الخرطوم | «أطلب منكم أن يعذر بعضنا بعضاً في ما وقعنا فيه من اختلاف في الرأي أو الرؤيا، وهو قطعاً ليس خلافاً». يبدو أن الرئيس المصري محمد مرسي أراد من خلال هذه العبارة، التي أطلقها أمس اثناء مخاطبته جموع المصلين من الخرطوم، أن يرسل رسالة اعتذار إلى كل الشعب السوداني والقيادة السودانية على حدٍّ سواء. ويتضح من طلب العذر المبطن أن القيادة المصرية تدرك جيداً حجم الشقة والتباعد بينها وبين القيادة في السودان. ولإزالة ما علق في النفوس من شوائب، بدا لافتاً أن تتحدث القيادة المصرية ولأول مرة عن قضية «مثلث حلايب» الحدودية الخلافية، وإن لم يأتِ على ذكرها صراحة، إذ أكد مرسي، في مؤتمر صحافي، ختم به زيارته الخرطوم أمس أن الحدود لا تمثل عائقاً للتواصل والتكامل بين البلدين، مشيراً الى أنه بمرور الوقت ستنتهي العوائق القديمة. وكان مساعد البشير، موسى محمد أحمد، قد نقل عن مرسي وعده له بتذليل العقبات والمشاكل الحدودية. وبدا واضحاً أن مرسي حرص على إرضاء جميع الاطراف السياسية في السودان. فعلى الرغم من قصر مدة الزيارة، التي اقتصرت على 24 ساعة، التقى قادة العمل الحزبي المعارض، وعلى رأسهم رئيس حزب المؤتمر الشعبي المعارض الشيخ حسن الترابي. ودعا الترابي الى علاقة متينة بين الشعبين السوداني والمصري، مشيراً إلى أن العلاقة بين الشعوب هي الدائمة وتنشط في مجالات التجارة والسياحة. كذلك، لم يغب هم الحركة الاسلامية عن جدول زيارة الرئيس المصري، إذ التقى الامين العام الحركة الاسلامية السودانية، الزبير محمد الحسن، الذي نفى في تصريحات صحافية أن يكون الحديث بينه وبين مرسي قد تطرق الى مسألة توحيد الاسلاميين السودانيين. إلا أن المراقب العام لجماعة الاخوان المسلمين في السودان، علي جاويش، أكد لـ «الأخبار» أنهم طرحوا أمام مرسي قضية ملحة تتمثل في «اعداد خريطة في المراسلات بين أميركا وإسرائيل تهدف لاحداث مزيد من التفتيت والتمزيق للبلاد العربية الاسلامية». وأضاف «نبّهنا مرسي لهذه القضية التي وجدناه على علم بها، كما نبهناه لمجابهة هذا المخطط بالتكامل بين الدول العربية والاسلامية». ونفى أن تكون بداية التقارب بين حزب الحرية والعدالة وحزب المؤتمر الوطني على حساب الاخوان المسلمين في السودان، مشيراً إلى أن قضايا تمزق البلاد العربية والاسلامية أكبر من العلاقة بين الحزبين.
ويذهب مراقبون الى الاعتقاد بأن مصر تسعى الى استعادة دورها في محيطها العربي والاقليمي. وهو ما تجلى في إعلان مرسي أمس دعمه وتأيده لاتفاقية الدوحة لسلام دارفور، كما أعلن مشاركة مصر في مؤتمر المانحين لإعادة إعمار الاقليم المأزوم الذي يُعقد في الدوحة الشهر الحالي، كما أن مرسي اراد من زيارته الى الخرطوم الانطلاق الى أهداف اقليمية أيضاً، وذلك بإقامة تكامل ليبي مصري سوداني، إذ ظل الرجل يكرر في كل تصريحاته مسألة التكامل الثلاثي بين الدول الثلاث. ويرجح متابعون أن مرسي يريد إحياء فكرة «المثلث الذهبي». ويرون أن الطرح يُمثل فكرة استراتيجية بالغة الأهمية، مشيرين إلى أن النجاح فى تحقيقها يمثل إحدى حلقات النهوض بالدول الثلاث، وربما بالمنطقة العربية بأسرها.
وكان لافتاً اهتمام الحكومة السودانية بضمان دعم مصر للسودان في القضايا الاقليمية والدولية، في مقابل فتح ابواب التعاون والاستثمار مع الحكومة المصرية. ورفعت رئاسة اللجان الوزارية المشتركة بين البلدين التي تبلغ 28 لجنة فنية الى مستوى رئيسي البلدين بعدما كان يرأسها في السابق النائب الأول لرئيس الجمهورية.