسيس حزب «الدستور»، واحد من أهم الأحزاب الليبرالية التي نشأت بعد الثورة المصرية، والذي تقدم إلى لجنة شؤون الأحزاب المصرية في 28 نيسان بأوراق تأسيسه، كانت عاصفة من التوترات الداخلية قد مرت به، وسبّبت استقالة العديد من شبابه ورموزه؛ فالشباب يستقيل اعتراضاً على سوء إدارة القيادات التي تغادره بدورها اعتراضاً على تدخل الشباب في جميع شؤونها. مراراً وتكراراً علا صوت الشباب في الآونة الأخيرة مطالباً بضرورة إجراء انتخابات داخلية للتخلص ممّا سمّوه «انفراد القيادات برأيها» بعيداً عنهم، واحتجوا بعدة وسائل على رفض القيادات لتحقيق مطلبهم، وكان آخرها اعتصام عدد منهم لعدة أيام، لم ينته إلا بمقابلة وفد منهم للبرادعي حاملين مبادرة للإسراع بإجراء الانتخابات، حيث وعدهم بدوره بدراستها.
وأول من أمس، أصدر رئيس الحزب الدكتور محمد البرادعي قراراً بتعيين الدكتور عبد الجليل مصطفى رئيساً للجنة الإعداد للمؤتمر العام الأول للحزب، وسوف تبدأ اللجنة أعمالها وفقاً لمبادرة شباب حزب الدستور التي قدموها في 29 آذار الماضي، وأقرّها رئيس الحزب والهيئة العليا في 2 نيسان ونشرت على الموقع الرسمي للحزب، وتتضمن العمل على ثلاثة محاور «إعداد لائحة جديدة للحزب من خلال مناقشة موسعة مع قواعد الحزب على مستوى الجمهورية، ويعرض مشروع اللائحة على المؤتمر العام لإقرارها، وبناءً على هذه اللائحة الجديدة يتم إعادة تشكيل جميع أمانات الحزب على مستوى الأقسام والمراكز والمحافظات بالانتخاب بعد المؤتمر العام»، ثم «مناقشة البرنامج السياسي للحزب مع القواعد في كل المحافظات للانتهاء إلى مشروع برنامج سياسي يعرض على المؤتمر العام»، ثم «انتخاب أعضاء المؤتمر العام وفقاً لنص اللائحة الحالية».
وعلمت «الأخبار» من مصادر مطلعة أن البرادعي لن يترشح في الانتخابات المقبلة، ويدرس ترك الحزب نهائياً حتى بعد انتخابات مؤتمره العام، التي من المقرر عقدها الشهر الجاري، وبالتالي تسقط فرس رهان المعارضة المصرية التي كان من المقرر أن يقودها في معارضة نظام الحكم الحالي أو في انتخابات مجلس النواب المتوقع إجراؤها بعد 6 أشهر.
وضع الحزب الحالي أضاع الآمال التي عقدت عليه بأن يكون الحزب القادر على الوقوف في وجه مدّ الإخوان، وهو ما أكد عليه أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة حسن نافعة. وأوضح نافعة أن رهان المعارضة على الحزب الآن هو رهان خاسر، إذ لم يعد قادراً على قيادتها في ظل حالة الخلافات الداخلية التي أصيب بها في الآونة الأخيرة، محمّلاً البرادعي أسباب الأزمة والخلاف الداخلي بسبب أدائه.
بدوره، شدد عضو شباب جبهة الإنقاذ، الكاتب السياسي طارق تهامي، على أن الإشكالية لدى حزب الدستور هي في المقام الاول اعتماده على الشباب كشريك رئيسي في تولّي بعض المناصب، في ظل غياب التوازن بين القيادات والشباب في إدارة الحزب.
وأوضح تهامي لـ«الأخبار» أن سبب الأزمة التي مرّ بها الحزب هو اختلاف المفاهيم والتفكير بشكل كبير بين قيادات الحزب وشبابه، فضلاً عن اختلافات إيديولوجيات مؤسسيه؟ فجدير بالذكر أن قيادات الحزب التي شاركت في نواة تأسيسه الاولى ضمّت شخصيات من أقصى اليمين مثل البرادعي، وأحمد البرعي، نائب رئيس الحزب، ومن اليسار عماد أبو غازي، والقانوني حسام عيسي، المستقيل منذ قرابة أسبوع. وأشار إلى أن الطريقة الوحيدة لكي يصحح الحزب مساره وأداءه هي استيعاب الشباب وطاقاتهم، لأن استمرار الحزب مرتبط بوجود الشباب والقيادات داخله.
وأضاف تهامي أن ما يعاب على الحزب هو اعتماده على المشاركة مع المعارضة في الحركات الاحتجاجية فقط، وإعلانه مقاطعة الاستحقاقات الانتخابية، كانتخاب مجلس النواب، أو المشاركة في الحكومات حال تغييرها، مشدداً على أن «أي حزب لا يمكنه أن ينجح وهو في صف الاحتجاج فقط من دون المشاركة في الحياة السياسية بالطرق التي تصعده إلى الحكم وتداول السلطة».
وعن مستقبل الحزب، توقع تهامي أن يصحح الحزب مساره عقب عقد المؤتمر العام وإجرائه للانتخابات الداخلية طبقاً لمبادرة الشباب التي قبلها البرادعي، مشيراً إلى أن الحزب ما زال موجوداً في صف المعارضة كشريك أساسي في جبهة الإنقاذ الوطني، «فخسارة التيار المدني شريكاً أساسياً كحزب الدستور ستؤثر سلباً عليها في المستقبل القريب».