عادة ما يحاول الاحتلال الإسرائيلي استغلال بعض الصدامات مع غلاة المتطرفين اليهود، بهدف تقديم صورة عن الدولة العبرية كما لو أنها تحافظ على حقوق الإنسان الفلسطيني، فيما التدقيق في السياسات الإسرائيلية المتبعة منذ عشرات السنين، يُظهر حقيقة أن الفرق بين الطرفين هو أن الدولة تتبع سياسة أكثر ذكاء في مصادرة الأراضي لصالح المستوطنات، عبر شرعنتها وملاءمة أي خطوة لقوانين تم سنها لتحقيق هذه الغاية.
وكنموذج تطبيقي لهذه السياسة يأتي التقرير الذي نشرته صحيفة «هآرتس»، وكشفت فيه أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي خصصت للفلسطينيين من الاراضي العامة، في الضفة الغربية 0.7 % أي 8700 دونم فقط، مقابل 37%، أي ما يعادل 400 الف دونم، بهدف إقامة المستوطنات. مع الاشارة إلى أن مساحة «الأراضي العامة» في الضفة الغربية تبلغ 1.3 مليون دونم، وكانت مسجلة حتى العام 1979 على اسم حكومة المملكة الأردنية الهاشمية.
استندت «هآرتس»، في تقريرها إلى وثائق قدمتها مؤخراً «الإدارة المدنية» التابعة للاحتلال، إلى إحدى المحاكم في الضفة الغربية، تبين منها انه منذ العام 1979 اخذ الاحتلال يعلن عن الأراضي التي كانت مسجلة على اسم الحكومة الأردنية، بأنها «أراضي دولة» بهدف الاستيلاء عليها لصالح اقامة المستوطنات. واعترفت «الإدارة المدنية» أمام المحكمة بأن الإعلان عن هذه الأراضي كـ«أراضي دولة» قد اتخذ على خلفيات سياسية من اجل الاستيلاء عليها لبناء المستوطنات.
ويتبين من التقرير الذي قدَّمته «الإدارة المدنية» مؤخراً لإحدى المحاكم الإسرائيلية أنه تم تخصيص 30% من هذه الأراضي منذ عام 1967 لصالح البناء الاستيطاني، وتصل مساحة هذه الاراضي التي اقيمت عليها مستوطنات الى 400 الف دونم، في حين تم تخصيص 7% لمبانٍ عامة وبنى تحتية لهذه المستوطنات بما يصل الى 103 آلاف دونم، وتم تخصيص 11% لمكاتب ومبانٍ حكومية بما يصل الى 160 ألف دونم.
اما لجهة تفاصيل تخصيص اراض للفلسطينيين، البالغة نحو 0.7% من اراضي الدولة، فقد ذكر تقرير الإدارة المدنية، أنه تم تخصيص 6910 دونمات في منطقة جنين، هي اليوم في منطقة (أ) و (ب)؛ وفي منطقة الخليل تم تخصيص دونم واحد؛ في منطقة بيت لحم 630 دونماً للبدو؛ في منطقة نابلس وأريحا خصص 1.000 دونم؛ في طولكرم 10 دونمات، وفي منطقة رام الله لم يحصل الفلسطينيون على إنش واحد من اراضي الدولة.