تونس | اكتظ أمس شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة التونسية بآلاف الناشطين الآتين من ١٤٠ دولة ليطالبوا بالحرية، حيث قدر خبراء وناشطون عدد المشاركين في هذه التظاهرة بـ٧٠ الف مشارك يمثلون ٤٥٠٠ جمعية، بينها ١٠٠٠ جمعية تونسية. ويمثل الاتحاد العام التونسي للشغل الوجهة الأولى التنظيمية، إذ يمثل الجهة الأساسية التي تستضيف المنتدى، بينما وفرت الحكومة كل مستلزمات النجاح لهذا الملتقى العالمي الذي أنعش السياحة التونسية التي تعاني من الركود. ومثّل هذا الملتقى رد فعل تونسي غير رسمي على القمة العربية التي لا ينظر اليها التونسيون بعين الارتياح بسبب ما يحف بها من تدخل سافر في الشؤون العربية ومنها الشأن التونسي من دولة قطر.
وقد انطلقت التظاهرة ظهر أمس في شارع الحبيب بورقيبة بتظاهرة شارك فيها آلاف النشطاء من مختلف أنحاء العالم. ورُفعت شعارات لتحرير فلسطين وكذلك لوحظ حضور نشطاء من الصحراء الغربية ولاجئين مقيمين في مخيم الشوشة جنوب تونس الذي سيغلق قريباً.
كما حضر ناشطون من كوسوفو وعدد من الناشطين من أميركا اللاتينية وأوروبا الشرقية سابقاً وأفريقيا، حيث التقت أغلب الشعارات حول الحرية وتحرير المرأة والانتصار للفقراء. ولعل ابرز الشعارات «فلتسقط الفاشية».
وتواصلت المسيرة على مسافة أكثر من ٥ كيلومترات من ساحة «١٤ يناير» الى حدود المجمع الرياضي في ضاحية المنزه. كما شاركت مجموعة من الجمعيات منها اتحاد المعطلين من العمل وجمعيات مناصرة سوريا ضد الاعتداءات الوهابية.
المسيرة العارمة التي افتتحت المنتدى الاجتماعي العالمي مثلت حدثاً كبيراً أكد تعلق تونس بالحرية وإيمانها بحق الشعوب في تقرير مصيرها ضد إرادة حكامها الجدد المورطين في النزاع السوري. واعتبرت قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل تنظيم هذا الملتقى في تونس انتصاراً كبيراً لأصوات الحرية، بينما دعت قيادة الاتحاد (أعرق المنظمات النقابية العربية) منخرطيها الذين يعدون بالالاف وأنصارها الى المشاركة المكثفة في التظاهرة. وهو ما حدث. وكان شعار رفع المديونية عن تونس والبلدان الفقيرة من بين الشعارات الأساسية التي طالب بها المشاركون واغلبهم من ممثلي القوى اليسارية.
رغم الطابع غير الرسمي لهذا المنتدى العالمي يمكن اعتباره حدثاً سياسياً بارزاً أكد قوة المجتمع المدني في تونس وقدرته على صنع الحدث، فمنذ ساعات الصباح الأولى توافد التونسيون والأجانب على المجمع الجامعي الذي عرف أهم الأحداث السياسية التي غيرت تاريخ تونس؛ من أبرزها حركة فيفري الطلابية التي قادها اليسار، والتي القت بظلالها على الحركة الطلابية والنقابية والسياسية فيما بعد.
وإلى حدود ٣٠ آذار ستكون العاصمة التونسية منبراً للحرية وحضناً لنشطاء العالم الحالمين بالحرية ضد ثقافة السواد التي تنشرها الدويلات الخليجية وخاصة قطر عن طريق قناتها الجزيرة وممثليها من الأحزاب السياسية الحاكمة.
ويمثل احتضان تونس لهذا الملتقى رسالة قوية وعميقة للحكام الجدد الذين استهانوا بقوة اليسار وقدرته على حشد التأييد الدولي كما ظهر ذلك واضحاً من الشعارات المرفوعة. ومن بين العناصر التي تقبلها التونسيون بالكثير من الارتياح التعزيزات الأمنية الكبيرة التي وفرتها السلطة لضمان أمن المتظاهرين الذين يُعدّون بالآلاف الى جانب ضمان الحياة اليومية لآلاف الناشطين والصحافيين من مختلف أنحاء العالم. وتميزت هذه التظاهرة بشعاراتها المنددة بالوحشية الإمبريالية، والحديث عن قيم التضامن والدفاع عن الفقراء والمقصيين.
ويشارك في هذا الملتقى اكثر من ٢٠٠ نقابة من مختلف أنحاء العالم. أما المحاور الرئيسية لنقاشات الورشات فتتعلق بـ١١ محوراً منها التشغيل والشباب والمرأة والإعلام البديل والمناجم والحوض المنجمي والحروب والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والصحة والتعليم.
ويتوقع ان يخيم الموضوع السوري على فعاليات المنتدى، حيث كانت تظاهرة يوم امس قد رفعت شعارات تساند القيادة السورية وتندد بالتدخل الأجنبي وتوظيف المجموعات المتطرفة لاغتيال سوريا.
وقد رفع عدد كبير من المشاركين في المسيرة الأعلام السورية.
وستختتم هذه التظاهرة العالمية بتنظيم مسيرة ذكرى يوم الارض ٣٠ آذار من ساحة «١٤يناير» الى مقر السفارة الفلسطينية في ضاحية المنزه. الاتحاد العام التونسي للشغل، الذي يمثل العمود الفقري، أراد من خلال هذه التظاهرة توجيه رسالة الى الحكام الجدد بأنه لا خيار الا الدفاع عن مصالح الفقراء والفئات المهمشة ضد الرأسمالية المتوحشة، حسبما قال الأمين العام للاتحاد حسين العباسي.
ولعل تزامن هذا المنتدى مع القمة العربية في الدوحة ابلغ رد على «الحماقات» التي ارتكبها الرئيس المؤقت منصف المرزوقي، حسب تقديرات أحزاب المعارضة والمنظمة النقابية الأولى.