بعد أسابيع على دعوة رئيس الوزراء العراقي إلى تعاون الكتل السياسية في إجراء تغيير وزاري وتشكيل حكومة تكنوقراط، أعلن رئيس المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم، أمس، أنه أرسل إلى العبادي استقالات وزراء "كتلة المواطن" في النفط عادل عبد المهدي، والنقل باقر الزبيدي، والشباب والرياضة عبد الحسين عبطان.
وقال الحكيم، في كلمته في الملتقى الثقافي الأسبوعي، الذي أقيم في مكتبه في بغداد: "أعلن أننا أرسلنا رسالة رسمية موثقة إلى رئيس الوزراء، وفيها استقالات وزراء كتلة المواطن النيابية".
وفي السياق، أفاد مكتب العبادي عن تشكيل فريق تفاوضي أجرى اتصالات مع القوى السياسية، لبلورة موقف موحد لدعم تشكيل حكومة التكنوقراط، واعتماد جملة إصلاحات لمواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية. وقال المتحدث باسم المكتب سعد الحديثي إن "الفريق التفاوضي أجرى، خلال الأيام الماضية، سلسلة لقاءات مع القوى البرلمانية للتشاور بشأن تشكيل الحكومة الجديدة"، مشيراً إلى أن "الفترة المقبلة كفيلة باختبار مدى جدية الكتل السياسية التي أعلنت أنها ضد المحاصصة". ونقلت وكالة "كل العراق" عن مصادر مطلعة قولها إن "فريق الحكومة التفاوضي يضم مستشار الأمن الوطني فالح الفياض، وأكاديميين من أساتذة الجامعات وشخصيات سياسية".
في غضون ذلك، شهد الميدان العراقي تطورات لا تقل أهمية عن التطورات السياسية، فقد أفيد بأن "داعش" فرض حظراً للتجوال في الموصل، بعد اشتباكات ومواجهات بين أهالي الجانب الأيسر في المدينة وشرطته. يأتي ذلك بعد أيام على اندلاع شرارة "انتفاضة" على "داعش" في مدينة الفلوجة وقضاء هيت، وفي الوقت الذي تستمر فيه الاستعدادات لمعركة الموصل.
وعلى هذا الصعيد، ذكرت خلية الإعلام الحربي، في بيان، أن "رفض عصابات داعش الإرهابية يستمر في جميع الأماكن المغتصبة، حيث حدثت اليوم (أمس) مواجهات واشتباكات في الموصل بين المواطنين وما يسمى الشرطة الإسلامية لداعش، بعدما حاول المواطنون الخروج من الساحل الأيسر نتيجة ذعرهم من تصرفات الإرهابيين ومنع الأهالي من الخروج من المدينة". وأضاف البيان أن "هذا الأمر أدى إلى حصول احتقان لدى الأهالي والاشتباك بالأيدي، ورمي هذه العصابات بالحجارة، الأمر الذي أدى إلى مطاردة ما تسمى الشرطة الإسلامية للمواطنين واعتقال عدد منهم، والاعتداء عليهم، ما أثار سخطهم وجعلهم يقومون بانتفاضة شعبية في ثلاث مناطق من الموصل في الجانب الأيسر". وأشارت الخلية إلى أن "الاشتباكات ما زالت مستمرة لحد الآن".
وأيضاً على صعيد الاستعدادات لتحرير الموصل والتحركات السياسية المترافقة لذلك، أفاد موقع "ذا هيل" المقرّب من الكونغرس الأميركي بأن محافظ نينوى السابق أثيل النجيفي يقوم بتعميق علاقاته مع واشنطن، في محاولة منه لإعادة صياغة السياسة الخارجية لإدارة أوباما تجاه العراق. وأشار الموقع إلى أن النجيفي، الذي طرد من منصبه بتهمة التعاون مع "داعش" بعد دخول التنظيم إلى الموصل، "وقع عقداً في شباط بقيمة 90 ألف دولار، ولمدة ستة أشهر، وذلك مع إحدى جماعات الضغط، لتمثيل الميليشيا السنية التي يسيطر عليها". وبحسب الموقع، فإن النجيفي يروّج إلى أن "الميليشيا – المعروفة باسم قوات الحشد الوطني – تمثل أفضل فرصة متاحة لطرد تنظيم داعش من مدينة الموصل".
ونقل الموقع عن روبرت كيلي، وهو المحامي الذي وقع مع النجيفي من أجل حشد التأييد لـ"الحشد الوطني"، قوله إن "الجميع يقول ليس هناك مقاتلون سنّة على استعداد للقتال في العراق. حسناً، هذه كذبة". وكان كيلي قد أمضى عامين كموظف في السفارة الأميركية في بغداد، وأيضاً عمل في وقت سابق في مبنى الكابيتول (مقر الكونغريس).
التقرير نقل عن الباحث في "مركز رفيق الحريري" التابع لـ"المجلس الأطلسي للشرق الأوسط" ارون شتاين قوله "إنهم يستخدمون القتال ضد داعش وسيلة لتقوية حجتهم"، مضيفاً أن هذه الاستراتيجية تستند إلى "الاعتقاد السائد أن الطريقة الوحيدة لهزيمة داعش هي بتأسيس قوة سنّية".
في هذه الأثناء، شرعت القوات الأميركية ببناء قاعدتين عسكريتين جديدتين في محافظة الأنبار (غرب العراق)، استعداداً لتحريرها بالكامل من سيطرة "داعش"، وإعادة إعمارها، على ما ذكر ضابط عراقي في قيادة عمليات الأنبار. وأوضح هذا الضابط أن "القوات الأميركية بدأت بإنشاء قاعدة في منطقة الحمرة شمال شرقي الفلوجة، وأخرى عسكرية قرب حقل عكاس الغازي الواقع قرب الحدود العراقية السورية"، مشيراً إلى أن "هاتين القاعدتين هما إضافة إلى قواعد أميركا العسكرية في الحبانية وعين الأسد". ولفت إلى أن "المرحلة المقبلة تؤكد زيادة الوجود العسكري في الأنبار، التي بدأت تنتفض على داعش والتخلص منه"، مضيفاً أن "القادة العسكريين الأميركيين أكدوا، في أكثر من لقاء جمع القادة العراقيين في الفترة الأخيرة، أن الاستراتيجية العسكرية الأميركية تشير إلى زيادة الوجود في الأنبار، التي ستكون منطقة تنعم بالأمان خلافاً لما كانت عليه خلال الـ13 عاماً الماضية".