القاهرة | الحريق متعمد، لكن من يقف وراءه؟ كان هذا السؤال الذي شغل المصريين طوال يوم أمس وهم يشاهدون ألسنة اللهب تلتهم مبنى محكمة جنوب القاهرة، حيث وُضعت مجموعة من أهم القضايا المنظورة أمام القضاء، بينها ما هو متعلق بسياسيين سابقين وحاليين، وقضايا قتل الثوار والأولتراس، ليكون الحريق نقطة العودة إلى تبادل الاتهامات، ما بين جماعة الإخوان المسلمين وجبهة الانقاذ. ففي الوقت الذي أمر فيه النائب العام المصري، المستشار طلعت عبد الله، بتشكيل فريق تحقيق من نيابة وسط وجنوب القاهرة للتحقيق في أسباب اندلاع الحريق، وحصر جميع ملفات القضايا بالمبنى، اتهم عضو الهيئة العليا في حزب الوفد، عصام شيحة، جماعة الإخوان المسلمين بأنها هي التي تصنع الأزمات منذ وصول رئيسها إلى الحكم. وأضاف «رغم أنني لا أميل إلى نظرية المؤامرة، إلا أنني أرى أن كل ما يحدث من حوادث داخل البلاد يبدو أنه مفتعل»، ولا سيما أن الإخوان وحدهم هم المستفيدون منها، وحريصون على إغلاق كافة الملفات التي يجري التحقيق فيها الآن وتهم الرأي العام».

بدوره، اتهم الرائد أحمد حافظ، المرشح لانتخابات نادي ضباط الشرطة، جماعة الإخوان بحرق المحكمة وذلك «بسبب إعلان أحمد شفيق، المرشح الرئاسي السابق أنه سيتقدم ببلاغ عن تزوير الانتخابات».
وعقب الحريق، أفادت أنباء غير مؤكدة أن ابرز الملفات المحترقة تشمل قضايا أحداث المقطم، وحرق مقارّ الإخوان ، إضافة إلى التحقيقات الخاصة بأحداث التحرير، إلى جانب الاعتداء على رئيس نادي القضاة المستشار أحمد الزند، وأحداث «محمد محمود» وقضية أحمد قذاف الدم، منسق العلاقات الليبية المصرية سابقاً.
وهو ما حرص المتحدث الرسمي للنيابة العامة، مصطفى دويدار، على نفيه، مؤكداً أن النيابة العامة لديها نسخ الكترونية كاملة من كافة القضايا والتحقيقات المتعلقة بأحداث الثورة وقضايا الرأي العام وغيرها، مخزنة على أجهزة الكمبيوتر الخاصة بالنيابة، مشيراً إلى انه جرى إخراج كافة تلك القضايا والتحقيقات الموجودة في النيابات.
من جهته، رفض أحمد مطر، القيادي في حزب الحرية والعدالة، المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين، اتهام حزبه بأنه وراء الحادث، قائلاً «أحمل واتهم جبهة الإنقاذ بأنها المسؤولة على نحو مباشر عن حادث حريق المحكمة، وما سبقه من حوادث وقعت في مصر». ورأى أن الجبهة «دأبت على ذلك، وأن ما جرى هو أحد أساليبها في إدارة البلطجة، من حرق وقتل»، مؤكداً أن حزبه بريء تماماً من هذه الاتهامات.
وغير بعيد عن المحاكم أيضاً، انتقد قانونيون ومتخصصون في الشأن القضائي المصري، قيام المحامي، محمد حامد سالم، أمس برفع دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري في مجلس الدولة يطالب فيها بإلزام كل من الرئيس محمد مرسي ورئيس مجلس الشورى، أحمد فهمي بإصدار قرار يمنع مجلس الشورى من إصدار تشريعات أو قوانين سوى قوانين تنظيم مباشرة الحقوق السياسية وانتخابات مجلس النواب وتقسيم الدوائر الانتخابية، وذلك حتى بدء إجراءات انتخابات مجلس النواب. ورأى شيحة أن «هذه الدعوى ستُرفض، لأن الدستور المصري الذي استفتي عليه الشعب كان قد أعطى الحق لمجلس الشورى بتشريع ما يلزم الدولة من قوانين في ظل غياب مجلس النواب». وأضاف «رغم وجود اتفاق ضمني بأن يستخدم المجلس الحالي التشريع في أضيق الحدود إلا أنه لم يحترم هذا الاتفاق، لكن هذا لا يعني أنه مخالف للدستور».
بدوره، أكد أحد المتخصصين في شؤون القضاء المصري، الذي فضل عدم ذكر اسمه، «أن هذه الدعوى تأتي في إطار حرص المحامي الذي أقامها على الشهرة، وأنها ستحصل على حكم بعدم القبول».
في غضون ذلك، خرج مفتي الديار المصرية، شوقي علام، عن صمته محذراً من أن المساس بمؤسسة الأزهر الشريف، أو شيخ الأزهر أحمد الطيب يعد مساساً بأمن مصر، ومشدداً على أن أي محاولة للتعدي على الأزهر ستعد بمثابة تقويض لدعائم هذا الأمن.