عاد «الائتلاف» المعارض خالي الوفاض من لندن. هو لم يسمع حتى إشارة مشجّعة من دول القرار في الغرب تدعو إلى احتمال تسليح المعارضة. لندن دعت إلى عملية انتقال سياسية، كما أنّ الاتحاد الأوروبي متمسّك أيضاً «بالحلّ السلمي»، في وقت علمت فيه «الأخبار» أن قطر وشركاءها الغربيين ينوون طرح فكرة منطقة عازلة للنازحين السوريين داخل سوريا. وأعلنت المفوضية الأوروبية للشؤون الخارجية أنّ الاتحاد الأوروبي متمسّك بفكرة الحلّ السلمي للأزمة السورية، ويؤيد المجموعات المعارضة المنحازة للانتقال الديموقراطي، في وقت دعا فيه وزراء خارجية دول مجموعة «الثمانية الكبار»، في البيان الختامي، الذي صدر عن اجتماعهم في لندن، «جميع الدول إلى زيادة المساعدات للشعب السوري قدر الإمكان». وقال الوزراء، في البيان، إنهم مصدومون لعدد القتلى الذين سقطوا خلال النزاع في سوريا. وأعلنوا عن نيتهم مواصلة دعم جهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة والجامعة العربية الأخضر الإبراهيمي لإيجاد حلّ سلمي للنزاع في سوريا.
في موازاة ذلك، لفت وزير الخارجية البريطاني، وليام هيغ، إلى «أنه لا يحمل أخباراً إيجابية للمعارضة السورية بخصوص التسليح لأنّ العالم منقسم»، معتبراً أنّه «حان الوقت لعملية انتقال سياسية تحترم رغبات الشعب السوري». وأشار إلى «أننا عقدنا اجتماعات مع المعارضة السورية للتوصل إلى تسوية سياسية في سوريا».
في السياق، جدّد وزير الخارجية الألماني، غيدو فيسترفيلي، على هامش اجتماع وزراء خارجية دول مجموعة «الثمانية الكبار» التأكيد على الموقف الألماني المعارض لتسليح المعارضة السورية.
وقال الوزير: «ما يثير قلقاً لديّ هو أن السلاح الذي سيورد إلى سوريا سيقع في ما بعد في أيدي الجهاديين والإرهابيين». وأشار إلى أنّ «الفكرة القائلة بأنّ عدداً أقل من الناس سيهلكون في حال توريد مزيد من السلاح إلى سوريا لا تعتبر شيئاً أكيداً»، مضيفاً إنه لم يكن من المتوقع حصول أي توافق أو اختراق بهذا الشأن خلال الاجتماع الوزاري «للثمانية الكبار».
بدوره، أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أنّ وزراء خارجية مجموعة «الثمانية الكبار» تمكنوا خلال اجتماعهم من التوصل إلى اتفاق بشأن أهم القضايا الدولية، بينها الملفات: السوري والإيراني والكوري، وذلك على الرغم من ظهور خلافات في البداية. كما أعلن، في تصريح تلفزيوني، أن النزاع في سوريا لن يكون فيه منتصر، مشيراً إلى أنّه قد تكون هناك جهات كثيرة يصب في مصلحتها عدم الاستقرار في المنطقة. وأضاف الوزير الروسي إنّ «الحكومة السورية، بما في ذلك تحت ضغوطنا، شكّلت فريقاً للتفاوض. وأنا بحثت هذا الأمر مع نظيري الأميركي جون كيري في برلين، وقال (كيري) إنه سيساهم في قيام المعارضة بتشكيل فريق تفاوض خاص بها. أما فريق الحكومة (السورية) فيضمّ رئيس الوزراء ونائبه و3 وزراء. واتصلت من جديد بوزير الخارجية الأميركي، وقلت له إن دمشق أكدت تشكيل فريقها. وللأسف، لم يتمكن الأميركيون، ولا أي جهة أخرى، من حثّ المعارضة على تشكيل مثل هذا الفريق».
في سياق آخر، دلّت المسودة المعدلة الجديدة لمشروع قرار أممي بشأن سوريا على نوايا لإنشاء محمية خاصة للنازحين السوريين داخل سوريا. وفي المسودة الجديدة التي حصلت «الأخبار» على نسخة منها، تمّ إدخال تعديلات على مشروع القرار القطري ـــ الغربي، بحيث بات يدعو إلى تقديم توصيات حول سبل حماية ومساعدة النازحين داخل الأراضي السورية.
من ناحية أخرى، أعلنت وزارة الخارجية الروسية عن قلق موسكو من تعاون الكتائب المسلحة للمعارضة السورية مع مسلحين من حركة «جبهة النصرة». وقالت نائبة رئيس قسم المعلومات والمطبوعات في وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، إنّ زعيم جبهة النصرة «أكد علانية أن مقاتلي الجبهة يأتمرون بأوامر الشيخ الظواهري ويحتفظون بالولاء للقاعدة». وأضافت «يستدعي القلق أيضاً أن تصريحات زعماء المعارضة السورية عن وجود تناقضات أيديولوجية مع «جبهة النصرة» لا يمنع كتائبهم المسلحة من التعامل بصفة «إخوة السلاح» ومحاربة الحكومة السورية الشرعية».
إلى ذلك، طالبت دمشق مجلس الأمن الدولي بإدراج «جبهة النصرة» على لائحته السوداء للتنظيمات المرتبطة بتنظيم «القاعدة».
وأضافت وزارة الخارجية، في بيانها للأمم المتحدة ومجلس الأمن، إنّ سوريا «تتطلع إلى اتخاذ إجراء سريع للاستجابة لطلبها، وإلى قيام مجلس الأمن بدوره المنوط به في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين من خلال الضغط على الدول الداعمة للإرهاب في سوريا، للتوقف عن هذه الممارسات غير القانونية». وتوقفت الوزارة عند «تقارير إعلامية ودولية» تتحدث عن شحنات أسلحة إلى «المجموعات الإرهابية المسلحة» من خلال تركيا أو شمال لبنان، وتورط قطر وليبيا وتركيا والسعودية في «تمويل وتسهيل عبور شحنات الأسلحة».
بدورها، رفضت «لجان التنسيق المحلية» المعارضة في سوريا «جملةً وتفصيلاً» دعوة زعيم تنظيم «القاعدة» إلى إقامة «دولة إسلامية في سوريا»، مؤكدةً أنّ «هدف الثورة هو تحقيق الدولة المدنية».
في غضون ذلك، قال دبلوماسيون في الأمم المتحدة إنّ مناقشات بين المنظمة الدولية والحكومة السورية حول تحقيق محتمل بشأن استخدام مزعوم لأسلحة كيميائية في سوريا وصلت إلى مأزق. وقال الدبلوماسيون إنّ الأمم المتحدة لديها خياران إذا رفضت سوريا أن تقدّم وعداً بأن فريق المفتشين يمكنه زيارة حمص، يبدأ بأن يرفع بان كي مون تقريراً إلى الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بأنّ السوريين لا يتعاونون. «أو يمكن مواصلة التحقيق، لكن خارج سوريا».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، سانا)