القاهرة | استمراراً للأزمة المكتومة داخل جبهة الإنقاذ بين أحزابها، علمت «الأخبار» من مصادر سياسية مطلعة أن حزب الوفد برئاسة السيد البدوي يدرس الانسحاب من جبهة الإنقاذ الوطني، في انعكاس واضح لحالة التخبط وعدم الانسجام بين أقطاب الجبهة المعارضة. وكان رئيس حزب الوفد قد تلقى العديد من الرسائل الهاتفية من أعضاء الحزب على مدار اليومين الماضيين يطالبونه فيها بالانسحاب من الجبهة فوراً، وهو ما لاقى قبولاً من قبل السيد البدوي الذي امتنع عن حضور اجتماع الجبهة أمس، بحسب ما أكدت المصادر المطلعة. وأضافت المصادر أن أعضاء الحزب طالبوا البدوي بمقاطعة جميع أعمال جبهة الإنقاذ إلى حين تحسين أدائها، موضحة أن غالبية أعضاء الحزب لديهم تحفظات على أداء الجبهة في الآونة الأخيرة وتصريحات بعض قادتها، ولا سيما تلك التي لا تتفق مع مبادئ الحزب، مثل ترحيب البعض بعودة الجيش إلى الحياة السياسية. كذلك أبدى الأعضاء في رسائلهم رفضهم لسيطرة بعض الأحزاب الوليدة على الجبهة، وما يعتبرونه «تهميشاً لحزب عريق مثل الوفد».
حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، يرى في خطوة انسحاب البدوي أنها بمثابة البداية الفعلية لتفكك الجبهة. «فحزب الوفد في ظل قياداته الحالية لا يمكن الوثوق به»، مشيراً إلى أن الجبهة منذ تكوينها وهي معرضة للانقسام، في ظل اختلاف الأيديولوجيات بين أعضائها.
وأوضح نافعة أن الصياغة الأفضل لاستمرار جبهة الإنقاذ هي توحد القوى الثورية، الكيانات السياسية التي تشكلت بعد الثورة فقط، لتكون أكثر تماسكاً، وذلك في إشارة منه إلى عدم التحالف مع الأحزاب القديمة التي نشأت في عهد الأنظمة السابقة واستمرت إلى ما بعد الثورة، كحزبي «الوفد والتجمع الوطني الوحدوي التقدمي».
كذلك حذر نافعة من تأثير المشاكل التي يشهدها حزب الدستور، برئاسة محمد البرادعي، والتي كان آخرها اعتصام عدد من الشباب، اعتراضاً على تعطيل لائحة الحزب وعدد من المشاكل التنظيمية. أداء البرادعي لا يثير فقط الاعتراض داخل حزبه، بل أيضاً يمتد ليثير الخلافات داخل الجبهة.
أحمد كامل، الباحث السياسي في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، يرى أن الاختلافات الايديولوجية ليست وحدها السبب في تفكك الجبهة على المستوى الزمني القريب، مشيراً إلى انقسامات داخلية غير معلنة بين قادتها.
وذكّر بأن «التباين تجاه المشاركة في انتخابات مجلس النواب المقبل من عدمها، هو أول ما فجر الأزمة داخل الجبهة». كذلك كان الحوار مع الرئيس محمد مرسي أحد الأمور التي سبّبت شق صفوف الجبهة، ولا سيما بعد لقاء رئيس حزب الوفد رئيس الجمهورية من دون علم الجبهة.
كامل يرى أن هذه التناقضات لا تزال مستمرة في الجبهة في ما يخص شرعية الرئيس الحالي من عدمها، وحتى المتفقون على إسقاط شرعيته يختلفون حول آليات إسقاطه ونظامه الحاكم الآن. وهو ما يشير إلى صعوبة استمرار الجبهة، إضافة إلى مقاطعة قيادات الصف الأول للجبهة لآخر اجتماعين لها.
كذلك فإن القوى الثورية والشباب لديهم العديد من التحفظات، ومنها، وفقاً لكامل، أن الجبهة تضم فلول النظام السابق، ودائماً ما تتساءل هذه القوى «كيف يجلس الثوار على مائدة واحدة مع رئيسي حزب الوفد والمؤتمر؟». وهو ما أفقد الشارع الثقة بما تصدره من قرارات على غرار ما حدث أمس.
وبعد سلسلة من المواقف الثابتة في ما يتعلق باستقلال القضاء ورفض استمرار النائب العام لمنصبه والانتقاد الشديد لجماعة الإخوان المسلمين، أعلنت أن قادتها يعكفون حالياً على إعداد «برنامج للإنقاذ الوطني»، فيما ستكون الأيام المقبلة كفيلة بإظهار إلى أي مدى ستنجح الجبهة في تحقيق هذا البرنامج في ظل تبايناتها.