وافق الأردن على فتح حدوده لنقل الأسلحة التي تموّل شراءها السعودية وقطر إلى الجماعات المسلحة في سوريا، في خطوة يرى مسؤولون أنّها قد تثير حفيظة دول مجاورة ومؤيدة لسوريا، كما تعزّز المخاوف من أن تؤدي حملة التسليح لجماعات المعارضة المسلحة إلى «عرقنة سوريا وتسعير حدة الصراع الطائفي والمذهبي».
وذكر تقرير لصحيفة «ذي غارديان» البريطانية أنّ قرار الأردن تزامن مع تلقيه مساعدة مالية من السعودية تزيد على مليار دولار لتجاوز ضائقته المالية. ويرى خبراء أنّ خطوة الأردن في هذا الشأن تستقيم مع الدور الوظيفي تاريخياً للأردن تجاه سوريا منذ تأسيس إمارة شرق الأردن في عام 1920.
وقد برز دور الأردن كمعبر للأسلحة خلال الشهرين الماضيين، حيث سعت كل من السعودية وقطر، ودول خليجية أخرى، إلى جانب بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة، لتقديم المزيد من الدعم التسليحي لتشكيلات المعارضة العسكرية التي توصف بالمعتدلة، في محاولة تزعم هذه الدول أنها تهدف إلى وقف تقدم المجموعات المسلحة المرتبطة بتنظيم «القاعدة».
ونقلت الصحيفة عن دبلوماسيين غربيين وعرب قولهم إنّ «الأردن يتعامل مع صعود تنظيم القاعدة على أنه تهديد لوجوده، كما يخشى المسؤولون في النظام الأردني من تعاظم قوة جماعة الإخوان المسلمين التي كانت على خلاف مع النظام الملكي وقاطعت الانتخابات البرلمانية هذا العام».
وترى الصحيفة أنّ ملك الأردن عبدالله الثاني كان متردّداً بشأن اتخاذ قرار مباشر في بداية الأزمة السورية، وقد وافق على إيصال المساعدات إلى اللاجئين والمنشقين؛ لكنه لم يرغب في أن يكون في الخط الأمامي للمعركة خوفاً من الاستخبارات السورية. إلا أنه عقب ضعفها، بات الأردن أكثر جرأة من ذي قبل.
وأشار الدبلوماسيون إلى أنّ الملك عبدالله يعتقد أن التعجيل في حل الأزمة في سوريا يوفر حظاً أوفر للعناصر المعتدلة لهزيمة النظام ووصولهم إلى الحكم في دمشق. وقال دبلوماسي غربي «في حال تقدمت الجماعات والتيارات المرتبطة بتنظيم القاعدة على العناصر المعتدلة في المعارضة، فإن ذلك لن يكون في مصلحة أي طرف». وهو أمر أكده أيضاً مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، جون برينان، حين أبلغ لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأميركي يوم الخميس الماضي أنّ مسار تمزيق سوريا قد يسمح لجماعات بعينها مثل «جبهة النصرة» باكتساب القوة، نظراً إلى أنها تعمل وفقاً لأجندات في داخل سوريا وربما في خارجها تناقض مصالح الأمن القومي الأميركي.
ويكرر المسؤولون الأردنيون أن بلادهم ليست جزءاً من الأزمة في سوريا، وأنهم يدعمون حلاً سياسياً لها. غير أن الصحيفة نقلت عن مسؤول في المعارضة السورية قوله إن «الأردنيين يسعدهم إمرار الدعم، ولكنهم يقولون لا تضعونا على الخط الأمامي. كانوا يخافون من إمكانية أن ترد استخبارات الأسد، ولكن مع كونه ضعيفاً الآن فإنهم متشجعون لأن يكونوا أكثر نشاطاً».
وكشف وزير الصناعة الأردني حاتم الحلواني، في مؤتمر دعم المعارضة السورية الذي عقد أخيراً في العاصمة القطرية، أنّ السعودية حولت إلى الأردن مليار و250 مليون دولار، فيما يعتقد أنّ الأردن تلقى 1.4 مليار دولار مساعدة مالية ونفطية في عام 2011 من السعودية التي كانت قد وعدت بتقديم مليار دولار في عام 2012 إلا أنها لم ترسل شيئاً. كذلك تلقى الأردن منذ بداية العام الجاري 200 مليون دولار من السعودية.
ولا يقتصر دور الأردن على إمرار الأسلحة، بل تواردت أنباء عن مساهمة واشنطن في تدريب عناصر «الجيش الحر» في المملكة الهاشمية وإرسالهم إلى جنوب سوريا.