«الرئاسة تحاول أن تطلق سياسة استعادة الأرض الاعلامية المسلوبة». بهذا العبارة، لخص الخبير الإعلامي، ياسر عبد العزيز، مبادرة «إسأل الرئيس مرسي»، التي أطلقها الرئيس المصري أول من أمس عبر «تويتر» لمحاولة استدراك بعض من شعبيته في الشارع المصري. وما إن أعلن الرئيس المصري عن فتح المجال أمام تلقي الأسئلة حتى امتلأ الهاشتاغ «#إسأل الرئيس مرسي» بمئات المشاركات لم يخل الكثير منها من انتقادات حادة لمرسي، من قبيل «مهو أنا مش معترف بيه رئيس أسئله ليه أساساً»، «إنت جبت معاك خيرت عشان يجاوبلك او اديته الباسورد». كذلك قدمت الأسئلة نموذجاً عن هواجس المصريين بدءاً من أزمة عدم الثقة بقرارات مرسي مروراً بمشروع النهضة، هذا فضلاً عن مدى التزام مرسي بأهداف الثورة وحقوق الشهداء. كما تطرقت الأسئلة إلى تخاذل مرسي في ملف حماية الأقباط وموقفه من «الشيعة». ولعل ما كتبته احدى المشاركات «أقولك على حاجة ومتزعلش يا ريس انا كنت بحبك الاول وانتخبتك بس بعد ما شفت سياسة سيدتك بقيت بالنسبة ليا زى حسني مبارك»، يكشف عن مدى التراجع في شعبية مرسي.
لكن اجابات مرسي بدت كارثية. فبينما تجاهل الاجابة على جميع الأسئلة المحرجة وقع في مزيد من الأخطاء. ورداً على سؤال يطالبه بضرورة الكشف عن ملفات الفساد، قال «كل وقت وله أدان، وده وقت الشغل وتوحيد أبناء مصر مش تفتيح جروح».
الخبير الإعلامي، ياسر عبد العزيز، رأى في اتصال مع «الأخبار»، أن أداء مؤسسة الرئاسة في ما يتعلق بالاتصال والتسويق الإعلامي للسياسات يمكن وصفه بالمحبط والمتدني. وأوضح أنه على مدى شهور تولي مرسي للسلطة، قامت مؤسسة الرئاسة بتكذيب ونفي ما لا يقل عن 10 أخبار تبين أنها صحيحة في نهاية المطاف، ليس أقلها نفي ارسال مرسي رسالة للرئيس الإسرائيلي، شمعون بيريز، قبل أن يتبين صحتها.
آخر سلسلة الأخطاء هذه كان اعلان مرسي، أول من أمس، عن اطلاق حملة تلقي الأسئلة، كاشفاً للمزيد منها، فبعد أن نفت الرئاسة خلال الأيام الماضية تقدمها ببلاغات ضد صحافيين، عاد مرسي وأقر بالأمر بالقول رداً على سؤال عن سبب قراره سحب كل البلاغات التي تقدمت بها الرئاسة ضد الصحافيين «أترك للرأي العام الحكم على المتجاوزين وأرسلت بقراري رسالة أرجو أن تكون قد وصلت إلى العنوان الصحيح».
هذا الأداء وصفه عبد العزيز بالباهت والمسيء، وما زاد الأمور سوءاً لغة جسد مرسي التي وصفها بالمسيئة وغير اللائقة فضلاً عن الأخطاء في المعلومات التي يقع فيها مرسي في خطاباته، من قبيل قوله إن باكستان شاركت في حرب 1973، أو تفسيره لبعض الآيات القرانية بشكل خاطئ.
بعد سلسلة الأخطاء هذه، أوضح عبد العزيز أن «الرئاسة تحاول أن تطلق سياسة استعادة الأرض الاعلامية المسلوبة. فعندما دخلت في مواجهة هزلية مع الصحافة والإعلام ووجهت اتهامات جزافاً للاعلام تأتي الرئاسة اليوم لتقول إنها تتنازل احتراماً لحرية الرأي والتعبير. وتقوم بانشاء آلية تواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي». لكن ما لا تعرفه الرئاسة، وفقاً لعبد العزيز، فأن «التسويق الاعلامي يستلزم سياسات ناجعة لتسويقها، أما اذا كان الأصل مشوهاً فإن التسويق لا ينفع». لذك يتوجب على الرئاسة أن تسعى إلى تقديم محتوى لائق وهو ما لا يبدو متوافراً حتى الآن، لأن الإشكال في الأصل. وأضاف «هناك تصور لدى جماعة الإخوان المسلمين ومن ثم مؤسسة الرئاسة والسلطة التنفيذية والتشريعية، أن المشكلة التي تواجههم هي الإعلام. وصحيح أن الإعلام لديه أزمة لكنه ليس المشكلة». وأوضح أن المشكلة التي تتجاهلها الجماعة تتمثل في فقدان الكفاءة والوازع الأخلاقي، لذلك فإن الصورة التي تنعكس في الإعلام تكون مشوهة على اعتبار ان السياسات مشوهة.
(الأخبار)