التسوية ما زالت بعيدة. موسكو حذرت من محاولات نزع الشرعية عن السلطات السورية الحاكمة، في وقت ترى فيه واشنطن احتمال تواصل الصراع الدموي مع زيادة العسكرة لدى طرفي النزاع. وذكر وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أنّ هناك محاولات لإحباط أيّة فرص للتسوية السلمية في سوريا. وأعرب عن اعتقاده بأنّ هذا التوجه لن يؤدي إلى أية نتائج إيجابية.

وفي مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره السويسري ديدييه بورخالتر، قال الوزير الروسي إنّ موسكو تلاحظ، أيضاً، «محاولات لفرض نزع الشرعية عن القيادة السورية». وحذّر لافروف من أن مثل هذه المحاولات قد تساعد مختلف المجموعات المتطرفة في الوصول إلى السلطة، مشدّداً على ضرورة تسوية النزاع عبر المفاوضات. وأضاف أنّه كلما تأخرت المفاوضات السلمية، كان الثمن أكبر من أرواح السوريين.
في موازاة ذلك، ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية أنّ «التوقعات القاتمة بشأن مستقبل سوريا، التي كشف عنها مسؤولون أميركيون في عدة جلسات استماع متفرقة أمام مجلسي النواب والشيوخ، تؤكد الطبيعة الطاحنة للصراع المسلح وتشاؤم الإدارة الأميركية إزاء سبل تجنب تفاقم الأزمة الإنسانية السورية مع التدخل الخارجي». وأشارت الصحيفة إلى أنّه «في الوقت الذي تحشد فيه مساعدات إضافية لمقاتلي المعارضة، كشفت الإدارة الأميركية عن احتمال مواجهة سوريا صراعاً طويلاً ودموياً، حتى في حالة تمكن الثوار من إطاحة الرئيس بشار الأسد».
ولفتت إلى أنّ «السفير الأميركي لدى سوريا روبرت فورد وجّه تحذيراً من احتمال مواصلة أنصار النظام القتال حتى الموت لحماية أنفسهم من الموت في حالة غياب فتح باب التفاوض بشأن مرحلة انتقالية سياسية».
في سياق آخر، ذكر مصدر دبلوماسي لوكالة «إيتار - تاس» الروسية أنّ المبعوث الأممي والعربي إلى سوريا، الأخضر الإبراهيمي، سيقدّم تقريراً لمجلس الأمن الدولي خلال اجتماعه المكرس للوضع في سوريا والمقرر يوم الخميس المقبل. ويتوقّع المراقبون أنّ يعرب الإبراهيمي في التقرير عن قلقه من الخلافات العميقة مع قيادة جامعة الدول العربية التي نشبت بعد منح مقعد سوريا في الجامعة للمعارضة. ونقلت الوكالة «إيتار - تاس» عن خبراء روس أنّ هناك احتمالاً كبيراً أن يقدّم الإبراهيمي الاستقالة في أعقاب هذا الاجتماع. في السياق، أعلن مصدر في وزارة الخارجية الروسية عدم امتلاكها معلومات عن نية الإبراهيمي تقديم استقالته.
من ناحية أخرى، كشفت السلطات العراقية عن حفر خندق يفصل بين أراضيها وبين الأراضي السورية، بهدف منع تسلل المسلحين بين البلدين. وقالت وزارة الداخلية إنّها تتولى «التصدي لجميع العناصر الإرهابيين الذين يحاولون دخول البلاد من دول الجوار». وأكد الناطق باسم الوزارة، العميد سعد معن، أنّ قوات قيادة حرس الحدود «موجودة ومستعدة للتصدي دائماً لجميع الإرهابيين وكل من تسول له نفسه العبث بأمن البلاد». من جهتها، نقلت وكالة «أنباء الشرق الأوسط» المصرية عن مصدر أمني عراقي قوله إنّ «قيادة عمليات الجزيرة أطلقت حملة عسكرية واسعة النطاق، لتأمين الشريط الحدودي بين العراق وسوريا، ومسح المنطقة الصحراوية الشاسعة بين البلدين وتمشيطها».
من جهتها، أعلنت مجموعة من الكتائب والألوية الاسلامية التابعة لـ«الجيش السوري الحر» استهجانها ورفضها لإعلان «جبهة النصرة» مبايعتها لتنظيم «القاعدة»، داعية «المجاهدين» إلى التوحد وتغليب «الوسطية والاعتدال»، بحسب ما جاء في بيان موقّع من «جبهة تحرير سوريا الاسلامية».
وتضمّ الجبهة نحو عشرين لواءً وكتيبة ومجموعة اسلامية، من أبرزها «لواء التوحيد» و«لواء الاسلام» و«ألوية صقور الشام» و«كتائب الفاروق».
بدوره، دعا رئيس «الحكومة الموقتة» غسان هيتو الغرب إلى تسليح «الجيش الحر» بأسلحة مضادة للدبابات والطائرات، وقال إنه يستعد للانتقال من مدينة دالاس الأميركية، حيث يقيم، إلى دمشق في غضون أشهر. وقال هيتو، في مقابلة مع صحيفة «التايمز»، إنّه «لا يطالب بريطانيا وشركاءها في منظمة حلف شماليّ الأطلسي بالتدخل عسكرياً في سوريا، لكننا نريد تزويد الجيش السوري الحر بأسلحة نوعية».
وطمأن هيتو المجتمع الدولي إلى أنّ «الأسلحة التي تذهب لقيادة الأركان المشتركة التابعة للائتلاف المعارض لن تقع في الأيدي الخاطئة».
إلى ذلك، قالت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة إنّ أعداداً متزايدة من اللاجئين السوريين تختار العودة إلى بلادها من الأردن، حيث يبلغ عدد العائدين يومياً 300 لاجئ، معربة عن قلقها العميق بشأن سلامتهم.
وقالت المتحدثة باسم المفوضية، ميليسا فلمينغ، إنّ اللاجئين يختارون العودة لعدد من الأسباب، من بينها الأنباء عن تحسّن الأمن في عدد من القرى الحدودية، وكذلك لحماية ممتلكاتهم.
ميدانياً، أفادت قناة «روسيا اليوم» بأنّ الجيش السوري يشنّ عمليات عسكرية واسعة في قرى ريف القصير، مستخدماً الأسلحة الثقيلة، مع أنباء عن انسحاب أعداد كبيرة من المسلحين إلى وادي خالد وعرسال في لبنان بعد سيطرة الجيش السوري على موقعين استراتيجيين، أهمها موقع قادش. ولفتت القناة إلى أنّ هذا التطور الميداني يأتي فيما أفادت مصادر عسكرية بأن الجيش السوري نفذ عملية تقدم برية من مدينة الطبقة في المنطقة الشرقية منها باتجاه مدينة الرقة الواقعة تحت سيطرة المقاتلين المعارضين. من جانب آخر، تأكد نبأ اسقاط المعارضة المسلحة لمروحية عسكرية كانت تنقل مؤونة ومواد غذائية إلى مراكز تجمّع الجيش النظامي في ريف ادلب، ما أدى إلى مقتل 8 عسكريين.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)