رام الله | رأى مراقبون أن انتخاب خالد مشعل لولاية خامسة رئيساً للمكتب السياسي لحركة «حماس» جاء بعد تفاهمات داخلية وخارجية حول شخصه، على اعتباره رجل المرحلة الراهنة، متوقعين حصول تقدّم في دور الحركة الداخلي والخارجي، إضافة الى إحداث خرق في المصالحة الفلسطينية المتعثرة، في الوقت الذي كشفت فيه تقارير صحافية تفاصيل حول عملية الانتخاب السرية التي جرت برعاية المخابرات المصرية. وقال المحلل السياسي طلال عوكل لـ«الأخبار» إن اختيار مشعل بهذه الطريقة، التزكية، يشي بوجود مساومات وتفاهمات داخل الحركة. وأضاف أن السر في إصرار قيادات الإخوان على خالد مشعل هو «قربه إلى حد كبير من رؤية وتوجّه الإخوان في المنطقة بعد الربيع العربي»، مشيراً الى أن مشعل هو أكثر استعداداً للاستجابة للمتغيرات في المنطقة للتقدم أكثر نحو مواقع العمل السياسي، بعيداً عن الآليات التقليدية القديمة، والبرنامج المتطرف.
وقال عوكل إن مشعل كانت له أخيراً مواقف تتعلق بالمصالحة جوبهت باعتراضات علنية من قبل قيادات «حماس» في الداخل، وبالتالي لم تعد الآن هذه المعارضة فاعلة بعد جنوح الحركة نحو الاعتدال بفوزه. وعلى ذلك، رأى أن «مشعل يقدم الرؤية الأكثر استجابة لموضوع المصالحة باعتبار أنه يؤمن بإمكانية أن تتطلع «حماس» إلى الاستحواذ على القرار الفلسطيني من داخل المؤسسة الفلسطينية، وليس من خارجها»، في إشارة إلى منظمة التحرير الفلسطينية. وبالنسبة إلى عملية السلام، استبعد عوكل جنوح «حماس» إلى المهادنة والتسوية مع إسرائيل، ولا سيما في ظل الحديث عن قبول مشعل بدولة على حدود عام (1967)، وفقاً لتصريحات أدلى بها سابقاً في مقابلة تلفزيونية، إضافة إلى تأييد الحركة للخطوة الفلسطينية بالانضمام إلى الأمم المتحدة، بعدما رفضتها مراراً. ورأى أن تلك المؤشرات، إضافة إلى حديث البعض عن قبول الإخوان لاتفاقية كامب ديفيد، لا تعتبر كافية للجزم بوجود تحول سياسي في الحركة، معللاً ذلك بأن عملية السلام أثبتت مع الزمن أنها عملية فاشلة، ونموذج لا يحتذى به.
وكان مشعل قد أعلن نيته عدم الترشح للمنصب لولاية جديدة، لكنه عاد وتراجع عن قراره بعد ضغوط داخلية وخارجية. وفي هذا الشأن يؤكّد المحلل المتخصص في الشأن الفلسطيني، إبراهيم الدراوي، أنّ ضغوطاً داخلية من أعضاء الحركة وكذلك خارجية، وخصوصاً من مصر وقطر وتركيا، دفعت باتجاه الإبقاء على مشعل، نظراً إلى امتلاكه كاريزما مقبولة في العديد من الأصعدة، وفي ظل مرحلة دقيقة تمر بها الحركة بعد خروجها من العاصمة السورية دمشق التي اتخذتها مقراً على مدى السنوات الماضية.
وقال الدراوي إن «مشعل كان يريد تقديم نموذج بالتخلي عن منصبه طواعية، لكن من ضغطوا عليه كانوا يرون أن الظروف التي تمر بها حماس والمنطقة لا تناسب هذا التوجه، كما أن الإنجازات التي حققتها الحركة سواء في صفقة الأسرى أو في اتفاق التهدئة بعد الحرب مع إسرائيل دفعت باتجاه الإبقاء على مشعل».
واتفق الدراوي مع عوكل على أن استمرار مشعل في قيادة «حماس» سيساعد في الدفع باتجاه إنجاز ملف المصالحة الفلسطينية الذي تعثر طويلاً.
وبالنسبة إلى المصالحة أيضاً، أكد الباحث المتخصص في قضايا الشرق الأوسط، حسن عبد، أن مشعل أنهى عملية الانقسام في قمة الهرم السياسي بينه وبين الرئيس محمود عباس، إلى درجة أنه قال إن مواقفه تتطابق مع مواقف الرئيس، ولكن التطبيق على الأرض في مجال إنهاء الانقسام قد تعثّر بسبب عوامل عديدة، منها وجود تيار في «حماس» أكثر تشدداً كان يرفض تطبيق اتفاقية الدوحة.
من جهة ثانية، ذكرت مصادر صحافية أنه جرى انتخاب أبو الوليد لولاية خامسة في مكان سرّي في القاهرة أشرفت المخابرات المصريّة على اختياره، فيما انتُخب إسماعيل هنية نائباً أول له خلفاً لموسى أبو مرزوق، فيما تحدثت تقارير عن وجود نائبين آخرين تحفظت الحركة على كشف اسميهما بشكل رسمي. وأشارت مصادر إلى أن الانتخابات أفضت إلى خروج قيادات عريقة من المكتب السياسي للحركة مثل: محمود الزهار، وعزت الرشق، لصالح وجوه جديدة كالأسيرين المحررين: يحيى سنوار، وروحي مشتهى.
وفي حين تحدثت مصادر عن أن فوز هنية بمنصب نائب الرئيس جاء لإحداث التوازن بين الداخل والخارج، أوردت «الجزيرة نت» أن حصول هنية على منصب نائب الرئيس جاء بعد فوزه بالعدد الأكبر من الأصوات في انتخابات المكتب السياسي. وأوضحت أن المنافسة انتهت بثلاثة مرشحين، وهم خالد مشعل، وموسى أبو مرزق، وإسماعيل هنية، قبل أن يتنازل الأخيران ليفوز خالد مشعل بالتزكية.